الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

اتفاقية الحدود البحرية.. التناول والدلالات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- قبل أن نبدأ علينا أن نؤكد أن تناول الإعلام لاتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية كان مزيفا للموضوع الأصلي؛ حيث تحول العنوان فجأة إلى موضوع جزيرتى «تيران وصنافير»!!
- المخجل أن البرلمان كمؤسسة رسمية تناول الموضوع تحت العنوان الزائف نفسه أيضا، بينما لم نسمع فى الجانب السعودي من تناول الاتفاقية تحت عنوان «سلطان والأخوين» سعودية؛ فهى جزر سعودية جعلها خط المنتصف البحرى الحدودي ضمن المياه الاقتصادية المصرية!!
- وكما كان فرق التناول المصرى والسعودى كاشفا، كشفت أيضا دلالات الجدل الشعبى والرسمى أننا مقطوعو الصلة تماما مع أى «بنية حوار» ناهيك عن قطيعتنا الحصرية مع أية قيم أو أدنى ثقافة ديمقراطية، بينما نلح فى طلب الديمقراطية بشكل دائم وثورى. وهو ما ظهر جليا، فالتخوين كان سيد الموقف بامتياز ومن وافق على الاتفاقيه «عميل» ومفرط فى الأرض والعرض و«خائن» ومستبعد من أى حوار أصلا، وكل من عارض الاتفاقية ورفض تعيين الحدود البحرية «وطنى» ولو كان من فلول الفساد وعتاته!! 
- أما عن دلالات «الإجراءات» من السلطات الثلاث، فحدّث ولا حرج، حيث كشف (سيناريو الإجراءات) لإنفاذ الاتفاقية عن تردٍ مؤسسى غير مسبوق!! 
- البداية: السلطة التنفيذية أعدت الاتفاقية، بينما لم يوقع الرئيس عليها حسب ما نص الدستور، فتوقيع ولى ولى العهد عن الطرف السعودى فرض علينا أن يوقعها من الجانب المصرى رئيس الوزراء. 
- ثم رفعت قضية على الاتفاقية فدخلت إلى ساحة السلطة القضائية ممثلة فى القضاء الإدارى، وهو ما رأت السلطة التنفيذية عدم اختصاصه بأعمال السيادة والأعمال التى تشترك فيها هى والسلطة التشريعية ولا تصدرها منفردة، والتى لا يترتب على توقيعها من السلطة التنفيذية «أى أثر»، وحيث تنتفى شروط القرار الإدارى الاثنين «الانفراد» و«الأثر». 
- وهنا لجأت السلطة التنفيذية إلى «عناد» السلطة القضائية ورفضت أن تقدم لها نص الاتفاقية. 
- السلطة القضائية بدورها قابلت «العناد» الحكومى «بالتجاهل»، وحكمت فى القضية ببطلان توقيع ممثل الحكومة على الاتفاقية، رغم أن القاضى أكد فى حيثيات الحكم أنه طلب من ممثل الحكومة ثلاث مرات أن يحضر الاتفاقية دون جدوى، وحكم القاضى دون أن يطلع على الاتفاقية أصلا، ومستندا على المادة ٩٨ من دستور البلاد التى رأى فيها بسطا جديدا لسلطان القضاء الإدارى على أعمال السيادة، وطعنت الحكومة على الحكم ورفضت الإدارية العليا طعنها، وأيدت الحكم. 
- القضاء العادى «المستعجل» دخل على الخط وحكم ببطلان اختصاص القضاء الإدارى، وصار هناك «حُكمان» ومنازعة تنفيذ تقدم بها ممثل الحكومة إلى القضاء الدستورى!!
- السلطة التشريعية اعتبرت نظر السلطة القضائية (تغول) على حقها الدستورى الحصرى فى مناقشة الاتفاقيات الدولية والتصديق عليها أو رفضها، فردت «بتجاهل» أحكامها، وناقشت الاتفاقية بعد أن قررت عدم انتظار نتيجه التنازع القضائى من قبل القضاء الدستورى. 
- بيان الدستورية اتهم القضاء عموما، إدارى وعادى، «بالافتئات» و«التغول على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وفقا لنص المادة (١٥١) التى تعطى السلطة حصريا لهما فى عقد الاتفاقيات الدولية (سلطة الموافقة) البرلمان و(سلطة التصديق) الرئيس.
- واتهم القضاء عموما «بالعدوان» على سلطة المحكمة الدستورية المنفردة والحصرية فى رقابة كل ما يصدر عن البرلمان. 
- كما اتهم القضاء الإدارى «بتجاوز» اختصاصاته المحددة بالمادة (١٩٠) من الدستور، فليس من حقه أن يناقش أعمال السيادة التى تمارسها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة «حكم»، وليست سلطة «إدارة» ولا تمارسها «منفردة»، بل مشتركة مع السلطة التشريعية.
