بمجرد أن تقع عيناك أمام هذا المبنى الصامت، الذي يفوح منه عطر الماضي، ينتابك شعور بأن عقارب الساعة عادت بك إلى عشرات السنين لتتعايش مع جو من الخيال المفعم بالجمال.
فعلى امتداد البصر تحدق عينيك لتستوعب هذه التحفة المعمارية التي تحمل اسم فيلا انجي أفلاطون بقرية المنشأة الكبرى التابعة لمدينة كفر شكر بمحافظة القليوبية.
وبطبيعة الحال استنفرت جميع قرون الاستشعار الصحفية لدينا مما دفعنا للاقتراب من المشهد لنضع التفاصيل بين أيدي قرائنا الأعزاء.
فالقصر، أو كما يسمونه الفيلا، تعود ملكيته للسيدة إنجي حسن أفلاطون وهي فنانة مصرية تنتمي إلى روادالحركة الفنية التشكيلية في مصر والعالم العربي ولدت في العام 1924 ورحلت عن عالمنا عام 1989.
وتحكي "فيلا أفلاطون" المشوار الفني لصاحبته إنجي التي شقت طريقها نحو الإبداع الفني تلقائيًا قبل أن تدرس فن الرسم دراسة أكاديمية، فقد استقدم لها والدها معلمًا حين لمس نزوعها نحو الفن وبعد فترة التقت بأحد الفنانين الذين اثروا في الحركة الفنية آنذاك وهو كامل التلمساني الذي اخذ يشرح لها الفن ويوجهها نحو تاريخ الفنون وفلسفة الجمال وقدم لها فنون التراث واتجاهات الفن الحديث من خلال المراجع والصور فانفتحت أمامها نافذة أطلت منها على عالم الفنون الحافل بالجمال وكان ذلك من عام 1942 حتى 1945.
ويعكس تصميم الفيلا روح تذوق الجمال الممزوج بالفن.. فعلى مدخل الفيلا ستجد انتشار اشجار الكافور لتسير في ممر طويل وعلى جانبيك اشجار البرتقال وانواع الفاكهة المختلفة لتصل في نهاية الممر الى مبنى في جهة اليسار وهو الاستراحة.
أما جهة اليمين سنجد مبني الفيلا المكونة من دورين ويغلب عليها عبق الماضي حيث انها مقامة بالخشب وتحتوى على سلم داخلي.. يتكون الدور الارضي من مطبخ وحمام وسفره وصالون بالطابع القديم..أما العلوى 4 غرف نوم ذات ملمح قديم تلك الغرف مكونة من أسرة التي تحيطها العمدان.
وبتجول البوابة نيوز داخل الفيلا وجدت عجلتين احداهما للكارتة التي كانت تستقلها انجي خلال التجول لرسم المناظر الريفية المختلفة والاخرى لعربية كارو.
كما توجد طلمبة يدوية تعود بذاكرتك إلى المذاق الخاص والرائحة المميزة للمياه المستخرجة من باطن الأرض.. وفي الجهة المقابلة للفيلا سنجد مخزنًا توجد فيه ماكينات ري قديمة جدا.
وهذا الصرح الأثري الرائع موروث للمهندس حسن محمود جلال،60 عاما، ابن شقيقة الفنانة انجي أفلاطون الذي يحرص على زيارة المكان مرة كل شهر على سبيل الاستراحة لان المكان بطبيعة الحال يغلب عليه الطابع الريفي البحت.
واكد حارس الفيلا رضا سعد ان الفيلا مقام فيها جزء بالطين والاخر بالحمرة واكد ان ابن اختها تبرع بجزء من اللوحات لوزارة الثقافة ولما لقى ان فيه اهمال رفع على الوزارة قضية وكسبها واسترد اللوحات وتبرع بيها لمكتبه الاسكندرية، واكد الحارس ان وريثها يحاول تأليف كتاب عن الفنانة حاليًا.
واكمل رضا ان انجي تأثرت بحياة القرية جدا وكانت دايما تحاكى فى رسومتها حياة الفلاح الكادح وفى مرة رسمت واحد اسمه السيد الفلاح وهو شغال في الارض.
وبالعودة لاصل الفنانة انجي أفلاطون الفنانة التشكيلية، نجد انها تمتد اصولها لعائلة ارستقراطية عريقة حيث ان والدتها صالحة افلاطون هي اول مصممة ازياء مصرية ووالدها الأستاذ الجامعي حسن محمد أفلاطون، قد درس العلوم في جامعات سويسرا وإنجلترا، وعاد للتدريس بكلية الطب في مصر، ثم انتقل لكلية العلوم قسم حشرات عند نشأتها عام 1930، وتولى العمادة بها لسنوات طويلة.
وهي حفيدة حسن الكاشف الشهير باسم “أفلاطون” وهو اللقب الذي لقبه به محمد علي رسميًا، وذلك لشهرته بمناقشاته الفلسفية وتساؤلاته.
أما أمها، فكانت ابنة عمٍ لأبيها، وهي السيدة صالحة أفلاطون والتي انفصلت عن أبيها في نفس العام الذي ولدت به إنجي، وهي في التاسعة عشر من عمرها، ولم تتزوج مرة أخرى –إلا في وقت لاحق- خوفًا من سحب حضانة ابنتيها منها كما كان يهددها زوجها السابق.
