الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"النايمة" عرفناها.. ماذا عن خلايا نشطة تحت الحصانة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ونمضى فى حديثنا عن ذلك الفيروس المدمر الذى يفتك بجسد المجتمع، فإذا به يحاط برعاية غير مسبوقة، بدلًا من وضع خطة محكمة لتطهير الهواء والشجر والماء والبشر من تأثيراته الضارة والقاتلة.
كثير من كبار صحفيى هذا الزمان وكُتابِه، يصدعون أدمغتنا بالحديث عن «خلايا نائمة» ويحذرون منها، لكنهم يغضون الطرف تمامًا عن الخلايا النشطة التى ترتع فى البلاد، وتكفر فى العباد وتحظى برعاية بعض الجهات، خاصةً فى دوائر الأمن، تحركها كعرائس الماريونيت، عندما تريد استخدامها فى لحظة معينة، كما لو كنا نلهو فى مسرح ولسنا فى مجتمع يريد أن يتخلص من داءٍ عُضال، ويقضى على ما يحيط به من أخطار، ناجمة بلا شك عن تلك الأفكار التكفيرية، دون أن يعى أولئك الرعاة أن التطرف يبدأ فكرة يطرحها حاملو ذلك الفيروس لتتحول إلى تطرف مع سبق الإصرار والترصد.
ولا مانع أن تتلقى تلك الخلايا النشطة، تعليمات محددة، بإصدار بيان محدد، تعليقًا على حدث معين، لمجرد أنهم كانوا داخل كادر الصورة فى ٣ يوليو، رغم كل العلم بأن هؤلاء هم منبع التطرف والتكفير.. ألا يعلم أولئك الرعاة أن لا حصانة لأحد مهما كان قدره، وأيًا كان مكانه فى «كادر الصورة»؟، فذلك اليوم لا يمكن أن يغفر لهم ما ارتكبوه قبله، ولا يعصمهم من جرائمهم بعده.
لماذا تصرفون الأنظار عن الحقيقة؟.. لا أحد يُشعل نار الطائفية مثلما يشعلها السلفيون.. لا أحد يحض على الكراهية بين أبناء الوطن مثلما يحضون.. سواء كانوا فى تنظيمهم التكفيرى المسمى «الدعوة السلفية»، أو كانوا محصنين وراء ستار اسمه «حزب النور».
ونسمع من يلت ويعجن فى حديث ممجوج عن مواجهة التطرف والإرهاب «بمشاركة جميع أطياف المجتمع»، وهو تعبير لو تعلمون يكتنفه الغموض ويحمل فى طياته ألغامًا مدمرة، خاصةً فى ظل كلام يتناثر هنا وهناك عن الأحزاب الممثلة فى البرلمان باعتبارها «قمة أطياف المجتمع»، لنجد «غصبًا عنا»، ذلك الحزب الظلامى ضمن تلك الأطياف، وهو فى الأصل والأساس أخطر كابوس وسط الكوابيس الجاثمة على صدر المجتمع.. إنهم بالفعل شياطين الإنس الذين يحظون برعاية «خمس نجوم» بشكل يثير الشك والريبة فى أمورٍ كثيرة.
إن «الدعوة السلفية»، التنظيم وحزبه المعروف، تعيش حاليًا أسعد أيام حياتها، وهى ترى رؤساء تحرير وكتابًا كبارًا بالصحف القومية وغير القومية ينفذون مخططها ويحولون دفة الهجوم على الأزهر الشريف، كما يخرج بعض الدعاة ليكفروا المسيحيين ويحرموا الاحتفال بالعيد المصرى الأصيل «شم النسيم» من فوق منابر الأوقاف فى خطبة الجمعة، دون أن نسمع عن أى إجراء اتخذه «مولانا جمعة».
طهروا أجهزة الدولة من كل الداعمين لهؤلاء الكارهين للحياة، المنافقين للأنظمة، المكفرين لأبناء الوطن.. لم يعد مقبولًا أن نصحو وننام على أسطوانة «تجديد الخطاب الدينى»، فإذا الذين يجتهدون ويطرحون أفكارًا قابلة للنقاش والاتفاق والاختلاف، يُلقى بهم فى غياهب السجون، بينما الذين ينشرون التطرف ويعطون إشارات التكفير ويرفضون الوقوف حدادًا فى البرلمان.. يظلون على الحجر جالسين، وبالرعاية مكفولين، وبالدعم مشمولين.
لم يعد يجدى الكلام المنمق عن «قوى معينة تريد تفتيت الوحدة الوطنية»، فإن للوطن حقوقًا تتطلب المصارحة والمكاشفة وإعلان الحقائق بكل وضوح ودون أى لبس أو غموض.. لقد بات واجبًا على وجه السرعة تطهير «العقل الرسمى» من شمول السلفيين وحزبهم بالرعاية، إذا كانت الدولة عازمة، على اجتثاث جذور التطرف وتجفيف منابع التكفير، بينما نسمع عن فتاوى وكتب وتصريحات لبهوات السلفية، تبث سمومها دون أن يحذر منها أولئك الذين تعمدوا، فى هذا التوقيت، توجيه سهامهم المريبة للأزهر، وهو ليس فوق النقد، لكن المسألة فيما يبدو «فيها إنّ»، ولعلها فعلًا خطة لصرف الأنظار عن «الدعوة وحزبها» العدو الحقيقى لاستقرار المجتمع وهدوء الوطن.
إنها فتنة تتشعب وتنتشر وتغوص، وتتمدد على كل الجبهات، لكنها أبدًا لا تريد أن تقترب من الخطر الكامن بيننا.. من الذى أفتى بحرمانية تهنئة المسيحيين بأعيادهم، وعدم جواز السير فى جنائزهم، وحرم حضور مراسم زواجهم فى الكنائس؟ ومن الذى أفتى بعدم العمل فى أقسام الائتمان والقروض بالبنوك؟ ومن الذى حرم التأمين على الحياة وكل أشكال التأمين؟ من الذى أفتى وأفتى وأفتى، وتعلمون تداعيات فتاواه على عقول الناس؟.
لا أحد غيرهم أفتى بذلك. التفكير عندهم جريمة كبرى، والتكفير فى شرعهم أعظم الحلال، وتعلم ذلك علم اليقين الدوائر التى تسبغ عليهم رعايتها لغرضٍ فى نفس يعقوب. إنهم السلفيون، يتقدمهم ياسر برهامى وكل برهامى على شاكلته، ممن درسوا فى بداوة الصحراء وذاكروا وحفظوا كتب محمد بن عبدالوهاب، ويريدون الآن تطبيق أفكاره التى كتبها قبل الزمان بزمان، دون النظر لمتغيرات لا أول لها ولا آخر، لكنه التزمت القاتل والهلاك المبين.
أفلا تعقلون؟.. أفيقوا أيها السادة بدلًا من البكاء على أطلال كل كارثة، فى وقت تعلمون فيه مصانع التطرف التى تغذى أتون التكفير فى المجتمع.. اعدلوا الدفة، فالوطن أبقى من السلفيين وأبقى منكم أيها الرعاة من الرسميين، وسلامًا على الصابرين.