العمل فى الصحافة صعب فى كل بلد. الصعوبة فى الغرب تعود إلى المنافسة بين هذه الجريدة وتلك مع انتقال أكثر القراء والإعلانات إلى الإنترنت. الصعوبة فى بلادنا أن يبقى الصحفى حيًّا.
جمعية حماية الصحفيين ومؤسسة الصحافة الدولية أصدرتا تقريرًا الشهر الماضى قرأت فيه أن أكثر من ١٣٠٠ صحفى قُتِلوا بين ٢٠٠٢ و٢٠١٣، وكان أكثر القتلى فى العراق (١٧٩) وبعده سوريا (١٠٨). الجزائر قُتِل فيها ٦٠ صحفيًا وقُتِل فى الأراضى الفلسطينية ١٦ آخرون.
فى الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، قُتِل ستة صحفيين. والأرقام السابقة لا تشمل مئات من الصحفيين سُجنوا أو فروا من بلادهم خوفًا على حياتهم.
وزارة الخارجية الأمريكية قررت هذا الشهر أن أبوأنس الغندور، من «حماس»، إرهابي. الولايات المتحدة تؤيد إرهاب إسرائيل وتدافع عنه فى الأمم المتحدة، وهى منذ ١٩٤٨ وفق «هآرتس» قدمت لإسرائيل نحو ٢٣٤ بليون دولار معلنة (أكثر منها غير معلن) و٣٨ بليون دولار إضافية ستُدفع فى السنوات العشر المقبلة.
الإرهاب إسرائيلي، لكنّ هناك مَنْ يدافع عنه فى بلادنا، خصوصًا من «فلول» «الإخوان المسلمين»، ولا يقبل رأيًا آخر.
أحدهم فى صحيفة تصدر فى لندن (لن أسميه صحفيًا)، لا يعجبه أن أطلب تفريغ شمال سيناء من السكان، وقتل كل مَنْ يبقى فيها بعد ذلك على أساس أنه إرهابى أو فى نيّة الإرهاب. يبدو أن «أحدهم» يعترض على اقتراحى حماية أرواح رجال الجيش والشرطة فى سيناء، ويفضل الإرهابيين من أنصار بيت المقدس.
رأيى يختلف عن آراء أمثال «أحدهم» هذا، لا أكثر ولا أقل، إلا أنه ينسب إلى علاقات مع قادة لا يحبهم ومصالح حتمًا غير موجودة. أقول هنا أن يتقدم أى مسئول حكومى أو غيره أعطانى أو أى رئيس تحرير لـ «الحياة» بعدي، شيئًا (هو ما يتمنى «أحدهم» لنفسه) لأستقيل من العمل.
الرئيس محمد مرسى دعانى إلى زيارته فى مصر، عندما رأيته فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعندى فاكسات من نائبه فى حزب «الإخوان» الدكتور عصام العريان تعتبرنى «الكاتب الكبير» أو «أبونا» كما كتب الدكتور عصام بخط يده على فاكس يومًا. وقد دافعت عن «الإخوان» سنة ٢٠١٠، وقلت عن انتخابات البرلمان مرتين إنها غير صحيحة ومرة إنها مزورة.
خالد مشعل صديق شخصي، لم أره يومًا إلا وكان بيننا غداء أو عشاء. إسرائيل هى العدو فى كتابى الشخصي، وكل شيء آخر يهون أمامها. طبعًا، لم أكتب منذ حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية وحتى اليوم إلا منتقدًا دونالد ترامب، لكن «أحدهم» يقول إننى أطلب «رضا دونالد ترامب». يبدو أنه «إخوانجي» لا يفهم ما يقرأ.
طبعًا مثله كثرٌ، وهناك فى المعسكر الآخر أكثر منهم، أناس يقرأون ويعلقون، وقد يعترضون، ولكن بأدب يفتقر إليه أنصار «الإخوان» فى جريدة.
كل زميل يكتب فى «الحياة» يجد مَنْ يعترض على كلامه، ولا خطأ فى ذلك طالما أنه فى حدود الأدب والمنطق، وليس مجرد دفاع عن حزب أو فصيل فشل فى الحكم وخارجه.
ملايين من شباب مصر تظاهروا ضد حكم الرئيس حسنى مبارك بعد ٣٠ سنة، وملايين أكثر منهم تظاهروا ضد حكم «الإخوان المسلمين» بعد سنة يتيمة لهم فى الحكم. مع ذلك، لا أتمنى أن يُسجن إنسان أو يُعاقب لإبدائه رأيًا. هو يستحق العقاب فقط إذا ارتكب جريمة. أتمنى أن أرى يومًا يعود فيه السلام الأهلى إلى كل بلد عربي.
نقلًا عن «الحياة» اللندنية