حينما يصل بابا الفاتيكان فرنسيس إلى مصر، ويلتقى مع أهل هذا البلد من مسلمين وأقباط، ثم يأتى خليط من أهلها بمزاجات متعددة وتناقضات مختلفة، وتأتى أحيانًا صراعات يختلف على نوعياتها، ويمكن أن تؤدى إلى صدام خطر لا يحمد عقباه.
حينما يصل بابا الفاتيكان إلى أبواب الحوار، فإنه يفتح أبوابه على مصراعيها. ولا شك أن فرنسيس حينما يلتقى أهل مصر يلتقيهم بقلب مفتوح وعقل مفتوح يمتلئ بالمحبة التى يعرفها جيدًا، كما أن أهل مصر أيضا وبدورهم سيردون بنفس الانفتاح بحكم العلاقات بين مصر والفاتيكان التى تمتد سبعين عامًا، ولها صفة مميزة ليس فقط لكونها علاقة دينية وعلاقة زمانية، بل إنها فضلًا عن ذلك ومع ذلك أيضًا علاقة تاريخية لها طبيعة خاصة عند الطرفين.
الرسالة التى تبعث بها زيارة البابا لمصر فى ذلك التوقيت تحديدًا أن البابا يهدف بالأساس لجعل الزيارة لقاءً فكريًا وروحيًا، ثم بجانب كل ذلك لقاء قلوب.
لقاء الأزهر والفاتيكان لا شك أنه من أهم أهداف الزيارة، لأنه تكريس وتعميق لتبادل الحوار الدينى.
لا شك أن الواقع السياسى يؤثر على المستويات المختلفة دوليًا وإقليميًا يتداخل فيها باسم العولمة ما هو سياسى بما هو دينى وثقافى.
هل العلاقة بين الغرب والإسلام فى ضوء الواقع الحالى مؤهلة لحوار خلاق وهادف بين الطرفين؟ أقول إن الإسلام المعتدل ولغة الغرب أيضًا المعتدلة مؤهلان لحوار صالح للطرفين.
هل يمكن تفعيل هذا الحوار ليصبح مثمرًا من الناحية العملية؟ ممكن فعلًا تفعيل هذا الحوار جديًا، ليخرج بعيدًا عن الشعارات والشكل البروتوكولى فينتقل من دائرة التوصيات إلى نتائج على أرض الواقع؟.
فى اللقاء الأول من نوعه بين البابا فرنسيس والرئيس السيسى فى نوفمبر ٢٠١٤ كانت نتائج هذا اللقاء مثمرة من الناحية العملية، وأمكن تعزيز هذا الجانب الإيجابى من اللقاء لصالح حوار الأديان، حيث سمحت العلاقة بين القيادتين بتعزيز هذا الجانب بشكل إيجابى وفعال.
يمكن الاستفادة من هذه الزيارة فى التوصل إلى حل نهائى بشأن وضع القدس من خلال تكريس مكانة الفاتيكان لخدمة تلك القضية.
وحينما نتأمل هذا القداس المهيب وحضور الآلاف من المؤمنين والمصلين سنؤمن جميعًا بأننا نؤمن بإله واحد نعبده وحده، وسنؤمن أيضًا أن هذا الرجل جاء إلى بلدنا بحثًا عن المحبة لشعب أراد له كل خير.
حينما يتذكر الجميع أنهم جاءوا إلى هذا المكان الآمن فدخلوه آمنين وغادروه بأمن وسلام، سيشعر الجميع بل سيتأكد أننا فعلًا فى مصر بلد الأمن والسلام.
تابعت حركة وصول وتحرك الضيوف وهم وراء قداسته يتابعون صلواتهم وهم فى بهجة إيمانية، فضلًا عن شعورهم جميعًا برباط يشملهم جميعًا بروح المودة. حينما تأملت هذا المشهد تأكد لدىّ أن بابا الفاتيكان يجمع بين الذكاء الروحانى وذكاء التأليف بين القلوب، فجمع بين قيم نادرة وثمينة.