استقلت والدة إنجي ماديًا وانتقلت بطفلتيها إلى منزل منفصل عام 1936، وأنشئت دار أزياء “صالحة” التي كانت تخدم نساء الطبقة الأرستقراطية. فنشأت إنجي في جو أرستقراطي وبرجوازي لم تألفه ولم تحبه منذ سن صغير، وألحقها أهلها بمدرسة راهبات القلب المقدس والتي كانت تعرف بكونها “مصنع الزوجات الصالحات”، فقد كانت تربى بها التلميذات على الطاعة العمياء، وقتل الطموح بهن فكان يمنع على سبيل المثال اصطحاب أي كتب غير الكتب المقررة، أو إنشاء أي صداقات بين الفتيات وبعضهن البعض.
وتعرضت إنجي أكثر من مرة للعقاب بسبب رفضها طاعة الأوامر، وكغيرها من مثقفات النصف الأول من القرن العشرين، رفضت الإكمال في مدارس الراهبات. فنقلتها أمها لمدرسة الليسية الفرنسية، والتي وصفتها إنجي بأنها أول خطواتها نحو الحرية. وفي مدرسة الليسية تشبعت بالآراء والأفكار الفلسفية للمفكرين الفرنسيين، وكانت المدرسة تشجع التلميذات على الدخول في نقاشات فلسفية.
وخلال دراستها، احتكت إنجي بطبقات جديدة لم تتعرف عليها في مدرسة القلب المقدس -والتي ضمت فقط بنات الذوات-، فابتعدت عن صديقات الطفولة ولاحظت الفروق بين طبقتها البرجوازية والطبقات المتوسطة والفقيرة، وهذا دفعها للتساؤل: كيف يقبل إنسان عاقل هذا الوضع الظالم؟
وافتتح عماد أبو غازي، وزير الثقافة السابق متحفها في عام 2011 في قصر الأمير طاز، في منطقة الخليفة، بالقاهرة، ويعد هذا المتحف أول تكريم لها، حيث يضم 60 لوحة من أعمالها، يتم تغييرهم كل فترة، بالإضافة لمجموعة من مقتنياتها الشخصية القيمة مثل حامل الرسم الخاص بها، وأدوات الرسم وبواقي الألوان.
صالحة افلاطون ام انجي كان لها حكاية مع الفنانة رجاء الجداوى لأنها ساعدتها فى دخول عالم الأزياء فقالت عنها تبنتني صالحة أفلاطون، أول مصممة أزياء مصرية، فدربتني جيدًا وحجبتني عن الناس حوالى العام وعلمتني كيف أجلس وأصعد السلالم وأقدّم الشاي وأنسّق الأزهار وأستقبل الضيوف وأدير الحوار، وكانت سببا فى أن أجري عام 1958 أصبح حوالى 175 جنيهًا مصريًا لقاء العرض الواحد. ثم تخصّصت في تدريب العارضات وجعلت عرض الأزياء مهنة راقية، خصوصًا بعد مغادرة عارضات الأزياء الأجنبيات مصر.
تم اعتقال انجي في نهاية الخمسينيات وأستمر اعتقالها لمدة شهرين ثم هربت في ظروف غير معلومة إلى كفر شكر وعاشت خلال فترة الهروب في كفر شكر متنكرة في زي فلاحة ريفية وخلال تلك الفترة شاركت في بعض الإجتماعات التنظيمية وخلال رحلة سفرها للقاهرة لحضور أحد هذه الإجتماعات تم القبض عليها لتساق لسجن الواحات.. ومن هناك بدأت رحلة الإضرابات مع رفيقاتها حتى تم الإفراج عام 1962.
أشهر أعمال انجي أفلاطون
لوحات: الفرنـ الفيضان ـحاملو التبن
ولها العديد من المؤلفات والأنشطة الثقافية منها:
صدر لها كتاب بعنوان (80 مليون امرأة معنا) 1947ـ صدر لها كتاب بعنوان (نحن النساء المصريات) 1949ـ صدر لها كتاب ثالث بعنوان (السلام والجلاء) 1951.
نالت أنجي أفلاطون جوائز محلية ودولية منها:
جائزتين من صالون القاهرة عامي 1956، 1957 ـ الجائزة الأولى في مسابقة المناظر الطبيعية التي نظمتها وزارة الثقافة عام 1959ـ وسام (فارس للفنون والآداب) 1985ـ 1986 من وزارة الثقافة الفرنسية.
تقول انجى فى مذكراتها: اقمت معرضا فى عام 1953 واخر فى 1954 والثالث كان فى 1956 وكانت تلك المعارض تدور كلها حول الريف وحياة الناس هناك، وقد هربت من المدينة الى الريف حيث وجدت الاصالة والمصداقية، فمن خلال الريف كنت ازداد معرفة بنفسىوبوطنى، ولم يكن هذا بالامر السهل على امرأة فى سن الشباب نظرا للعادات والتقاليد السائدة.
![](/Upload/libfiles/35/9/30.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/9/34.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/9/23.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/9/19.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/9/14.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/9/10.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/9/6.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/9/2.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/999.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/997.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/992.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/989.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/985.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/983.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/979.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/974.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/972.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/968.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/963.jpg)
![](/Upload/libfiles/35/8/961.jpg)