أزمة الشيخ سالم عبد الجليل ليست بعيدة عن أزمة تصريحات الأخ يوسف زيدان الروائي المعروف، عبد الجليل سواء بقصد أو بدون قصد أعجبته شاشات الفضائيات والزي الأزهري المحبوك فقرر أن يسحب فتيلة الأمان من قنبلة الصوت ليخرج علينا بكلام عن عقيدة تخص غيره ليكيل لها الاتهامات، فعلها من قبله غلام الأزهر المتفاخر بملابسه المودرن التي ينافس بها ممثلو السينما، وبعضلاته التي نفخها في الجيم مع الشباب الروش، غلام الأزهر المدعو بالشيخ عبدالله رشدي أعتقد أن البلاغة واللعب بالمصطلحات لتكفير الناس من الممكن لهما أن يعيدا مجده كصديق للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل ويعيد رونق الصورة الفوتوغرافية التي ضمتهما معًا.
أما يوسف زيدان الذي كلما غاب عنه الإعلام اخترع وهمًا ليجري الناس خلفه، تارة بإنكار الإسراء والمعراج وتارة أخرى بشتيمة صلاح الدين الأيوبي الراقد في قبره منذ مئات السنين، هذه الألعاب البهلوانية ما كان لها أن تحدث لولا الفراغ الذي بات يحيط بحياتنا الثقافية والفكرية، وغياب مشروع حقيقي للتنوير والتقدم، وهو ما يجعلنا نشير بشكل واضح إلى دور الدولة وجهدها المحدود في تلك القضية حتى الآن.
مصر بلد المؤسسات العريقة، أخطأت في فهم وصف المؤسسات وتعاملت معها كمؤسسات عتيقة تنتظر اكتمال تخمر تلك المؤسسات لتنفجر في وجوهنا، وبالفعل بدأت بشائر تلك التفجيرات بمثل هذه الترهات التي أراد رشدي وعبد الجليل وزيدان جر المجتمع لها، فالمتابع لسيرة هؤلاء الرجال الثلاثة سيرى بوضوح نشأتهم ونموهم داخل مؤسسات الدولة، وعلى ذلك يمكن للمواطن البسيط أن يقول إن الإرهاب الذي يصدره كل منهم هو إرهاب على نفقة الدولة ومن جيوب دافعي الضرائب.
فعلى سبيل المثال الشيخ الدكتور سالم عبدالجليل الذي قد تولى الكثير من المواقع رغم صغر سنه وقلة خبرته أقلها الرئيس الشرفي لقناة أزهري وصولاً إلى شائعة أنه المستشار الديني لمؤسسة الرئاسة، إذن من حقه أن يرى أن قوله – مهما كان – هو قول مهم وليس من حق أحد الرد عليه مهما تصادم قوله مع بنية المجتمع المصري الذي يجاهد بمسلميه ومسيحيه للخروج من عنق الزجاجة، أما الشاب الغندور الشيخ عبدالله رشدي فمكانه على منبر مسجد السيدة نفيسة كإمام وخطيب جعل الغرور يمسك في أوصاله وذلك لما يمثله مسجد السيد نفيسة من أهمية روحية معروفة لدى المصريين.
وعلى ذلك يمكن القول أن دولة 30 يونيو تأخرت كثيرًا في بلورة خطابها المعرفي ونسقها الاجتماعي وانحيازاتها، كما أنها تجاهلت المئات إن لم يكن الآلاف من أبنائها ووقعت – أقصد الدولة – أسيرة لدى الدولة العميقة صناعة السادات ومبارك ومرسي، لذلك تقع البلاد بين وقت والآخر فريسة لتصريحات أو انفعالات تلك الوجوه التي لا ترى أبعد من قدميها.
الملفات لا تنفصل عن بعضها، عندما نتكلم عن فساد ماسبيرو فنحن نقصد أن المنتج الذي نطالعه على شاشاتها لا يليق ولا يساوي حجم ما ينفق عليه، عندما نتكلم عن الأزهر فإننا نقصد بالفعل ثورة فكرية شجاعة تتواكب مع اللحظة الراهنة، عندما نصرخ من احتكارات رأس المال فإننا نقصد التوجه نحو حماية المنافسة للسيطرة على الأسعار، حكايات عبدالجليل ورشدي وزيدان لا تبتعد عن تلك الملفات لأننا نعتبرهم مجرد عناوين لغياب المشروع العام الجامع الذي يستهدف أكثر من 90 مليون مصري، مع غياب ذلك المشروع يصبح منطقيًا أن نتصارع حول حقارة أو جسارة صلاح الدين الأيوبي كما قال يوسف زيدان، ويصبح من العادي أن تدخل البيوت المصرية في حوار عميق إذا كان جارهم المسيحي سيدخل النار أم لا .. حسب تصريحات عبدالجليل ورشدي.
هل هناك ضوء في نهاية النفق، أنا أعتقد هذا لذلك لم يصيبني الإحباط بعد، ومازلت زارعًا للأمل رغم سنوات رشدي عبد الجليل الأيوبي.