السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

من مفكرة ثورة 30 يونيو: الإعلام وتحدي النفق المظلم "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نواصل الحديث عن كواليس ما حدث فى ماسبيرو يوم ٣ يوليو؛ حيث لم أتحدث إلى وزير الإعلام، ولكن كانت كل الاتصالات تتم عبر رئيس الاتحاد، وقد ساعدنى ذلك على إدارة التغطية بهدوء بعيدا عن أى ضغوط، وأعطى الفرصة للفريق المعاون ومن هم تحت رئاستهم من التنفيذيين للعمل وفق ما يمليه عليهم ضميرهم المهنى، وكان متوقعا أن يصدر بيان عن القوات المسلحة فى الساعة الرابعة، ولكن الوقت كان يمر ببطء والشوارع والميادين تمتلئ بالجماهير وأغلق مبنى ماسبيرو أبوابه، وأحكمت السيطرة الأمنية عليه وغادر الوزير المبنى للمرة الأخيرة عصر هذا اليوم ربما بتعليمات من مكتب الإرشاد الذى كان يسيطر أيضا على كل الموجودين بقصر الاتحادية بمن فيهم الرئيس!! 
وتوجهت إلى مكتب رئيس الاتحاد لإدارة الموقف فى إطار ما يشبه القيادة الجماعية، ومرت الدقائق ساعات، ونحن فى انتظار اللحظة الحاسمة إما بالنقل على الهواء لإذاعة بيان الجيش أو وصول البيان مسجلا، وساد الجميع القلق كلما تأخر وصول البيان، لاسيما أننا دخلنا إلى ساعات المساء، وكانت غرفة الأخبار تجهز نشرة التاسعة وهى النشرة الرئيسية بالقناة الأولى فى التليفزيون المصرى. وفى الساعة الثامنة مساء، وصلنى أول اتصال من إدارة الشئون المعنوية مفاده بأن شريطا يتحرك نحو مبنى، وكنت أتابع من مكتبى التحرك لحظة بلحظة، بينما الفريق المعاون وفرق العمل على أهبة الاستعداد سواء فى صالة تحرير الأخبار واستديوهات الهواء، فيما توقعت وصول الشريط إما قبل نشرة التاسعة أو إثنائها، وفى كل الأحوال اتفقنا على أنه بمجرد وصول الشريط تضم كل القنوات المرئية والشبكات الإذاعية على استديو ١١ الخاص بالأخبار بإشارة معينة، وهى إذاعة أغنية المطربة شادية «يا حبيبتى يا مصر» بعدها يتوحد إرسال الإذاعة والتليفزيون. 
وفى الساعة الثامنة و٥٠ دقيقة مساء وصل الشريط، وانتقلنا إلى الاستديو، وفى الساعة التاسعة حبسنا الأنفاس حتى سمعنا صوت شادية يشدو ويتوحد الإرسال، فيما تسلم مذيع الاستديو مقدمة الخبر ليقدم الحدث الذى ينتظره الملايين، وتضم كل القنوات الفضائية فى مصر والعالم العربى على القناة الأولى بالتليفزيون المصرى الرسمى، فيما طيرت الخبر العاجل وكالات الأنباء وكثير من المحطات الإخبارية العالمية. 
وبدأ الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، يلقى البيان فى مؤتمر حضره رموز الأمة السياسية والدينية، ويعلن أنه استجابة لإرادة جماهير الشعب المصرى، فقد تقرر تعطيل العمل بالدستور وعزل محمد مرسى وتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا مقاليد الحكم حتى إجراء انتخابات رئاسية، وحدد البيان خارطة للمستقبل من عدة نقاط، تبدأ بإعداد دستور جديد يتم الاستفتاء عليه ثم تتوالى بعد ذلك بقية الاستحقاقات..
ولم يتمالك الجميع أنفسهم وسالت دموع الفرح بنجاح الثورة، وتعانقوا فى لحظة تاريخية حاسمة اعتبرتها الإنجاز الأهم فى حياتى المهنية على مدار أكثر من ٣٨ عاما. 
ولا شك أن الساعات الحاسمة التى عشناها بكل مشاعرنا وقوانا يوم ٣ يوليو عام ٢٠١٣، كانت أمرا طبيعيا لإنقاذ البلاد من حكم «فاشى» كاد أن يلقيها فى هاوية التخلف والضلال. وعندما غادرت المبنى فى الساعات الأولى من فجر يوم الرابع من يوليو، شعرت بأننى أتنفس هواء مختلفا عن ذى قبل (هواء بلا إخوان)، وسرت بصعوبة بين الآلاف الذين أحاطوا بمبنى ماسبيرو بكورنيش النيل، وقد عادت البسمة لوجوههم وارتفع علم مصر فى كل مكان، فيما غطت الألعاب النارية سماء العاصمة.. لتبدأ مصر صفحة جديدة من تاريخها!