تقدم عروس الماريونيت نفسها فى موسوعة «المعرفة» قائلةً «متعلقة فى خيوط سوداء على خلفية سوداء بتتحرك والناس بتضحك دى مش حركاتى ولا تصرفاتى أنا مجرد دمية خشبية مربوطة لا أقدر أفتح الستارة ولا أقدر أقول لأ.. ما أقدرش أعمل حركة واحدة من غير اللى مستخبى ورا الستارة يكون عاوز.. تصرفات كتيرة بتحس إن اللى قدامك بيعملها لمجرد إنه يبسطك أو يريحك أو ساعات علشان يشترى دماغه.. تصرفات كتيرة بتحس إنها متكلفة ولزوم المظهر العام والشكل.. الدمية بتتحرك وما انتاش شايف اللى بيحركها».
ظللنا سنوات طوال نتطلع إلى عروس الماريونيت القطرية وهى تتحرك على مسرح الأحداث، وهى معلقةُ بخيوطٍ سوداء على خلفيةٍ سوداء بنفس سواد قلوب وعقول حكامها الذين استسلموا لصُناع عرائس الماريونيت ومُحركيها من خارج المنطقة العربية، وكانت عروس الماريونيت القطرية مزهوة بنفسها وهى ترقُب تحركاتِها وحركاتِها وسكناتِها بفخرٍ وتباهٍ، لأنها اعتقدت بعد طول حركاتٍ وتأوهاتٍ وضجيج على المسرح أنها هى التى تأتى بهذه الحركات، ونسيت أو تناست أنها مربوطة بتلك الخيوط اللعينة التى تحركها كيفما شاءت ضد دول المنطقة العربية بهدف زرع الشقاق والخلافات العربية ـ العربية وبذر بذور الفتنة بين أنظمةِ الحكم العربية.
لا أذكر دولةً عربية واحدة سَلِمت من الأبواق الإعلامية الضخمة لقناة «الجزيرة» أو «جزيرة» القناة، لم تسلم مصر ولا المغرب ولا ليبيا ولا اليمن، ولم تسلم حتى شقيقاتِها الخليجيات من هذه القناة المريبة فى إدارتها وفى تمويلها وظروف نشأتها، المُستضيفة والمُحتفية والمُطبِعة مع إسرائيل والإسرائيليين الذين أصبحوا ضيوفًا دائمين على خدماتها الإخبارية.
والأدهى من ذلك أن هذه القناة التى يُحركها أعداءُ هذه المنطقة هى التى ساهمت وشاركت وأشعلت نيران الثورات العربية فى المنطقة، بغرض النيْل من استقرار هذه المنطقة، وإعادة تقسيمها بما يتراءى لقوى كبرى تعمل على تقسيم الدول العربية إلى «كانتونات» لا يستطيع أي منها أن يقفَ ذاتَ يومٍ فى وجه الدولة العبرية فى المنطقة العربية، لتصبح إسرائيل هى الدولة القائدة للمنطقة ودونها أتباع يأتمرون بأمرها.
لقد تماهت عروسُ الماريونيت القطرية مع من يُحركونها، فأصابها «التوحد» مع القوة التى تحركها، فصارت توزع سوءاتها يمنةً ويسرةً، وتؤوى الإرهابيين الذين فروا بعد انقلاب الشعب المصرى على جماعة الإخوان الإرهابية فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، كما تؤوى إرهابيى القاعدة وتمول التنظيمات الإرهابية والفصائل المسلحة فى سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر، وأصبحت تهدد الأمن القومى العربى حتى بالنسبة لأمن الخليج العربى الذى لا يحتمل أى لعب بالنار فى هذه الآونة، ولم ترع عروسُ الماريونيت القطرية إلًا ولا ذمة لوحدة الدم والمصير والقبائل والعوائل والدين والعِرق لشقيقاتِها الخليجيات خصوصًا العرب عمومًا.
وبعد طول استجابة للإدارة الأمريكية التى كانت تُمسك بخيوطِ عروسِ الماريونيت القطرية تُحركها كيفما شاءت فى عصر أوباما وما قبل أوباما، يبدو أن قواعد اللُعبة تغيرت فى عصر دونالد ترامب، ونبهت الإدارة الأمريكية عروسَتَها بضرورة الاستجابة للحركات الجديدة للإدارة الجديدة التى تستهدف تحقيق مصالح أكبر بالعودة مجددًا إلى المنطقة من البوابة السعودية التى شهدت قدرًا من جفاء الإدارة الأمريكية السابقة.
