الجمعة 18 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

نتائج الانتخابات الجزائرية.. لا جديد تحت قبة البرلمان

بعد تصدّر الحزب الحاكم

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
معارض جزائرى لـ«البوابة»: العملية الانتخابية صورية وموجهة إلى الخارج.. ووزير الداخلية: الأبواب مفتوحة أمام الطعون
لا جديد تحت قبة البرلمان، أو فى خارطة السلطة السياسية، بهذه الجملة يمكن اختصار ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات التشريعية الجزائرية، والتى شهدتها الجزائر الخميس الماضي؛ إذ لم تشهد أى جديد يذكر، فقد سيطر حزب «جبهة التحرير الوطنى الحاكم»، الذى يرأسه عبدالعزيز بوتفليقة على صدارة المشهد بـ«١٦٤ مقعدًا»، تلاه حزب «التجمع الوطنى الديمقراطى» أبرز حلفائه فى السلطة بـ«٩٧ مقعدًا»، فى حين جاء تحالف عدد من الأحزاب المنتمية إلى تيار الإسلام السياسى فى المرتبة الثالثة، وهى النتيجة التى تكاد تطابق نتائج الانتخابات السابقة.
المقاطعة مستمرة
من جهة نسبة المشاركة، لم تفلح التحركات الحكومية والمؤتمرات الانتخابية التى حثت الناس على المشاركة فى التأثير فى المواطنين؛ إذ واصل العزوف الشعبى طريقه مسجلًا مقاطعة ما يقارب ٦٢ بالمئة من الناخبين، وهو رقم يفوق نسبة المقاطعين التى سجلتها الانتخابات السابقة، حيث كانت نسبة المشاركة الإجمالية فى انتخابات ٢٠١٢ بلغت ٤٢.٩٠ بالمئة مقابل ٣٨ بالمئة هذه المرة.
ويرى مراقبون للمشهد الجزائرى أن حالة الجمود السياسى التى تتسم بها البلاد، والتى تعد أبرز دلائلها استحواذ حزب «جبهة التحرير الحاكم» على السلطة منذ استقلال الجزائر عن فرنسا فى العام ١٩٦٢، وتلميحات بعض قادته بأنهم سيظلون فى السلطة مئة عام مقبلة، تجعل المواطن الجزائرى غير مقتنع بجدوى العملية الانتخابية، لا سيما فى ظل تكرار الحديث حول عمليات تزوير ممنهجة يطلقها معارضون.
ومن الناحية الرسمية، كان حزبان رئيسيان أعلنا مقاطعتهما المشهد الانتخابى هما حزبا: «طلائع الحريات» و«جيل جديد»، إلا أن المتابعين يرون أن المقاطعة الشعبية غير متأثرة بدعاية هذين الحزبين بشكل كبير بقدر ما هى نابعة من عدم قناعة داخلية لدى الناخبين بجدوى الأمر. 
اتهامات بالتزوير
على الرغم من حصول تحالف الأحزاب الإسلامية الذى تتقدمه حركة مجتمع السلم «حمس» على المرتبة الثالثة من حيث عدد المقاعد فى البرلمان الجديد، فإن الحركة اتهمت الحزبين الحاكمين «جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي» بالتزوير والتهديد، وممارسة العنف على ناشطيها.
وقال مسئولون فى الحركة، فى تصريحات إعلامية: إن الإدارة سمحت لمن سمتهم «بلطجية جبهة التحرير الوطنى والتجمع الوطنى الديمقراطي» بحشو الصناديق واستخدام العنف، دون أن تتدخل.
وإضافة إلى «حمس»، طالبت الأمينة العامة لحزب العمال الجزائرى «يسار» لويزة حنون، بإلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التى حصل فيها حزبها على ١١ مقعدًا، وقالت حنون التى سبق وترشحت لمنصب رئاسة الدولة مرتين، فى تصريحات صحفية، إنها تملك محاضر تؤكد حدوث تزوير واسع لصالح الحزب الحاكم. 
وكان حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» «العلماني» قال فى وقت سابق، إنه تم تسجيل عدة تجاوزات بالعاصمة الجزائر، منها أن عدد الأظرف الخاصة بالحزب أقل مقارنة بالقوائم الأخرى، إضافة إلى وجود مراقبون وأعوان إدارة بمراكز اقتراع يرتدون قمصانًا مكتوب عليها الاسم والرقم الانتخابى لأحزاب معينة، بهدف التأثير فى الناخبين وتوجيههم.
