الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عنبر الإخوان المسلمين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وكأننا في أحدى عنابر مستشفى "الخانكة" للأمراض العقلية، ولا يكاد يمرّ يوم دون أن يتحفنا الإخوان وأنصارهم ببعض من إبداعات اللوثة العقلية التي أصابتهم.
في تعريف اللوثة - لَوْثَةٌ: [ ل و ث ]، (المَرَّةُ مِنْ لاَثَ)، "أُصِيبَ بِلَوْثَةٍ": أصيب بِحَمَاقَةٍ.
المعجم: الغني
لُوثة، الجمع لُوثات: حماقة، مسُّ الجنون "أصابته لُوثَة في عقله".
معجم اللغة العربية المعاصر
وفي تعريف العلم: عندما يصاب العقل بلوثة في آليته لا يصبح معطّلاً، وإنما يظل يعمل ويتحرك ولكن في غياهب الخيال، أي أنه يفقد ميكانزميّته الإيجابية الواقعية، لتتّجه إلى اتجاه آخر يتّسم بالسلبية واللاواقعية.
وعندما يؤول السلطان والملك إلى من ليس كفؤاً له، فإن ذلك يكون بداية المرض، "لوثة العقل" تبدأ بالتشكّل داخل خلايا عقله، وتبدأ بالتكاثر والتوالد، أما أعراضها فهي أن الحاكم يبدأ بالتصديق والاقتناع بأنه على غير شاكلة البشر، وأنه هادي شعبه إلى الصراط المستقيم، وأن الشعب من سواه سيتخبّط في دهاليز المهالك، وتساهم الحاشية والأنصار - الأهل والعشيرة - في ترسيخ هذا الاقتناع داخل عقلية الحاكم، حتى يتهيّأ له أنها الحقيقة، وتتضح هذه الحقيقة بالنظر إلى أحوال الرئيس المعزول "محمد مرسي"، الذي ما زال يعتقد أنه الرئيس الشرعي للبلاد، وينكر عشرات الملايين التي خرجت تطالب برحيله في ثورة 30 يونيو، ويتعامل "مرسي" - داخل السجن - كأنه رئيس للبلاد، يهدّد الضباط ويتوعّدهم، يرفض المحاكمة ويتطاول على القضاء، حتى مؤذن السجن يطالب بتغييره لأن صوته "وحش"، وكلما زاره أحد من الداخل أو الخارج لا ينطق إلا بكلمة واحدة: "أنا الرئيس الشرعي للبلاد".
وتنتقل العدوى إلى العائلة، فتغلق السيدة نجلاء - زوجة الرئيس المعزول "محمد مرسي" - خط التليفون أثناء مداخلتها مع برنامج "مصر كل يوم"، اعتراضًا على وصف الإعلامية إيمان الحصري لـ "محمد مرسي" بـ "المعزول"، وقالت زوجة المعزول - قبل إغلاق التليفون -: "لما تقولي الرئيس الشرعي للبلاد أبقى أتكلم معاكي"، على حد قولها.
وتدخل زوجة خيرت الشاطر، نائب المرشد، إلى حلبة المنافسة، حيث قالت عزة توفيق، زوجة الشاطر - في تدوينة على صفحتها بموقع "فيس بوك" - مؤخّراً: "ذهبت أنا واثنتان من بناتي لزيارة زوجي في محبسه، ومعنا بعض من الأحفاد، وقد تعودت ابنتي حفصة في كل زيارة لها أن تسأل والدها وصية أو موعظة إيمانية، وكانت وصيته هذه المرة خواطر من سورة يوسف، أنقلها لكم ليطلع الجميع على روح زوجي الجميلة، بالرغم من قهر الظلمة وافترائهم عليه وضلالهم وتضليلهم، قال لنا الآية الرابعة (إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين)، وفي الآية ١٠٠ تحقيق للرؤيا، الله اكبر ولله الحمد"، (التكبير والحمد من عندنا).
ويتجلّى الابن الأكبر للرئيس المعزول، وينشر أحمد محمد مرسي صورة لطفله الرضيع، ويكتب عليها "مؤسس حركة رضيع ضد الانقلاب"، والإمضاء "محمد مرسي الحفيد"، وهو ما يذكّرنا بالشعار الذي أطلقه الدكتور "بباوي" وقال فيه إن الجنين في بطن أمه يؤيد مبارك رئيسا للجمهورية مدى الحياة، كما نشر نجل "مرسي" صورة لوالدته نجلاء محمود، وهي تحمل ابنه الرضيع "محمد"، حيث ظهرت زوجة الرئيس المعزول في الصورة وهي ترفع شعار رابعة العدوية، وقامت بوضع الشعار على الطفل.
