المرشح الوسطى إيمانويل ماكرون فاز بالرئاسة الفرنسية وأيده ٦٦ فى المئة من الفرنسيين مقابل مرشحة اليمين مارين لوبن التى حصلت على ٣٤ فى المئة من الأصوات.
الأمل الذى مثّله ماكرون انتصر على الغضب الذى مثلته لوبن، والجمهورية الفرنسية فى أمان، فيبقى أن يجد الرئيس الجديد أنصارًا له فى البرلمان بعد الانتخابات النيابية المقبلة ليستطيع أن يحكم، وأن يعالج المشكلات الحقيقية والمزعومة التى تحدث عنها المرشحان خلال الحملة الانتخابية.
ماكرون كان واثقًا من الفوز وإلى درجة أننى قرأت أنه بدأ تعيين وزراء فى الحكومة الأولى خلال رئاسته. ربما كان هذا أهون من خفض البطالة إلى النصف كما وعد. وبما أن خلفيته تشمل العمل فى المصارف قبل أن يصبح وزيرًا مع الرئيس فرنسوا هولاند، فهو يملك أفكارًا كثيرة لتنشيط الاقتصاد. أيضًا، هو يريد خفض الإنفاق العام ٦٠ بليون يورو خلال السنوات الخمس من رئاسته، وتنشيط الاقتصاد بضخ ٥٠ بليون يورو فيه، وهذا ممكن.
الغضب الذى مثلته مارين لوبن فى انتخابات الرئاسة رأى فى العولمة نظامًا زائفًا يخدم أصحاب المال، وهى بالتالى انتصرت للفقراء أو المحرومين الفرنسيين، خصوصًا من الشباب الذين لا يجدون عملًا. هى أيضًا كانت ممثلة صادقة لأقصى اليمين بحملاتها على الاتحاد الأوروبى وتهديدها باستفتاء للخروج منه واسترداد الهوية الفرنسية، ولعلها فى هذه النقطة كانت شبه دونالد ترامب الذى قال «أمريكا أولًا»، وهى تقول «فرنسا أولًا». هى أيضًا مثلت أقصى اليمين فى حملاتها على الإسلام الراديكالى، والمقصود الإسلام كله، وفى رفضها تدفق اللاجئين على بلادها ما يهدد الهوية الفرنسية الأصلية أو الأصيلة.
الرئيس ماكرون سيواجه تحديات كثيرة وهو يدخل قصر الإليزيه، أولها تنشيط الاقتصاد الذى يعانى، أو «يراوح مكانه» بلغة العسكر، وهذا مع ارتفاع معدلات البطالة، وقلق العمال فى فرنسا من هجمة العولمة على بلادهم.
فى أهمية ما سبق الأمن، فقد تعرضت فرنسا لعمليات إرهابية متتالية فى السنوات الأخيرة، وقبل انتخابات الرئاسة قُتِل قرب نهاية الشهر الماضى الشرطى الفرنسى زافييه جوغيلى بعمل إرهابى. الرئيس الجديد من أنصار الاتحاد الأوروبى، ما جعل قادة الدول الأعضاء يتسابقون لتهنئته بالفوز، ومثلهم دونالد ترامب، إلا أنه يمثل حزبًا جديدًا اسمه «إلى الأمام» لا يملك أعضاء فى البرلمان، لذلك سيكون من المهم جدًا أن ينال ماكرون تأييدًا طيبًا فى الانتخابات المقبلة للجمعية العامة ليمثل الغالبية من الفرنسيين التى اختارته رئيسًا. لن أجزم بشيء اليوم، ولكن أقول إن الأحزاب الرئيسية فى فرنسا أعلنت تأييد المرشح الوسطى بعد فوزه بالترشيح للدورة الثانية من انتخابات الرئاسة.
هو أيضًا أعلن موقفًا معتدلًا من اللاجئين، وانتقد منافسته لوبن وهو يقول إن واجب أوروبا أن تقبل لجوء المضطهدين وتحميهم، وفى الوقت ذاته أن تعمل لمعالجة تراجع النمو والمجاعات وارتفاع حرارة الطقس. هو اعترف بأن الاتحاد الأوروبى لا يستطيع استيعاب جميع الوافدين، إلا أنه أصر على واجب فرنسا فى احتضان حصتها منهم.
ثمة اختلاف بين لوبن وماكرون أجده ظريفًا رغم أهميته، هى قالت: فرنسا ليست حجابًا على الشاطئ. فرنسا هى بريجيت باردو هذه هى فرنسا. هو قال: العلمانية هى قلب الوطنية الفرنسية، فهى تسمح بالتعايش والاحترام المتبادل... ثلثا المسلمات (فى فرنسا) لا يرتدين الحجاب ويركزن على القضايا الاجتماعية التى تثير اهتمامهن.
إيمانويل ماكرون أصغر رئيس فرنسى منذ (الإمبراطور) نابليون، إلا أنه صاحب خبرة كبيرة فى الاقتصاد، وهذا أهم تحدٍّ سيواجهه، فأرجو أن ينجح.
نقلا عن «الحياة» اللندنية