كما دعا حزب «الجبهة الوطنية الجزائرية» إلى إلغاء نتائج الانتخابات وفتح تحقيق يقوم أساسا على مطابقة البصمات والتجاوزات، حسبما جاء فى بيان صحفى للحزب.
من جهته قال وزير الداخلية الجزائرى، نور الدين بدوى، خلال المؤتمر الصحفى لإعلان النتائج، إن من يشككون فى نزاهة العملية الانتخابية ما عليهم سوى تقديم شكاوى أمام لجنة مراقبة الانتخابات أو الطعن لدى المجلس الدستورى، مضيفًا أن الأبواب مفتوحة.
إعادة تدوير
من جانبه، اعتبر الخبير الأمنى والمعارض الجزائرى كريم مولاي، أن الانتخابات التشريعية الأخيرة ما هي إلا حلقة جديدة من حلقات إعادة تدوير السلطة القائمة فى الجزائر.
وأوضح مولاي، فى تصريحات إلى «البوابة»، أن «هذه الانتخابات ما هي إلا محطة جديدة لاقتسام الغنائم وتوزيعها بين شركاء اللعبة السياسية بعيدًا عن أي خيارات ديمقراطية حقيقية، مشيرًا إلى أنه إن كانت ثمة ميزة لهذه العملية فهي المقاطعة الشعبية المتجددة.
وقال مولاي: «الشعب الجزائرى يرى في الانتخابات مجرد حلقة جديدة من مسرحية مشروخة يرددها القادة العسكريون الذين يسيطرون على مقاليد الحكم في الجزائر منذ استقلالها عن الاستعمار الفرنسي عام ١٩٦٢، وما الحديث عن تصدر الحزبين التقليديين «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، لنتائج الانتخابات بغريب، فهما حزبان وظيفيان تم إنشاؤهما خصيصا لهذه المهمة».
وأضاف المعارض الجزائري، أن أسلوب السلطات لدعوة الناس إلى المشاركة في الانتخابات اقتصر على تخيير الجزائريين بين الأمن والاستقرار والتصويت لاستمرار النظام الحالي، أو الفوضى العارمة ومخاطر تنظيم داعش، وهو الأمر الذي لم يفلح فى إقناعهم بالمشاركة.
رسالة إلى الخارج
يرى المعارض الجزائرى كريم مولاي، في تصريحاته لـ«البوابة»، أنه «لا يوجد أحد من العقلاء الجزائريين مقتنع بخطاب الحياد والشفافية الذي يتبجح بها المسئولون من العصبة الحاكمة»، مضيفًا أن «الحديث عن هيئة مستقلة للانتخابات، ليس إلا للتسويق الخارجي، أما في الداخل فيعرف الجميع أنها خدعة لا تنطلي على أحد من أبناء الجزائر، بما في ذلك الشباب الذي لم يعرف من سنوات الدم غير الحكايات والأساطير، وربما بعض المعاناة». 
وتابع مولاي، أنه يعتقد أن «الانتخابات التشريعية كما الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليست إلا محطة أخرى في سياسة الهروب إلى الأمام التي اعتمدها النظام الحاكم»، مشيرًا إلى أن هذه السياسة والتعويل على الشرعية الخارجية وتهميش الرأى العام الداخلي في الجزائر ستكون لها عواقب وخيمة على أمن واستقرار بلادنا، لا سيما في ظل واقع إقليمي ودولي متغير، لا يعرف معالم الاستقرار بعد». 
واعتبر مولاي أن «عزوف الجزائريين عن الانتخابات الرسالة السياسية، رسالة قد تكون يجب أن ينصت إليها الفاعلون في الشأن السياسي الجزائري، ويتجاوبون معها بما تقتضيه مصلحة الجزائر وأهلها، والعمل على إفساح المجال للشعب الجزائري ليختار مصيره بيده لا بيد مجموعة فرضت نفسها عليه فرضًا، مختتمًا تصريحاته بالقول: «لا مهرب من التغيير الحقيقي في الجزائر، والتضليل الإعلامي والانتخابي لم يعد ممكنًا».