الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المجلس الأعلى لفوضى الإعلام..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سادت حالة من الفوضى الإعلامية العارمة والملحوظة بوسائل الإعلام المصرية الحكومية والخاصة على السواء مؤخرا فى تغطية الأحداث المهمة الأخيرة، لا سيما زيارة بابا الفاتيكان التى لم تتم الاستفادة منها على الوجه الأكمل اقتصاديا وسياحيا ودينيا، والزيارة تمثل حدثا عالميا يحمل عددا من النتائج الإيجابية لمصر فى ظل المؤامرات التى تتعرض لها من عدد من الدول الخارجية، ويؤكد مساندة أعلى منصب دينى مسيحى لمصر وللإجراءات التنموية التى تتم بها، كما أنها تحمل رسالة تشجيعية لجميع السياح حول العالم للتوجه إلى مصر، ربما كان من الضرورى أن تعمل وزارة السياحة على ترويج زيارة بابا الفاتيكان إعلاميًا بالتنسيق مع المجلس الأعلى للإعلام، لتسويق برنامج «مسار العائلة المقدسة»، مثلما تم الترويج للاعب الكرة الشهير فى نادى برشلونة «ميسي» عندما زار مصر لدعم السياحة! ولكننا شهدنا تغطية إعلامية فاترة لزيارة البابا إلى مصر، وكأنه حدث عادى من الأحداث التى تمر علينا مرور الكرام، وكان من الممكن أن تكون لزيارة البابا عائد كبير على السياحة والاقتصاد، ولكن لم يحدث شيء بسبب ضعف إعلامنا، فلم تحصد الزيارة ثمارها المتوقعة حتى الآن. كما لم تلتزم وسائل الإعلام فى أدائها بمعايير المهنية فى بعض الأحداث المأساوية الأخيرة مثل تغطية أحداث التفجير فى كنيستى طنطا والإسكندرية، مما جعل رجل الشارع فى حيرة من الأرقام المتضاربة عن الحدث على المواقع الإلكترونية المتعددة، ومنها مواقع أجنبية، التى يتم نشر الأنباء بسرعة دون تدقيق مطلوب بحجة عطش القارئ للتعرف على الأخبار، ما يجعله بمرور الوقت يشك فى مصداقيتها، ومن ثم يذهب إلى قنوات أخرى -كالعادة - من أجل معرفة الحقيقة، ربما يذهب إلى قنوات عربية وأجنبية لها أجندات وأهداف شيطانية محددة مثل قناة «الجزيرة» القطرية! 
وأعتقد أن ما يقدم على برامج التوك شوز من مشاهد مأساوية حزينة سواء أكانت صور الجثث والأشلاء المتناثرة والجنازات وحالات الصراخ والبكاء الهيستيرى والعويل لذوى الضحايا من شهدائنا من رجال الشرطة والجيش وقتل الأطفال واغتصابهم وزنى المحارم هو مشهد غير مقبول بأى حال من الأحوال، ورغم ذلك يقدم بجرعات يومية متكررة على إحدى القنوات الخاصة ناهيك عن قيام قنوات فضائية عدة، باستضافة أهالى الإرهابيين وإظهار مدى معاناة أسرهم والتزامهم بشكل إثارة التعاطف معهم من قبل المشاهدين!
