بعض المتربصين يجبروننا على الكتابة عن البديهيات بدلًا من الاتجاه نحو التحليل وقراءة الأحداث، البديهيات التى هى واضحة للعيان، يحاول البعض أن يميل برقبتها للخلف حتى تتماهى مع تخيلاته المتخلفة، وللأسف يقع فى هذا الفخ عشرات بل مئات من أصحاب النوايا الحسنة، فيذهبون إلى تكرار النغمة الخاطئة.
قبل ساعات من الآن سادت موجة من الغضب واجتاحت حتى شخصيات عاقلة بمصر، وأسس الغاضبون غضبهم على معلومة مفادها أن تزويرًا يتم فى بعض التقارير الطبية لعدد من شهداء المنيا حيث قالت تلك التقارير التى انتشرت صورة منها على وسائل التواصل الاجتماعى إن سبب الوفاة.. «صدمة رضية».. وعلى الرغم من أننى لست طبيبًا لكننى أعرف بحكم قراءة صفحة الحوادث على الأقل أن صدمة رضية مصطلح طبى لا يقصد به التعمية على التفاصيل التى أدت إلى الوفاة، فالصدمة الرضية تأتى نتيجة لمقدمات وتفاصيل لا يذكرها التقرير ولكنه يكتفى بالنتيجة والسبب المباشر للوفاة.
هذا المصطلح ليس جديدًا فى صياغته، ولكن أراد البعض أن يثير زوبعة فى فنجان فذهب بكل يقين يتحدث عن تزوير وعن مؤامرة لضياع حقوق الشهداء، هذا البعض الذى يطل علينا فى مصيبة محترف فى نشر الإحباط والدعوة للهزيمة، وأنا لست مشغولًا بهم ولكن ما أزعجنى هو أن ينساق خلف ذلك البعض شعراء كبار وصحفيون محترفون وقساوسة نكن لهم كل التقدير والاحترام، لم يسأل واحد منهم نفسه عن المستفيد من تلك الضوضاء وتلك القعقعة التى هى بلا طحن.
المستفيد هناك يجلس فى عواصم بعيدة ويطلق شاشاته الفضائية نحو جموع الشعب المصرى ليهز يقينهم فى خطوات الدولة الجادة من أجل اقتلاع الإرهاب من جذوره، المستفيد من تلك الضوضاء هم الذين أوجعتهم ضربة الطيران المصرى فى العمق الليبى للثأر لشهدائنا بالمنيا ولتحمى حدود مصر من إرهاب أسود متأسلم.
لم يفكر أصدقاؤنا الذى انساقوا خلف شائعات جهولة أنهم يخدمون عدوهم من حيث لا يعلمون، يخدمون الخصم مجانًا وبحسن نية خالصة، ومن المعروف بالقطع أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، لذلك قد يتعجب أصحاب النوايا الحسنة عندما يعرفون أن التقرير الطبى فى حادث اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات قد أرجع سبب الوفاة إلى صدمة عصبية، فهل أنكر الطب الشرعى وقتها رصاصات كانت على الهواء اخترقت جسد الرئيس الراحل، بالطبع لم ينكر ولكن تعامل الأطباء الشرعيون فى حالة السادات وفى حالة شهداء المنيا بطريقة فنية ومهنية، وهو ما لا يرضى غرور المتربصين الذين أصابتهم صدمة رضية فى أرواحهم بعد إعلان مصر إصرارها على تدمير الإرهاب وصانعيه.
قلت للقريبين منى إن بناء مواقف خاطئة بناء على مقدمات فاسدة يجعل الناس تكفر بكل نُخبة لا تعرف دورها وتتجاهل الحقائق الثابتة على الأرض، ولذلك ليس من الصواب أبدًا خلق حالة معلوماتية غير صحيحة تم بناؤها على مقدمات خاطئة، وتعريف الإصابة الرضية حسب ما رجعت إليه من مصادر على الإنترنت هى إصابة قوية واضحة المعالم أدت إلى صدمة حادة، والصدمة الرضية تشير إلى الصدمات الجسدية التى قد تصيب جزءًا من الجسم، عن طريق الإصابة أو الاعتداء الجسدى، وعادةً ما يطلق على الاعتداء الجسدى بالصدمة الرضية الواضحة ويشير هذا المصطلح إلى الصدمة الأولية التى يتفرع منها العديد من أنواع الصدمات كالكدمات والجروح والتمزقات وكسور العظام.
فهل نفكر قليلًا قبل أن تُغرينا وسائل التواصل الاجتماعى لتنفيث غضب غير مبرر وتجعل البعض منا بطلًا من ورق يطير مع أول هبة من رياح الحقيقة، لنفكر قليلًا قبل أن نكتب وقبل أن يستفيد خصمنا من حُسن نوايانا.