- ولكن يبقى السؤال ملحا: لماذا وافقت السعودية على تعيين الحدود البحرية معنا الآن وبسرعة، ورغم تأخرها عنا ٢٠ عاما كاملة فى إبلاغ الأمم المتحدة بنقاط الأساس الخاصة بها، ولماذا هى التى تسعى الآن وتستعجل بينما نحن الأحوج لبترول وغاز البحر الأحمر والخليج؟؟! للإجابة عن السؤال نقول: 
- أولا: وقّعت مصر على الاتفاقية الدولية لتعيين الحدود البحرية فى العام ٨٢، ووافق برلمانها فى ٨٣، وصدر قرار رئيس الجمهورية بالتصديق فى العام ٩٥ بعد أن اكتمل نصابها القانونى العالمى.
- ثانيا: أبلغت مصر فى العام ٩٠ الأمم المتحدة بنقاط الأساس الخاصة بها (٥٦ نقطة)، كى تتمكن من تعيين حدودها وغنى عن البيان حاجة مصر الماسة إلى استخراج تلك الثروات وعدم حاجة المملكة السعودية طبعا. 
- ثالثا: السعودية لم تبلغ بنقاط الأساس الخاصة بها إلا بعد ٢٠ سنة من إبلاغ مصر؛ لأن الموضوع غير ملح بالنسبة لها، فهى دولة غنية وتملك ثالث احتياطى نقدى عالميا بعد الصين واليابان، والأولى إقليميا فى احتياطى الذهب والعربية الوحيدة فى مجموعة الدول العشرين الكبار، فأبلغت فقط فى العام ٢٠١٠ بـ (٧٨) نقطة أساس، منها ٩ نقاط فى تيران وواحدة فى صنافير، اعترضت مصر على ٦ منها ورضخت السعودية لتعديلها. 
- رابعا: ظروف احتدام الصراع الإيرانى السعودى، وهدف السعودية التخلص من نقاط ضعفها، فهى تنقل ثروتها النفطية عبر مضيق هرمز إلى آسيا وعبر البحر المتوسط، مرورا بالعراق وسوريا إلى أوروبا وأمريكا. 
- خامسا: خشية السعودية من حرب تندلع بينها وبين إيران فجأة، واحتمال أن تضرب إيران خطوط أنابيب النفط السعودى التى تمر عبر سوريا، وأن تغلق مضيق هرمز جعلها تفكر فى أن تكون اليمن بديلا عن هرمز الإيرانى فى الوصول إلى المحيط الهادى بنفطها، وفهمت إيران فدخلت معها فى مواجهة فى اليمن وسلحت الحوثيين الشيعة وألبتهم ضد السعودية. 
- لذلك ولغيره فكرت السعودية أن تجهز مسرح العمليات للمعركة المنتظرة، وأن تؤمن نفطها؛ فقررت أن تلجأ إلى تعيين الحدود مع مصر؛ فأبلغت الأمم المتحدة بنقاط الأساس، ودخلت إلى تعيين الحدود فورا واستلام الجزيرتين مجددا لتنفيذ جسر الملك سلمان المزمع إنشاؤه سعوديا لمد خط أنابيب بديل للنفط السعودى أسفل جسم الجسر وتدفق النفط السعودى إلى مصر وتصديره عبر قناه السويس بدلا من سوريا. 
- وهنا طلب السعودى بوديعته التى ترك إدارتها وحمايتها لمصر منذ العام ١٩٥٠، ولظروف احتدام الصراع الإيرانى السعودى ضغطت السعودية لتسريع الموضوع والانتهاء منه بشكل أزعج الإدارة المصرية، وكاد أن يوتر العلاقات البينية الاستراتيجية بين البلدين. 
- المخابرات الإيرانية وحليفتها القطرية، راحتا تعملان ليل نهار لتعطيل الموضوع حتى لا تتمكن السعودية من ذلك، وحتى لا تستفيد مصر أيضا من ذلك، وتتمكن أيضا من استخراج خيراتها فى الخليج والبحر من بترول وغاز وتخرج من أزمتها الاقتصادية. 
- يبقى أن نؤكد أن «بعض» من أرادوا أن يعرقلوا اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية استهدفوا الآتى: 
- أولا: إفساد علاقتنا بالسعودية فى هذه المرحلة الخطيرة التى نحتاج فيها وبشدة إلى الدعم السياسى والعلاقات السياسية للسعودية والدعم المادى السعودى تاليا.
- ثانيا: حرماننا من استخراج ثرواتنا فى خليج العقبة والبحر الأحمر من بترول وغاز رغم حاجتنا الماسة للأموال فى هذه الظروف الصعبة كحل سريع لأزماتنا الاقتصادية الخطرة التى تهدد أمننا القومى بشراسة. 
- ثالثا: إصرار وتعمد تشويه الرئيس البطل عبدالفتاح السيسى وتخوينه واتهامه بالتفريط تمهيدا لتهييج الجماهير عليه وإسقاطه وإبعاده عن السلطة.