ما يحدث على أرض المعارك الآن فى كل من سوريا والعراق هو نذير شؤم لجماعات الإرهاب المسلح وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم «داعش» وتنظيم النصرة المنشق عن تنظيم القاعدة، فالهزائم للجماعات الإرهابية تتوالى وتخسر الجماعات أجزاء كبيرة من أراض كانت تحت سيطرتها وقتل الآلاف وهروب الآلاف فما المصير لكل من داعش والنصرة الذى حول نفسه بأوامر قطرية إلى أحرار الشام حتى يضمن له اشتراكا فى مباحثات السلام ولكن روسيا والنظام السورى رفضا مشاركة أحرار الشام على أساس أنه تنظيم إرهابى ينتمى لتنظيم القاعدة.
ويتنبأ عدد من المحللين أن الأوضاع التى يمر بها التنظيمان سوف تدفعهما إلى التعاون والتحالف وتجبرهما على القفز على الخلافات الفكرية والميدانية، والمعروف بأن داعش يقوم بتكفير تنظيم القاعدة وعلى رأسهم الدكتور / أيمن الظواهرى بحجة تحالفه مع إخوان مصر أثناء فترة حكم الرئيس المعزول/ محمد مرسي. وكذلك يكفرون النصرة رغم انشقاقها عن تنظيم القاعدة إلا أن النصرة لا تكفر أيمن الظواهرى ولا أعضاء تنظيم القاعدة وقائد تنظيم جيش النصرة فى سوريا هو «أبو أنس» الابن الأصغر لعبد الله عزام الذى تولى قيادة المجاهدين العرب لفترة أثناء الحرب الأفغانية فى الثمانينيات من القرن الماضى وهو مثل أبيه من تجار الحروب المرتزقة، فقد انفصل عن أيمن الظواهرى بناءً على رغبته فى تحصيل الدعم المادى الذى يصلهم من دول الخليج وتركيا لنفسه وحرمان أيمن الظواهرى من هذا الدعم وهى نفس أخلاق أبيه فى أفغانستان وأنا كنت موجودا أثناء الحرب الأفغانية فى أفغانستان وأسكن مع الدكتور/أيمن الظواهرى وكان يشكو لى أفعال عبدالله عزام ومشاكله المادية مع المجاهدين.. إلخ.
وقد اقتتل التنظيمان على الأرض السورية وأعدم داعش أكثر من ٨٠ مقاتلا من جيش النصرة وأعدم جيش النصرة قرابة ٣٤ من داعش كما أنهم اقتتلوا على توزيع الغنائم والبترول حيث إنهم يستولون على صوامع الحبوب ومحطات الكهرباء والمصانع والسيارات التى يتم تفكيكها وبيعها فى تركيا وفرض الضرائب «المكوس» على السكان الخاضعين لسيطرتهم حتى سليمان السبيعى وهو مواطن سعودى سافر للانضمام إلى داعش عاد بعد عامين وسلم نفسه للسلطات السعودية وحكى فضائح يشيب لها الولدان عما يحدث فى هذه الجماعات حتى أن التليفزيون السعودى أفرد له حلقات وملخصا لما قاله بعيدًا عن الفضائح الأخلاقية حيث إنه قال طوال وجودى عامين مع داعش لم أقاتل جنديا سوريا واحدا وكل قتالنا كان ضد بعضنا البعض مع جيش النصرة تارة وتحرير الشام تارة والجبهة الديمقراطية تارة.. إلخ، والمعروف بأن سوريا بها أكثر من ٣٠٠ جماعة مسلحة، ومع الهزائم المتتالية للتنظيمين فهل يدفع هذا التجاوز الخلافات الدموية والتعاون للخروج من الأزمة؟
يذهب بعض المحللين إلى أن ذلك سوف يحدث، وهى وجهة نظر. بينما يرى الفريق الآخر أن هذا مستحيل بسبب عمق الخلافات الفكرية والجراح الدموية التى سالت بين الطرفين.. أما وجهة نظرنا فتتلخص فى الآتي:
• أن الكثير من قيادات داعش وجنودها أساسًا كانوا فى تنظيم القاعدة المنشأ الفكرى والحركى لهم وأنهم انضموا إلى داعش وانشقوا عن تنظيم القاعدة والنصرة لعدة أسباب أهمها:
• أنهم يعتقدون أن وجودهم فى تنظيم سرى مع وجود دولة إسلامية لها حكومة وأرض تحكمها تساوى أربعة أمثال مساحة إسرائيل «فلسطين المحتلة» لا يجوز شرعًا ويجب عليهم شرعًا دعم الدولة حتى تستقر ويكون لها اعتراف دولي.
• دعم الدكتور/ أيمن الظواهرى لإخوان مصر رغم أن اعتقاد القاعدة هو تكفير الإخوان لأنهم يؤمنون بالديمقراطية والمفاهيم الغربية.
• أن وجود رؤية شرعية مكتوبة لتنظيم داعش مثل الكتب التى تتحدث عن وجوب دعم الدولة الإسلامية مثل:
• كتاب مد الأيادى لبيعة أبوبكر البغدادي.
• رفع الملام عن دولة الإسلام.
• أعلام الأنام بميلاد دولة الإسلام.