ويبدو أن عروسَ الماريونيت القطرية لم تستوعب هذا الكلام، فبدأت تتمرد على حركاتِ من يُحركونها، وبدأت فى تمزيق تلك الخيوط السوداء التى كانت تُحركها، وخرجت عروسُ الماريونيت لتقولَ كلامًا غريبًا غيرَ مسبوق وتأتى بأفعال شيطانية، كأن العروسَ المتمردة تسيرُ على غير هُدى كالذى يتخبطُهُ الشيطانُ من المس، وربما «كاف» التشبيه هنا غير دقيقة، لأن هذه العروس المتمردة أسلمت قِيادَها إلى الشيطانِ نفسِه، وإلا ما سرُ هجومِ الأميرِ «الغِر» على أسياده الأمريكان الذين طالما استجاب لحركاتِهم من وراء سِتار، بل وساعدوه هو ووالدته على الانقلاب على أبيه، بل وساعدوا أباه على الانقلاب على أبيه، ورغم ذلك لا يستوعب هو وقناته الثورة العظيمة التى قام بها الشعبُ المصرى وشارك فيها ملايين المصريين فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ويدعوها هو وقناته «العميلة» بالانقلاب، رغم أنه هو وأباه بل ومن سيأتى بعدَه لا يأتون إلى سُدةِ الحُكم إلا عبرَ انقلابات فى بيتِ الحُكم وفى مخدع الأمير.
وما سرُ قيامِ الأمير المتمرد على خيوطِ الأمريكان السوداء بدعوة يوسف القرضاوى شيخِ الإرهابيين ومُفتى الخراب هو وعدد من الإرهابيين إلى مائدة إفطار بعد المقاطعة العربية لدويلتهِ، وتداولت شبكاتُ التواصل الاجتماعى صورة للأمير وهو يركعُ أمامَ الشيخ الذى تسيلُ من يديه دماءُ الأبرياء فى سوريا واليمن والعراق وليبيا ومصر، والشيخ جالس كأنما هو الملك على عرشِ الجماجمِ التى جمعها من كلِ ميادينِ القتال بامتداد الوطن العربى الكبير.
وما سرُ قيامِ عروسِ الماريونيت القطرية باللجوء إلى مغازلة حكم الملالى فى إيران، رغم معرفة تلك العروس أن هذا سيغضبُ السعودية والبحرين والإمارات، بل وسيغضب إسرائيل صديقتَهَا الحميمة، كما سيغضب الولايات المتحدة فى ظلِ السياسة الجديدة التى تتبعها الإدارة الأمريكية فى عهد دونالد ترامب.
أعتقد أن إجابة هذه الأسئلة جميعِها أن عروسَ الماريونيت القطرية فقدت صوابها بعد تقطُع خيوطِها مرةً بيديها، ومرةً أخرى بأيدى مصر ودول الخليج والدول التى اكتوت بنارها مثل اليمن وليبيا، ويبدو أنه لم يعد فى قوْسِ الصبر منزع، بعد كل ما ارتكبته العروس الحمقاء، وأصبحت أخيرًا فى حالٍ يُرثى لها، وإذا لم تتوب هذه العروسُ إلى رشدِها، فسيحدثُ لها ما لا يُحمد عُقْبَاه.
لقد أصبحت قطر الآن محاصرةً برًا وجوًا وبحرًا بشكل لم يسبق أن حدث من قِبل دول عربية ضد دولة عربية، وتهاوت البورصة القطرية وخسرت مليارات الدولارات في ساعاتٍ معدودة، رغم تواتر الأنباء عن بعض الوساطات الكويتية والأردنية بل والأمريكية لاحتواء الموقف.
وأخشى ما أخشاه ألا تستجيبَ عروسُ الماريونيت القطرية للشروط المفروضة عليها، والتى يجب أن تلتزم بها بعدم إيواء الإرهابيين، ودعمهم، والكَفِ عن التدخلِ فى شئونِ الدولِ العربية الأخرى.. وإذا حدثَ هذا التعنتُ الأحمق.. فانتظروا انهيارَ «بيتِ الدُمية».