أظهرت احدى تجارب إطلاق الصواريخ التي أجرتها كوريا الشمالية في شهر مايو الماضي، أن برنامج تطوير الصواريخ الباليستيه لبيونج يانج بات وشيكا.
وذكرت صحيفة "نيكاي" اليابانية اليوم الأحد، أنه في يوم 14 مايو الماضي، أطلقت بيونج يانج صاروخا متوسط المدى "هواسونغ12"، ووصل الصاروخ إلى إرتفاع أكثر من ألفي كيلومتر، وأبعد من الغلاف الجوي للأرض الذي يبلغ 480 كيلومترا، ثم ضرب بحر اليابان بسرعة 15 ماخ (وحدة قياس سرعة الصوت).
وأشارت الصحيفة إلى أن الصاروخ لم يتفكك عند دخوله إلى الغلاف الجوي مما يدل على أنه قادر على حمل رأس حربي نووي.
وعلاوة على ذلك، يُعتقد أن الإلكترونيات الصاروخية كانت قادرة على الحفاظ على قياس درجة الحرارة في الداخل، وسرعة الطيران وربما غيرها من البيانات - وإرسال المعلومات إلى غرفة التحكم في بيونج يانج.
وفي وقت سابق، قال مصدر أمني على دراية بظروف الدفاع الصاروخي اليابانية "يبدو أن كوريا الشمالية أكملت تطوير صاروخ نووي موجه نحو اليابان".
وتطلق الصواريخ الباليستية عادة على ثلاث مراحل: الارتفاع ببطء والبقاء في الفضاء وأخيرا إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي للأرض.
وهناك أنظمة دفاع صاروخي مصممة لاستهداف الصاروخ الباليستي في كل من هذه المراحل، ويحاول نظام "ايجيس" المضاد للصواريخ الذي تستخدمه قوات الدفاع الذاتي في البحرية اليابانية اعتراض الصواريخ في المرحلة الثانية، ولكن ليس على ارتفاع ألفي كيلومتر، حيث يبلغ مدى صاروخ نظام "ايجيس" المتطور ألف كيلومتر.
ويمكن أن تنظر اليابان في نشر نظام دفاع صاروخي أرضي مثل أيجيس آشور، ولكن هذا النظام لا يقدم أي ضمانات، ومن الصعب ضرب الأهداف المتحركة، خاصة عندما تتحرك بسرعة 15 ماخ.
ولدى قوات الدفاع الذاتي الياباني أيضا صواريخ اعتراض أرض - جو من طراز باتريوت باك-3 تحت تصرفها، وهي مصممة لاعتراض الصاروخ حينما يدخل مرة أخرى في الغلاف الجوي - ولكن ليس تلك الصواريخ التي تطلق بسرعة صاروخ هواسونغ -12.
وترى الصحيفة اليابانية أنه يمكن نشر أنظمة الدفاع ثاد الأمريكية في اليابان يوما ما، ولكن حتى احتمالية اعتراض تلك المنظومة الدفاعية لصورايخ بيونج يانج منخفضة.
وعلى الرغم من أن اليابان أنفقت مبالغ هائلة لنشر أنظمة الدفاع الصاروخي الأمريكية الصنع، فإنها تزال لا تملك درعا ضد أحدث صاروخ لكوريا الشمالية.
وتنوه الصحيفة إلى أن هناك بلدا آخر يساعد بيونج يانج في تسريع برنامجها لتطوير الصواريخ، حيث نقلت عن مصدر أمني ياباني قوله إن روسيا تدعو مهندسي كوريا الشمالية الشباب والموهوبين إلى منشآتها البحثية، ثم تدرسهم التكنولوجيا الرئيسية للصواريخ البالستية.
وأوضحت الصحيفة أنه خلال الحرب الباردة، حاكت الصين صواريخ سكود قصيرة المدى السوفيتية الصنع، وحصلت بيونج يانج على مخططات من الصين وبدأت صنع صواريخ سكود الخاصة بها، وفي وقت لاحق، بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي، لجأ بعض المهندسين العاطلين عن العمل من الاتحاد السوفيتي إلى كوريا الشمالية للعمل هناك.
وبناء عليه فإن مهندسي كوريا الشمالية الحاليين على الأقل، على دراية بتقنيات الصواريخ السوفيتية والروسية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر دافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن برنامج التنمية النووية لبيونج يانج، قائلا إن دولة صغيرة مثل كوريا الشمالية ليس لديها خيار آخر سوى امتلاكها سلاحا نوويا إذا كانت تريد الحفاظ على استقلالها وأمنها. كما وافقت روسيا على فتح طريق شحن للركاب والبضائع بين البلدين.
ويبدو أن موسكو تزيد من تأييدها لبيونج يانج، وأن لها تاريخ من المساعدت العسكرية للبلاد، وفقا لما أوردته الصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى أن روسيا قد تقدم المساعدات لكوريا الشمالية لتصنيع صواريخ نووية، لتضييق الخناق على الولايات المتحدة، كما تفعل موسكو مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مشيرة إلى أنه ينظر للصراع السوري على انه حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا.
كما تقوم موسكو ببناء وجودها العسكري على حدودها مع إستونيا ولاتفيا وهما دولتان سوفييتان سابقتان اختارتا الاستقلال بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وأصبحت فيما بعد أعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وأوضحت الصحيفة أن روسيا تمارس الضغط في الشرق الأوسط وكذلك في أوروبا الشرقية، وإذا استطاعت ان تفعل الشيء نفسه في شمال شرقي آسيا، فانها بذلك قد تضعف من تركيز الجيش الامريكي.
وفي هذا السياق، فإن كوريا الشمالية هي أداة تستخدمها روسيا - وبجهد ضئيل - لإزعاج الولايات المتحدة.
وعلى شاكلة حلف ناتو فإن الولايات المتحدة واليابان لديهما معاهدة أمنية تمكن الولايات المتحدة من الدفاع عن اليابان إذا تعرضت الدولة الآسيوية لهجوم، فيما يمكن لروسيا أن تستخدم كوريا الشمالية كمجال اختبار لقدراتها الصاروخية.
وأظهرت وقائع زلزال وتسونامي اليابان في عام 2011، أن طوكيو تفتقر إلى قدرات مرضية في مجال التموين والدعم الميداني. ولم تحدث أي تحسينات في السنوات الفاصلة، ويرجع ذلك أن الحكومة ركزت على الحصول على أنظمة باهظة الثمن، بما في ذلك أنظمة الصواريخ المضادة للصواريخ، ولكن بدون دعم ميداني كاف.