فى الوقت الذى تتواصل فيه العاصفة الحمقاء والحملة المسعورة للنيل من رموزنا الدينية والوطنية، وتشويه مناضلينا وأبطالنا ومبدعينا بدءا من صحابة النبى الأعظم محمد -صلى الله عليه وسلم- وأئمة المسلمين، مرورا بالتطاول على «الأزهر» قلعة الوسطية الدينية ومنارة وعمود وسنام العلم وانتهاء بتحقير قاهر الصليبيين ومحرر القدس صلاح الدين الأيوبى، تفاجئ وزيرة الثقافة الإسرائيلية «ميرى ريغيف» العالم بارتداء ثوب يحمل صورة المسجد الأقصى، خلال مشاركتها فى مهرجان «كان» السينمائي!!.
وظهرت الوزيرة الصهيونية مرتدية الفستان الطويل والذى رسم على جزئه السفلى مدينة القدس التى حررها الناصر صلاح الدين واغتصبتها يدا احتلال دولتها بدعم عالمى وهوان وخرس عربى إسلامى!!.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية قالت فى تقرير مطول لها: إن الوزيرة «الصهيونية» حرصت على ارتداء الفستان الذى صممه الإسرائيلى أريك أفيعاد هيرمان، بمناسبة حلول ٥٠ عاما على احتلال القدس، والتأكيد على أن القدس هى العاصمة الأبدية لإسرائيل- على حد زعمها!!
وهللت الصحيفة لفعلة الوزيرة، وأنها كيف لفتت أنظار العالم لقضية بلادها، وتأكيدها الأمر الواقع بيهودية المدينة المقدسة، وأنها أعطت رسالة مهمة لمسئولينا ونخبتنا بخيبة الأمل وسوء العمل من جانبهم.
وسائل التواصل الاجتماعى شهدت موجة غضب عارمة من قبل نشطاء يعرفون قدر «صلاح الدين» وضآلة الوزيرة اليهودية وحكومتها، وأدانوا تصرف الوزيرة فى مناسبة رسمية بحجم مهرجان «كان»، معتبرين أنها تتباهى بما ليس ملكها.
وقالوا إذا كانت هذه السيدة المحتلة تتباهى باغتصاب دولة ومسجد هو ثالث الحرمين.. فكان من الأجدر على النخب والغيورين على الإسلام ومقدساته أن ينشغلوا بكيفية تخليص المسجد الأقصى من أيدى المغتصبين اليهود، وأن يكون همهم تأسيس دولة الحق والعدل والحرية، وتربية جيل من النشء والشباب على كيفية حب دينه ومقدساته وعروبته، وتخريج من بينهم من يحمل لواء تحرير الأرض والعرض من المغتصبين، وأن يسعوا إلى الخروج من دائرة الاختلاف إلى دائرة الائتلاف، لأن المخاطر المحدقة بالأمة شديدة والأشد منها الفرقة والانقسام. فعلا.. لن تتأثر رموزنا الدينية والوطنية بكل هذه الترهات والتطاولات.. وصحيح لن ينال الأقزام من الأبطال أصحاب المقامات.. لكن من المحزن فعلا أن يكون التطاول على مقام العلم والعلماء والرواد من معالم منهجنا الحالى رغم أن منهجنا الإسلامى هو قبول الخلاف والتنوع فى إطار الوحدة مع إجلال مقام العلم والعلماء وكبار المجاهدين وتحقيق أدب الحوار واختلاف الرأى والرؤية، وأن معيار الحكم فى القضايا الدينية الحل والحرمة والحكم فى القضايا السياسية منوط بالمصلحة والمصلحة تتغير بتغيير الزمان والمكان والشخص والحال.
إن التطاول الوقح على رموزنا وتزامنه مع ما يجرى من تشويه واغتصاب لمعالمنا الحضارية على الأرض هو محاولة خسيسة لتدمير قيمنا التاريخية، وتراثنا الإنسانى العظيم.. فهل هناك من متعظ؟!.