الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

جيش المحليات الذي يهزمنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليست عمارة الإسكندرية وحدها هى المائلة، الحال فى المحليات من الإسكندرية إلى أسوان كله مائل، من استمارة تركب حمارة على رأى شاعرنا الكبير فؤاد حداد، وصولًا إلى الاعتداء المباشر على ثروة الوطن وأراضيها وتدمير مستقبل الأجيال، نعم موظفو المحليات هم مواطنون مصريون ولن نستورد من يقوم بالعمل بدلًا منهم حتى تستقيم الأمور، ولكن الحلول ليست مستحيلة، والحلول التى أقصدها ليست الرقابة والمحاسبة فقط، ولكننى أتجه مباشرة إلى اقتراح واضح ومحدد وهو تجديد دماء هذا القطاع العجوز بشباب موهوب حديث التخرج يعرف أصول التعامل مع البشر والمستقبل ومرتبط ارتباطًا مباشرًا بالتكنولوجيا الحديثة التى هى وحدها قادرة على اختصار الزمن ودعم الشفافية.
لدينا سنويًا بمصر عشرات الآلاف من الخريجين الموهوبين، يطلبون العمل ولا يجدونه فتتكلس مواهبهم على المقاهى، ميزانية الدولة التى لا تحتمل موظفين جددًا قادرة على تدبير رواتب الجيل الجديد من الصناديق الخاصة ومن عائد المشروعات التى سيعملون بها، أما الحرس القديم فليس أمامه إلا الالتحاق بالمسيرة الجديدة أو يكرمنا ذلك الحرس ويكرم نفسه بالخروج من المنظومة سواء بمعاش مبكر أو حسب ما يرى مصلحته.
استمرار الحال على ما هو عليه يميل بدفة التنمية المنشودة، ويلقى بمدخرات الدولة نحو اللصوص، وبدلًا من عمارة واحدة نائمة على أختها سوف تميل كل المدفوعات فى نهر التنمية نحو المجهول المتربص بنا، مجالس المدن والأحياء بمصر بل ومجالس القرى أيضًا صار الدخول إليها أصعب من الدخول إلى أقسام الشرطة، فلو كانت المعاناة فى قسم الشرطة هى أنك لا تأمن على حياتك، فالمعاناة بمجالس المدن والأحياء هى أنك لا تأمن على وطن بأكمله، هذه القصة قديمة بمصر ولعلنا كلنا نتذكر ما كتبه الراحل بيرم التونسى عن المجالس التى كان اسمها المجالس البلدية عندما قال «يا بائع الفجل بالمليم واحدة.. كم للعيال وكم للمجلس البلدى»، إذن نحن أمام حالة موغلة فى القدم وصارت لها آلياتها المستحيلة، تبدأ من صباح الخير يا باشا عاوزين نشرب شاى وتنتهى بعمارة مائلة فضحتنا أمام العالم كله.
إذن هى مسألة إرادة تحتاج خطوة واحدة سيتلوها خطوات، وفى ظنى أن ما هو مشكلة الآن سيكون فى المستقبل مصدر دخل لخزينة الدولة، فقد سبق واقترح البعض نسف منظومة الشهر العقارى الحالية والبدء من الصفر لتسجيل كل شاردة وواردة يتم بيعها أو شراؤها وفق منهج يعتمد على التكنولوجيا والإنترنت، لتتحول مأموريات الشهر العقارى إلى مواقع جاذبة للمواطن لتوثيق أملاكه، فتستريح المحاكم من دعاوى صحة التوقيع المملة ويتوقف البلطجية عن سرقة مدخرات الناس.
الأوضاع فى المديريات الخدمية ليست أفضل حالًا من الأحياء ومقار الشهر العقارى، منظومة الواسطة والرشوة أفسدت أجيالًا متعاقبة، الانتقال من مدرسة إلى أخرى سهل لو تبرعت للمدرسة وللمسئول عن التوقيع والختم، الدخول إلى المستشفى لحجز موعد لعملية جراحية سهل لو اتصل عضو مجلس النواب بمدير المستشفى، بل ورصف الطرق أمام البيوت سهل لو كنت صاحب حيثية سيصلك الأسفلت لو كنت فى مغارة بعيدة.
الحكاية بالفعل تحتاج إلى ثورة من الداخل، ليست عمارة الإسكندرية وحدها هى عنوان الفوضى، فقد ابتلانا الله فى الإسماعيلية مثلاً بسرطان اسمه الأكشاك الصفيح، ما من رصيف يمكن الفرش عليه إلا واحتله بلطجى بمعرفة مسئول فاسد، يصل إلى الكشك عداد الكهرباء وتتحقق المعجزات، تم الاعتداء بشكل كامل على طريق الكورنيش وتم تتويج المهزلة بالاعتداء على حديقة ذات قدسية بالمنطقة نمرة ٦ المعروفة تاريخيًا والتى تطل على قناة السويس.
ليس بالعواطف والابتزاز يمكن ترتيب أمورنا بمصر، العملية تحتاج إلى جراح ماهر يستأصل الأورام ويزرع نخاعًا جديدًا يشد من أزر البلد ويدفعها نحو الإمام، هى دولة القانون التى ننشدها ونكتب لها، هى الأفكار من خارج الصندوق التى سوف ندافع عنها، هو الأمل الذى يجعلنا نمضغ المر ونصبر فى سبيل الانتصار.