يعد مسلسل «ليالى الحلمية» من أهم ما يميز شهر رمضان فى الماضى، حيث اعتاد الجمهور على مشاهدة أجزائه المختلفة، والتى وصلت إلى 6 أجزاء، ونال اهتمام المشاهدين، ورسخ فى وجدانهم، وكان يتابعه الصغير قبل الكبير، بسبب التوليفة الجميلة التى صنعها المؤلف الراحل أسامة أنور عكاشة، والمخرج الراحل إسماعيل عبدالحافظ. حيث صور هذا العمل الدرامى التاريخ المصرى الحديث منذ عصر الملك فاروق، وحتى مطلع التسعينيات على مدى 5 أجزاء، وشارك فى المسلسل نخبة كبيرة من الفنانين المصريين زاد عددهم على 300 فنان.
و«ليالى الحلمية» كان مسلسلا يؤرخ التاريخ المصرى من خلال تاريخ حى الحلمية، الذى كان فى بدايته حيًا راقيًا للباشوات والبهوات والطبقة الأرستقراطية، ثم تحول إلى حى شعبى يقيم به البسطاء من عامة الناس والطبقة والوسطى وتحت الوسطى من الشعب المصري.
وشاركت فى العمل مجموعة من النجوم الشباب وقتها وأصبحوا نجومًا الآن، منهم: منى زكى ومحمد رياض وشريف منير وحنان شوقى وغيرهم.
وكان الجزء الأول من العمل بمثابة مقدمة للمسلسل وتعريفا بالشخصيات الرئيسية الثلاث، وهى: «سليم البدرى» الذى جسده الفنان الكبير يحيى الفخرانى، و«سليمان غانم» الذى جسده الفنان الكبير صلاح السعدنى، و«نازك السلحدار»، وقدمت هذه الشخصية الفنانة صفية العمرى.
وبداية القصة تكمن فى الصراع بين سليم البدرى وسليمان غانم واستغلال نازك السلحدار لهذا الصراع؛ حيث جاء سليمان غانم من الأرياف للثأر لوالده عبدالتواب غانم، الذى مات فى السجن كمدًا بسبب إسماعيل البدري. بدأت المواجهة بشرائه لأسهم فى مصنع البدرى للمنسوجات، ثم فى فضح زواج سليم البدرى السرى من علية بدوى القماش؛ حيث كان سليم البدرى «يحيى الفخرانى» نموذجًا للشاب المصرى الأرستقراطى فى الحقبة الملكية، وتسلم أملاك والده إسماعيل البدرى، وجاء من بعثة من الخارج ويريد تطبيق ما تعلمه هناك، وتواجهه بعض العقبات.
أما سليمان غانم «صلاح السعدنى» عمدة ميت الغانم، الذى اغتنى من طفرة القطن وتوجه إلى القاهرة للأخذ بثأر والده من عائلة البدرى المتمثلة فى شخص سليم البدرى، ونازك السلحدار كانت زوجة سليم البدرى لم يكن لها علاقة بالصراع، لكنها دخلت فى وسط الصراع للانتقام من سليم البدرى الذى تزوج عليها فى الخفاء.
وعندما تجرأ بعض المنتجين والمخرجين لتحويل بعض الأفلام السينمائية الناجحة إلى مسلسلات، ربما كان ذلك مقبولًا رغم فشل العديد من هذه الأعمال، لكن وقع الاختيار على «ليالى الحلمية» لعمل جزء سادس منه العام الماضى، الذى يعد من روائع وكلاسيكيات الدراما المصرية، وقدمها عباقرة مثل أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ ونجوم من الصعب تكرارهم، وكان الأمر مجازفة ومغامرة غير محمودة العواقب.
استدعاء «ليالى الحلمية» للظهور بعد ٢٤ عامًا على آخر أجزائها، هل هذا معناه أن شبح الإفلاس فى أفكار صناع العمل هو ما دفع لذلك؟ أم محاولة لاستغلال واستنساخ النجاح الساحق لعمل عظيم مثل «ليالى الحلمية»، أم التمسح بزمن الفن الجميل، واللعب على أوتار الماضى، والهروب من واقع الدراما الحالية بما يحمله من بشاعة فى الفكر والمضمون رغم تطور الشكل والصورة، وبالفعل لم يحقق الجزء السادس من العمل النجاح المطلوب والمنتظر نظرًا لغياب صناعه الرئيسيين عن العمل، وأثبت للجميع أن «ليالى الحلمية» لم يحقق النجاح إلا بصُنّاعه الأصليين الذين استطاعوا أن يضعوا بصمة قوية فى كل بيت مصرى.