تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
ليس غريباً أن يكتب الصديق الوطني، الأستاذ محمد الدسوقي رشدي، مقاله الرائع "عفواً.. لا نقبل المسيحيين في هذا المكان!!"، وليس غريباً أن يتمّ تداول المقال وينتشر بين جموع المصريين والمنتديات، وليس غريباً أن نكرر - مراراً وتكراراً - أن مصر طالما وُجِدَ بها هذا الفكر، فهي ليست بخير مثل جسد الإنسان حينما يفقد مناعته الطبيعية ويرفض أعضاء مهمة وأصيلة من كيانه، فمصيره الموت.
وسبق وكتبت مقالاً لأحد أفراد عائلتي بعنوان "حنفية المسيحيين"، أقتبس من مقالي السالف الذكر:
"مينا من طلاب مدرسة فاطمة الزهراء بمحافظة حلوان - وادى حوف - ذات يوم قالت له أمه بقلب الأم المملوء عاطفة وحب لابنها: "مينا.. ما تنساش تاخد الزمزمية معاك"، فكانت إجابة الطفل البريئة: "يا ماما مش هاخدها علشان حنفية المسيحيين ما فيهاش ميه!!"، سألت الأم ابنها البرىء: "يعنى إيه؟!"، فإذا بمينا - الطفل ذو الثمانية أعوام - يشرح التفاصيل، الحكاية أنه مع بداية العام الدراسي ذهب بزمزمية إلى الحنفية، فإذا به يقف أمامه بعض التلاميذ الأكبر سناً، الذين قسموا حنفيات المياه هذه للمسلمين وهذه للمسيحيين، وبالطبع حنفية المسيحيين معطلة وتالفة ولا يصل إليها الماء، تعجبت من اعتناق أطفال المرحلة الابتدائية الأبرياء هذا الفكر الملوّث المتخلف، كيف يحدث هذا في مدرسة قومية؟!.
المشكلة ليست في سلوك بعض البشر عديمي الإنسانية، بل في صمت المسؤولين المريب الذي يجعلهم مشاركين ويعملون ضد الوطن، وهنا - في سويسرا - حدث شئ ما لابنى ذي الخمسة أعوام آنذاك، "عدلي ماركوس"، و"ساندرا"، ابناي الحبيبان أدخلتهما حضانة خاصة 4 ساعات يومياً، وكانت مديرة هذه الحضانة بولندية الجنسية، ونظرا لارتباط الطفلين بنا كانا يبكيان في الصباح، وبعد نصف ساعة يتأقلمان مع الجو فيلعبان، وتمر الساعات وهكذا، وذات مرة لاحظت أن ابنيّ رفضا الذهاب إلى الحضانة، وعندما سألت لماذا، عرفت الحقيقة، وهي أن مديرة الحضانة - والمسؤولة عنهما - تعاملهما معاملة قاسية، فحينما يبكيان تدخلهما غرفة ما إلى أن ينتهيا من البكاء، بالطبع قررت عدم ذهاب ابنيّ إلى الحضانة، وذهبت إلى مسؤولي التعليم في المنطقة، فما كان منهم إلا أن داوموا على التفتيش على الحضانة، وأخيراً أُغلقت بعد أسبوعين، ومن العجيب أن أرسلوا لي خطاب شكر وأعلموني أنني - بشكوتي - ساهمت في إخراج جيل سويّ من أبناء عائلات أخرى أيضاً، وأرسلوا أخصائية تتابع ابنيّ، وبنعمة الله اجتازا تلك المرحلة الكئيبة.
هذا هو الفارق بين مسؤولي دول لهم مسؤولية وطنية وإنسانية لإخراج جيل سويّ، وبين مسؤولين تعتصرهم العنصرية فيخرجون جيلاً متعصّباً، لذلك ليس غريباً أن يهتم الإخوان - منذ عهد طويل - بالتركيز على المدارس لإخراج أجيال تنتمي لهم فكرياً وأيديولوجياً وإيمانياً، عديمة الوطنية، مملوءة بالعنصرية وكراهية الآخر، الفارق هنا ليس بين المتعصب وغير المتعصب، وإنما بين الوطني والخائن.
وسؤال للسيد وزير التضامن الاجتماعي، هل وزارتكم تعطي تصاريح بحضانات للأطفال؟، أم بحضانات للإرهاب؟، ولا عزاء لمصر طالما السادة وزراء مصر: التعليم والتضامن، عملهم الأساسي هو تدفئة كرسي سعادتهم!!.