لأن معظم قوانين مصر على كثرتها مليئة بالثغرات فقد كانت هوايتى أن أقرأ فى القوانين المصرية من باب الضحك، فمن يأخذ القوانين المصرية مأخذ الجد يموت غمًا، أما من يقرأها من باب حب الاستطلاع فقد يموت من الضحك ولكنه ضحك كالبكاء، فقانون منع البناء علي الأراضى الزراعية يبدأ بمنع البناء على الأراضى الزراعية منعا باتا، ثم يتدرج القانون فى السماح حتى يصل فى آخره إلى "ياريت تبنوا فى الأراضى الزراعية"، فالاستثناءات كثيرة يجوز للسيد المحافظ .. إلا ما دخل فى كردون المدينة.. ولمالك الأرض الزراعية أن يبنى فيما لا يتجاوز الثلث.. حتى نهاية القانون، وقد قال لى أحد الخبثاء إن هذه الاستثناءات لعلية القوم ولفتح باب الرشوة للموظفين وتعويضهم عن الأجور التى لا يستطيعون مواصلة العيش بها.
ولأن الجدل الآن حول الضريبة التصاعدية فلاشك أن الشعب المصرى كله يوافق عليها لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحصيل ما تستطيع الدولة أن تدفع به فى التعليم والصحة، وهما أهم ركيزتين للحياة وللتقدم وقد كنا مجموعة من الأصدقاء نوافق جميعا عليها، وقد قال صديقى أحمد العزيزى الذى كان يعمل فى الاستيراد والتصدير: "كنت أشترى ما أريد تصديره من السوق المصرية بفواتير معتمدة ومختومة ومرقمة وعليها عنوان الشركة وعندما أقوم بتصديرها يشكك الموظف في حقيقة هذه الفاتورة فأحاول أن أجعله يفهم أن عنوان وتليفون من اشتريت منه على الفاتورة وأنه يستطيع أن يأخذ ضرائبه من واقع هذه الفاتورة وعندما يتساءل عن مكسبى أقول له إن هناك من المصروفات مثل نولون الشحن والتأمين ورسوم المنطقة الجمركية بالإضافة لمصاريف النقل للمطار، وكانت هذه عملية محكومة رغم أن الموظف كان يعترض على أى مصروفات بدون فواتير ولذا يجب أن يعطيك سائق عربة النقل فاتورة معتمدة حتى تسير العملية بسهولة ولا أتعرض للتقديرات الجزافية"،لأن مأمور الضريبة إذا بالغ فى إيراد أى ممول لا يحاسب إلا إذا وافق على ما جاء فى الإقرار أو على أقل منه، ثم قال المهندس فارس: "أنا كنت مهندسا فى مصر للطيران وكانت الضريبة تخصم من الأجر ولم أكن أعلم أن إيرادى الشهرى سيقل كثيرا بعد أن خرجت إلى المعاش لأن المعاش يحسب على ثابت الأجر وليس على الأجر المتغير، وهذا بعكس جميع دول العالم فأنا أعرف زملاء يعملون فى بلاد أجنبية والأجر الثابت أعلى من المتغير وعلى ذلك يكون المعاش أقرب ما يكون من الأجر الأصلى أو أقل بعشرين فى المائة وهى تمثل تقريبا المواصلات إلى العمل والنثريات أثناء العمل، ورد الأستاذ محمد العزيزى الذى يعمل فى وزارة الزراعة بأنه عندما سافر إلى إيطاليا وجد باعة فاكهة جائلين ووجد معهم ماكينة صرف تعطيك وصلا بالقيمة والضرائب وهؤلاء الباعة الجائلون يوردون الضريبة من واقع هذه الماكينات, فمتى يكون لدينا مثل هذه الماكينات لنستطيع أن نثبت مصروفاتنا ولأن القانون المصرى ليس فيه إلا "متزوج ويعول" ولا يوضح عدد من يعول وهذا يمنع أن يتلاعب الممول ويقول إنه يعول أمه مثلا، لأن كشف مصروفاته سيبين بالتحديد كم ينفق شهريا وبالتالى سنويا،
وجاء الشاى وحضرت القهوة واتفقنا جميعا على أن نترك هذا الأمر إلى أولى الأمر ولكن لابد من إصلاح المنظومة بكاملها وليس قانون الضريبة التصاعدية فقط.