ومن العائلة إلى الأهل والعشيرة، حيث اهتمت قيادات وصفحات إخوانية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بوفاة الزعيم الجنوب إفريقي "نيلسون مانديلا" – النصرانى - عرضوا خلالها أوجه التشابه بين الرئيس المعزول محمد مرسي ومانديلا، مطالبين العالم بعدم الحزن على وفاة المناضل الإفريقى، لأن "مرسي" يستكمل مسيرة الدفاع عن الحرية العالمية مثل سابقيه، بحسب جماعة الإخوان المحظورة، أو بالأحرى حسب اللوثة الإخوانية.
ومن القاهرة إلى الدوحة، حيث يوجد ملجأ مطاريد الإخوان في قطر الشقيقة، ويطلع علينا الطبيب الهارب الدكتور محمد الجوادي، أستاذ أمراض القلب بجامعة الزقازيق، بآخر إبداعات اللوثة، وفي عدة تدوينات متتالية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، يعلن "الجوادي" عن تشكيل حكومة ثورية سمّاها حكومة المنفى، مقرها المؤقت هو باريس، مؤكدا أن الحكومة ستتسلّم البلاد عقب سقوط الانقلاب، وأنها تتكون من 25 عضوا من أعضاء برلمان الثورة المنتخبين، منهم: البلتاجي وعصام سلطان، وتضم في عضويتها الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل، كما تضم الحكومة المزعومة الدكتور إسماعيل رشدي، و3 ممثلين لليسار، والدرديري ونادية زخاري، وأن الحكومة سيرأسها شخص وطني يشغل الآن منصبا مرموقا خارج الحكومة بدرجة رئيس وزراء مصر.
ويؤكّد الجوادي - بكل ثقة - أن الحكومة الجديدة سيتم الاعتراف بها من قبل 20 دولة خلال الأسبوع الأول من تشكيلها، ومن بعد إعلان الحكومة الثورية تشتعل اللوثة وتعمل "أحلى شغل"، ولنتابع ما كتبه أستاذ القلب: "الفضل في نصر أكتوبر وتأميم القناة وحرب الاستنزاف يعود إلى جماعة الإخوان"، ويضيف الجوادي في تدوينات متتابعة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "مصر كلها إخوان، والجيش المصري كله إخوان، ما عدا اللواءات"، ويتابع: "لولا الإخوان ما تحرّرت الصومال"، وينسب الفضل في تحرير الجزائر والإمارات وإسقاط الاتحاد السوفيتي إلى الجماعة المحظورة أيضا.
ويتابع الجوادي: "لولا الإخوان ما عرف كثير من المصريين شواطئ بحارهم"، وفي المجال الأدبي كتب الجوادي: "لولا الإخوان ما وجد أدب السجون، ولا تجدّد فن الملحمة الشعرية"، ويضيف: "لولا الإخوان ما استعاد الشعر العربي روح الفضيلة والحماسة والنخوة"، أما عن الاشتراكية يقول الجوادي: "إن الإخوان هم أول من نادى بالنموذج الإنساني مما عرف بالاشتراكية"، واعتبرهم: "أول من دعوا إلى تأميم القناة"، ويتابع: "لولاهم لتمكن جمال عبد الناصر من إغلاق الأزهر بالشمع الأحمر"، ثم يضيف: "بدون الإخوان وإيقاظهم لجماعة الأمة القبطية - التي شرّدها عبد الناصر- لانتهت الكنيسة المصرية تماما، ولتحولت مصر إلى مستعمرة بهائية أو بابية أو قاديانية".
ويواصل الجوادي تدويناته قائلا: "إن للجماعة الفضل في انتشار طباعة الصحف والرياضات السويدية وتعليم الفتيات وتعريف المصريين معنى الرحلات الخلوية وسباق الضاحية"، ويستكمل: "لا توجد حياة سياسية جادة في مصر إلا في الإخوان، والجماعة تنازلت طواعية عن كثير من الفرص الانتخابية في برلمان ٢٠١٢ مجاملة للعسكر في أذنابهم، وتقوم بــ٨٠٪ من الخدمات الصحية في مصر دون أن تكلف الدولة مليما"، وأسهب "الجوادي" في تعرّضه للجماعة واصفا إياها بأنها أكبر منظمة مجتمع مدني على مستوى العالم، وأكثر من أفاد ممالك العرب في آسيا، وصمام الأمن القومي لمصر.
