تخيل البعض أن خطر الإرهاب وأخطار التفتيت والتقسيم التى تهدد الأوطان والشعوب العربية قد زالت وحان وقت جنى الثمار وتقسيم التورتة وسعى كل منهم لتلقى التمويل والأموال من الدول والجهات التى تمارس علينا كافة الضغوط للحيلولة دون ترشيح الرئيس عبدالفتاح السيسى وترك الساحة مفتوحة لأصابع الجهات الأجنبية للعبث بأمننا القومى وإعادتنا إلى المربع صفر وإحياء الفوضى الخلاقة بتشويه كل الإنجازات الوطنية التى تمت على أرض الواقع والكفيلة بنقلنا نقلة كيفية على طريق التنمية الشاملة، وجاءت فرصة مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والشقيقة السعودية بالبرلمان كجهة تشريعية ورقابية فرصة مواتية للانقضاض علينا جميعًا وإحياء دعوات التظاهر واحتلال الميادين العامة دون اتباع الإجراءات التى رسمها القانون ما يعد اعتداء سافرا على كافة سلطات الدولة ودستورها وقانونها ورغم فشل محاولاتهم بموافقة الأغلبية بمجلس النواب على اتفاقية ترسيم الحدود، إلا أنهم ما زالوا مستمرين فى مخططهم الآثم، وهذا التحرك الفجائى من جانبهم جاء فى وقت مهم وحرج لصرف الأنظار عن النجاحات التى حققتها قيادتنا الوطنية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى محاصرة الدول الداعمة للإرهاب وبالتحديد قطر التى خربت ودمرت العديد من الدول العربية سواء العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن وخاب أثرها فى مصر ليقظة جيشنا البطل وقادته العظام أو ثأرًا لهذه النجاحات؟! فكان التركيز على رمز الوطنية وقواتنا المسلحة الرئيس عبدالفتاح السيسى ولم يكن غريبا ما رددوه من شعارات تضمنت إسفافا وتشويها وانحطاطا ولكن فات عليهم أن خطابه أمام القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض تم اعتماده من قبل مجلس الأمن كوثيقة مهمة فى التصدى للإرهاب، ونعيد بعض عباراته على مسامعهم عسى أن يفيقوا مما يتعاطونه من مسكنات وأشياء أخري!
إن الحديث عن التصدى للإرهاب على نحو شامل يعنى مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية دون تمييز، فلا مجال لاختزال المواجهة فى تنظيم أو اثنين، فالتنظيمات الإرهابية تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة فى معظم أنحاء العالم تشمل الأيديولوجية والتمويل والتنسيق العسكرى والمعلوماتى والأمنى، ومن هنا فلا مجال لاختصار المواجهة فى مسرح عمليات واحد دون آخر وإنما يقتضى النجاح فى استئصال خطر الإرهاب أن تواجهوا جميع التنظيمات الإرهابية بشكل شامل ومتزامن على جميع الجبهات.
إن المواجهة الشاملة مع الإرهاب تعنى بالضرورة مواجهة كافة أبعاد ظاهرة الإرهاب فيما يتصل بالتمويل والتسليح والدعم السياسى والأيديولوجى، فالإرهابى ليس فقط من يحمل السلاح وإنما أيضا من يدربه ويموله ويسلحه ويوفر له الغطاء السياسى والأيديولوجي.
ودعونى أتحدث بصراحة وأسأل: أين تتوفر الملاذات الآمنة للتنظيمات الإرهابية لتدريب المقاتلين ومعالجة المصابين منهم وإجراء الإحلال والتبديل لعتادهم ومقاتليهم؟ من الذى يشترى منهم الموارد الطبيعية التى يسيطرون عليها كالبترول مثلا؟ من الذى يتواطأ معهم عبر تجارة الآثار والمخدرات ومن أين يحصلون على التبرعات المالية؟ وكيف يتوفر لهم وجود إعلامى عبر وسائل إعلام ارتضت أن تتحول لأبواق دعائية للتنظيمات الإرهابية؟ وكان من آثاره القرار الجماعى لكل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين بقطع العلاقات مع قطر ما أوقعها تحت الحصار لتذوق مرارة ما فعلته فى الشعوب العربية سواء سوريا أو العراق أو ليبيا.. إلخ، وإدراج ٥٩ فردًا و١٢ كيانًا على قوائم الإرهاب المحظورة لديها مع التأكيد على أن هذه القائمة سيتم تحديثها تباعا والإعلان عنها.
إن هذه النجاحات ما كانت تتحقق لولا الوحدة والتفاهم العربى المشترك ولهذا السبب نستهجن تصرف هؤلاء وندينه بشدة لأنه لا يحقق صالح الوطن، إنما يسعى إلى شق الصفوف وبث الفرقة والاعتداء على الشرعية فهم ليسوا أكثر وطنية من قواتنا المسلحة وفى القلب منها الرئيس وزملاؤه من قادة عظام حملوا أرواحهم على أكفهم افتداء للوطن والشعب غير مبالين بالموت أو أى مزايا دنيوية أخرى وأسقطوا الفاشية الدينية كما أن هؤلاء تناسوا الحقيقة المرة أن أى دولة عربية لم تصنع حدودها بإرادتها الحرة إنما آلت إليها كتركة مفخخة قابلة للانفجار من قبل الاستعمار منذ اتفاقية سايكس-بيكو التى مضى عليها أكثر من مائة عام، حيث تم توقيعها بين لندن وباريس فى عام ١٩١٦، والذى بموجبها تم تقسيم أراضى الوطن العربى والشرق الأوسط بين برطانيا وفرنسا ولم يكشف عنها إلا عقب الثورة البلشفية فى روسيا عام ١٩١٧ ما أدى إلى ثورة العرب واضطر الاستعمار البريطانى إلى إجراء تعديلات أدت إلى قيام المملكات والدول ولكن بريطانيا وجهت ضربة قاسمة بخلق وطن قومى للصهاينة بموجب وعد بلفور المشئوم فى ٢ نوفمبر ١٩١٧، ثم تم إحياء هذا المخطط مرة أخرى ولن ننسى أن هذه الذريعة هى التى دفعت صدام حسين إلى غزو الكويت ودفعنا جميعا ثمن هذا وما زلنا؟! ومحاولات استغلال ثورات الربيع العربى ونقول لهؤلاء كفا أنانية فالأخطار ما زالت تهددنا من كل صوب.