السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الثورة بين الاحتجاج السياسي والتهميش الاجتماعي!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أدى اندلاع ثورات الربيع العربي، في كل من تونس ومصر وليبيا، إلى صدور عشرات المؤلفات التي تحاول تقديم تفسيرات علمية متكاملة لما حدث.
ولو فحصنا هذه التفسيرات لاكتشفنا أن بعضها ليس سوى تحليلات مبسطة لا تتسم بالعمق الكافي؛ لأنها اكتفت بقشور الأحداث، ولم تلتفت بالقدر الكافي إلى أعماقها والأسباب الكامنة وراءها.
ومن بين هذه التفسيرات المبسطة أن هذه الثورات –وخصوصًا ثورتي تونس ومصر- تمت بفضل شبكة الإنترنت، التي سهلت مهمة التواصل بين النشطاء السياسيين، الذين في الحالة المصرية قاموا بالحشد الإلكتروني -إن صح التعبير- في موقع “,”خالد سعيد“,”، والذي أدى في النهاية إلى انفجار السخط الشعبي ضد استبداد نظام “,”مبارك“,” وقمعه السياسي وخرقه لحقوق الإنسان.
نعم لعبت شبكات التواصل الاجتماعي دورًا في التمهيد للانتفاضات الجماهيرية، ولكن هذا التحليل “,”التكنولوجي“,” –إن صح التعبير- الذي يركز على إحدى ثمار ثورة الاتصالات، يتجاهل بالقطع تفسيرًا آخر أكثر رصانة، وهو الذي يركز على جناحين لهذه الثورات، وهما الاحتجاج السياسي من ناحية، والتهميش الاجتماعي من ناحية أخرى.
ولعل أبلغ دليل على صحة هذا التفسير دراسة الحركات الاحتجاجية التي قامت في مصر قبل ثورة 25 يناير، والتي عبرت عن سخط فئات متعددة من جماهير الشعب على القمع السياسي، وعلى خرق قواعد حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الاحتجاج على اعتقال الديمقراطية، وتزييف إرادة الشعب في انتخابات باطلة.
وقد أشرفت في المرصد الاجتماعي، الذي أرأسه في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، على بحث جماعي، قام بدور الباحث الرئيسي فيه الدكتور “,”علي ليلة“,” والدكتورة “,”ليلى عبد الجواد“,”، عن حركات الاحتجاج الجماهيرية. وستصدر نتيجة هذا البحث في كتاب قريبًا.
وبناء على هذه الأبحاث يمكن القول إن الانتفاضة الجماهيرية التي اندلعت في 25 يناير، كانت ذروة تراكم ثوري، ظل يفعل فعله في التربة الاجتماعية المصرية، إلى أن حدث الانفجار.
غير أن الاحتجاج السياسي -على أهميته- لا ينفي أهمية ظاهرة التهميش الاجتماعي، التي ألحقت آثارًا مدمرة بملايين المصريين من أعضاء الطبقات الدنيا، الذين ضاعت حياتهم في العشوائيات، وحرموا من أبسط الحقوق الإنسانية في التعليم والسكن والصحة والعمل. ويمكن القول إنه قد تم –تحت تأثير الآثار المدمرة لسياسات الليبرالية الجديدة في مصر- تجريف الطبقة الوسطى، وانحدارها في حراك اجتماعي هابط إلى مستوى الطبقات الدنيا.
وقد ألقت بعض الكتب العلمية الرصينة -التي صدرت مؤخرًا- الضوء على سطحية التفسيرات “,”التكنولوجية“,” لثورات الربيع، وقامت بتحليل طبقي رصين للكشف عن الجذور الحقيقية للثورة.
ومن أبرز هذه الكتب كتاب “,”التهميش والمهمشون في مصر والشرق الأوسط“,”، الذي حرره كل من الباحث التونسي “,”حبيب عائب“,” المقيم في فرنسا، وباحث آخر هو “,”راي بوش“,”.
وهو كتاب زاخر بالتحليلات العلمية الرصينة، التي تستحق أن نقف أمامها بالتحليل طويلاً في المستقبل.