هكذ الإخوان في فكر الدكتور الجوادي - الحاصل على جائزة الدولة التقديرية وعضو المجمع العلمي وعضو مجمع اللغة العربية في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك - ينسب إلى الإخوان كل الانجازات التاريخية للشعب المصري، لكنه نسي أن الإخوان هم بناة الأهرامات، وأن القطب الإخواني "مينا نارمر" هو موحّد القطرين، كما نسي أيضا - كما يقول أحد المعلقين واسمه محمد رشدي - أن الاخوان "همّا اللي ساندوا الرسول عليه الصلاة والسلام إبان هجرته من مكّة إلى المدينة، وقاموا بنقل أنصاره في أوتوبيسات الجماعة، ووضعوا لهم فناطيس المياه بطول الطريق إلى المدينة، ده علاوة على وجبات من كنتاكي الأوس والخزرج".
والأهم أن "الجوادي" نسي أيضا كتابه الذي نال بعده كل أنواع جوائز عهد مبارك، كتاب "النخبة المصرية الحاكمة"، والذي حصل بعد طبعه بعامين على جائزة الدولة التقديرية في الآداب في عام 2004، ووصف الجوادي "مبارك" في كتابه بأنه حرّر المواطنين من المعاناة، واعتبر عصره عصر إنجازات حقيقية، كما امتدّ خيط إشاداته لرموز نظام مبارك، وقال في نص إهدائه: "إلى الأستاذ الدكتور مفيد شهاب.. تحية تقدير لشخصه الكريم، وفكره القويم، وخلقه النبيل".
وأضاف الجوادي في كتابه: "يحظى الرئيس مبارك بدرجة كبيرة من الإجماع المصري على اختياره رئيسا للفترة القادمة، ربما لم يحظ بها أي رئيس مصري سابق، ثمة عوامل كثيرة مكّنت الرئيس مبارك من الوصول إلى هذه الدرجة على مدى 18 عاما من رئاسته، و24 عاما من بقائه في الموقع المتقدّم نائبا للرئيس ثم رئيساً".
وذكر الجوادي - في كتابه - أن لمبارك سمات عشراً مكّنته من التربع على عرش قلوب المصريين طوال فترات حكمه، وربما لسنوات تليها – حسب تأكيده - قائلاً: "إحساس الجماهير بالإنجاز الحقيقي في عهده، وتحرير المواطنين من المعاناة اليومية، وتجنيب الوطن المشكلات الكبرى، والثبات الانفعالي العالي، والبدء بالإحسان، وغفران الإساءة، والروح المرحة، وتقدير الرجال، والامتنان للمسؤولين السابقين، وأنه يعرف ويعلن".
وأضاف في حديثه: "من ضمن هذه السمات إحساس الجماهير بالإنجاز الحقيقي، حيث يرون أن الأعمال المدنية التي استلزمتها محطة واحدة من محطات مترو الأنفاق، تمثل إنجازا هندسيا يفوق الإنجازات في جسم السد العالي نفسه"، موضحا أن مبارك حقق نهضة حقيقية في بناء المدن والمجتمعات العمرانية ومشروعات عملاقة للري والصرف والمياه والكهرباء".
واعتبر المؤرخ - المقيم في قطر - أن مبارك "حرر المواطنين من المعاناة اليومية، وحين بدأ عهده كان الحصول على قطعة من الصابون يمثل إنجازا حقيقيا لبعض الناس، والزيت والدقيق والأرز والكيروسين، أما في عصره فانقلبت الآية، شركات الصابون هي التي تلحّ طوال اليوم على المواطن ليشتري منها، ومسحوقات التنظيف التي كانت قد قاربت أن تكون من عجائب الدنيا بالنسبة للمواطنين، هذا بالإضافة إلى شركات المحمول التي أصبحت تلاحق المواطنين ليشتروا منها، والجامعات التي تلاحق الطلاب للالتحاق بها، لدرجة أن البعض يشكون من كثرة المتاح".
هكذا فعلت اللوثة العقلية، ولو أنها تتشابه كثيرا في أعراضها مع أيّة تعميرة مضروبة في "الباطنية".