وامتدت هذه الفوضى الإعلامية أيضًا فى أول اجتماعات المجلس الأعلى للإعلام بالهيئات الإعلامية الثلاث الجديدة، عندما نشبت صراعات ومشادات كلامية بين رئيس المجلس الأعلى للإعلام، ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام على المكاتب والمقار الخاصة بوزارة الإعلام فى الدور التاسع لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومن له الحق فى الجلوس عليها بعد استيلاء الثانى عليها فى صورة أثارت سخرية وتهكم الجميع، وكان الأولى بهم أن يبحثوا فى قضية الفوضى الإعلامية التى وصلنا نحن إليها دون أن ينجرفوا إلى مثل هذه التفاهات، وأن يبحثوا فى آليات العمل والتنسيق فيما بينهم، وما إمكانية صياغة استراتيجية إعلامية لمواجهة الإرهاب ومساندة مشروعات التنمية التى تقوم بها الدولة، وأن تكون هناك سياسة إعلامية جديدة وفعالة تسانده الدولة بالفعل، ومن الواقع فى خطواتها نحو التنمية الحقيقية ورفع مستوى المعيشة للمواطنين، وفى حربها ضد الإرهاب بدلًا من الجزر المنعزلة التى بدت على الهيئات الثلاثة منذ الوهلة الأولى لعملهم. ولا بد من حماية حق المواطن فى التمتع بإعلام وصحافة حرة نزيهة، وعلى قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة الدولية، وبما يتوافق مع الهوية الثقافية المصرية كما جاء فى الدستور.
ولا بد أن تجد الهيئة الوطنية للصحافة مثلًا حلولًا قاطعة لديون المؤسسات الصحفية القومية الفاشلة والتى وصلت إلى مليارات الجنيهات، بالإضافة إلى بطالة الصحفيين والإعلاميين والمعاشات ومستويات دخولهم وأزمة التوزيع والإعلانات ومشكلاتهم مع مؤسساتهم.. ربما اعتقد البعض أن تغيير اتحاد الإذاعة ومجلس الصحافة إلى الهيئتين الوطنية للإعلام وللصحافة، سوف يكون على مستوى المسميات والأشخاص فقط وليس فى آليات العمل والمهنية والسياسات الإعلامية والاستراتيجيات وسرعة البت فى الموضوعات المطروحة. 
أعتقد أن اختيارات بعض أعضاء الهيئات الإعلامية البديلة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الدولة لا تريد إصلاحًا حقيقيًا للإعلام وتطويره، بل سيبقى الوضع كما هو فقط سنغير مسمى الكيانات الموجودة، بينما بعض أعضاء هذه الهيئات انتهت مدة صلاحيته، ولم يعد لديه جديد ليقدمه، وإنما أفكار تقليدية متمسك بها، والبعض الآخر ليست له صلاحية على الإطلاق، وليس لديه مؤهلات متخصصة محددة تتطلبها عضويته، وآخرون ينتمون إلى نظام مبارك ولجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل، وآخرون قد بلغوا من العمر أرذله وهم الأغلبية دون أن يكون هناك تمثيل يذكر للشباب أو وجوه جديدة تطرح أفكارًا جديدة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، بدلًا من الأفكار المعلبة التقليدية والمجهزة منذ العهود السابقة لحل أزمات إعلام اليوم، وأحدهم رهن تحقيقات فى قضية تزوير مخلة بالشرف والاعتبار وهو ما يتناقض مع المادة! على أى حال فلا بد من إيجاد آلية فعالة لضبط مسار الإعلام، وتفعيل بحوث التأثير لوسائل الإعلام على المشاهدين والمتلقين، وأن تسعى الهيئات الثلاث المشكلة إلى إنهاء فوضى الإعلام والتفرغ للعمل العام وترك المصالح الشخصية جانبًا. وأن تعمل هذه الهيئات من منطلق كونها هيئات مستقلة تماما عن الدولة والسلطة من أجل الوطن فى تلك المرحلة العصيبة والمهمة التى تواجه فيها مصر قيادة وشعبًا مخاطر الإرهاب الشرس، الذى ينبغى القضاء عليه واجتثاث جذوره ودحر مخططاته الشيطانية، ولا بد أن تقوم الهيئات بحماية المشاهدين من المشاهدات المثيرة للفزع والقلق، والتى تهدد السلم العام، وأن يكون الإعلام إعلام المواطنين وصوتهم المعبر الحقيقى عن معاناتهم وآلامهم وليس إعلامًا آخر.. نعم فساد المجتمع من فساد النخبة والإعلام! 
Dr.fatthy2012@yahoo.com