الكثير من المؤلفات كتبها من يسمون أنفسهم علماء الدولة الإسلامية أقنع أعدادا كبيرة بالانضمام لتنظيم داعش وأيضًا تنظيمات أخرى خارج سوريا والعراق كأنصار بيت المقدس فى مصر وأنصار الشريعة فى ليبيا ..إلخ.
فهزيمة داعش ربما تدفع هذه الأعداد للبحث عن العودة مرة أخرى للعمل.
تنظيم القاعدة الذى يعتمد على العمل السرى والذئاب المنفردة والذى يعرف شخصية أيمن الظواهرى يتوقع أن تنجح هذه الأعداد فى العودة إلى التنظيم الأم لأن أيمن سوف يرحب بذلك لزيادة قوتهم وفرض وجوده مرة أخرى والطبيعة الشخصية لأيمن بأنه لديه قدرة على تجاوز الخلافات حتى لو كانت ضده شخصيًا. كما أنه يرى بأن ذلك ضربة موجهة للنصرة وقائدها أبو أنس الذين نكصوا معه وضربوا بيعة أيمن عرض الحائط – كما أن الداعمين لداعش والمحركين لها وعلى رأسهم دويلة القطر مندوب إسرائيل فى المنطقة سوف يتحولون لدعم القاعدة من أجل ضمان السيطرة والتحكم فى التنظيم لكى يستمر فى تقديم خدماته للمخابرات الإسرائيلية والأمريكية الراعى الرسمى باعتراف هيلارى كلينتون لهذه التنظيمات – لأن هذه التنظيمات تعمل وفق استراتيجية مرسومة لها فهناك صلات وثيقة بين الجماعات فى ليبيا وأنصار بيت المقدس فى سيناء والجماعات فى سوريا والعراق وتخضع لقيادة موحدة وهى «مجلس الأمن والاستخبارات» وهو الجهاز المسئول عن العمليات السرية ومساعدة الجماعات خارج سوريا والعراق «أى الدعم المادى واللوجيستى وهذا الجهاز كان يتولاه «أبو مسلم التركماني» وهو ضابط سابق فى «الحرس الجمهورى العراقي» وتم تجنيده من قبل المخابرات الأمريكية، فلما قتل تولى مسئوليته «أبوعلى الأنباري» وهو أيضًا ضابط سابق فى الحرس الجمهورى العراقى وإن أول من قام بتدريب عناصر داعش داخل معسكر بالمملكة الأردنية كانوا مجموعة من ضباط المارينز والحقيقة أنهم كانوا ضباطاً من إسرائيل من أصول عربية ثم نقلوا المعسكرات إلى الحدود التركية السورية، وجزء من تنظيم الدولة سوف يتم إرساله إلى ليبيا بأسلحتهم حيث المكان الآمن وعدم الملاحقات الأمنية ولاستمرار الضغط على مصر من جهة الغرب، وهناك جزء يتسرب من الحدود السورية إلى الداخل الإسرائيلى عن طريق الجولان وتقوم إسرائيل بنقلهم إلى قطاع غزة لكى تتسلمهم حماس ثم يجدون طريقهم إلى سيناء عبر الأنفاق، ولذلك لا تتعجب عندما تعتذر داعش لإسرائيل عن إطلاق صواريخ عليها بطريق الخطأ ولا تتعجب عندما يقول الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى وجدنا أنفاقا بطول ٣ ك. م وعمق يصل لـ ٤٥ مترًا وتستطيع تمرير عربة وغرفة عمليات بجبل الحلال مجهزة لجيوش نظامية وليس تنظيما سريا.
سوف تتمزق داعش ولكنه تمزق تحت السيطرة لتدويرها وإعادة استخدامها بوجه جديد حسب رؤية المنتج والراعى الرسمى لها.
وقبل أن نختتم هذه المقالة فنحن نؤمن أن هذه التنظيمات وعلى رأسها داعش تحركها المخابرات الإسرائيلية والأمريكية لتدمير الدول العربية وتمزيقها على أسس عرقية وطائفية باعتراف المسئولين فى الدولتين إسرائيل وأمريكا وأن تنظيم داعش بالأخص كان من مهامه تشويه الإسلام كدين من عمليات ذبح وقتل وحرق وهتك أعراض وقتل أطفال وحرقهم أحياء حتى يصور الإسلام للغرب بأنه دين توحش وهمجية وشذوذ وشهوة وقد قال وزير الداخلية التونسى «لطفى بن جدو» فى سبتمبر عام ٢٠١٣ أمام البرلمان التونسى إن أعدادا من فتيات تونسيات سافرن إلى سوريا تحت مسمى «جهاد النكاح» عُدن إلى تونس «حوامل» من أجانب يقاتلون الجيش النظامى السورى وقال «يتداول عليهن «جنسيًا» عشرون وثلاثون (مقاتلا) ويرجعن إلينا يحملن ثمرة هذا السفاح الجنسى باسم جهاد النكاح ..إلخ.
والفضائح تحتاج إلى مجلس وليس مقالا، أين ذلك من الدين والتاريخ الإسلامى والمدون به كل حروب المسلمين؟ فهذا زنى صريح لتشويه الدين حتى بمقياس نكاح المتعة الذى يبيحه المذهب الشيعى الجعفرى، فما يحدث لا يمت له بأى صلة هو فقط لتشويه دين الإسلام .. اللهم العنهم فى الدنيا والآخرة . آمين