الحقيقة الوحيدة المتفق عليها بين غالبية شباب مصر سواء المؤيدين للرئيس عبدالفتاح السيسى أو المعارضين له عقب متابعة فعاليات المؤتمر الثالث للشباب بمدينة الإسماعيلية والحوار الصريح والحر بين الرئيس والشباب، هى أن الرئيس السيسى يكاد يكون المسئول الوحيد فى مصر المنفتح على الشباب والمستمع إليهم والمحاور معهم فى وقت أغلقت فيه قنوات الحوار الأخرى أمام الشباب.
فعلى مدار ٦ شهور منذ انطلاق مؤتمر الشباب الأول بشرم الشيخ فى أكتوبر الماضى ثم المؤتمر الثانى بأسوان والثالث بالإسماعيلية، لم نشهد أى حوار مفتوح بين الشباب من ناحية ورئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل من ناحية أخرى، بل لم نشهد أى حوار بين الشباب وباقى الوزراء بمن فى ذلك وزير الشباب نفسه.
فلا أعتقد أن الرئيس السيسى أصدر توجيهات لرئيس الوزراء والوزراء بعدم عقد أية حوارات مع الشباب، وأن تظل مؤتمرات الشباب حصرية على الرئيس فقط، خاصة أن المؤتمر الأول تضمن توصيات بفتح قنوات الحوار بين الشباب وجميع الوزراء والمحافظين، وأن ترفع توصيات الحوار إلى مجلس الوزراء وأمانة رئاسة الجمهورية لوضعها موضع التنفيذ الفعلى.
فالسيد رئيس الوزراء وبعض الوزراء يكتفون بالجلوس فى الصفوف الأمامية خلال حوارات السيسى والشباب، والرد على بعض استفسارات الشباب، ثم يذهب كل وزير إلى حال سبيله دون أن يفكر فى دعوة الشباب للحوار معه حتى ولو كانوا شباب وزارته، خاصة أن صفحات التواصل الاجتماعى والفيس بوك أصبحت المتنفس الوحيد أمام الشباب المصرى لعدم وجود نافذة للحوار.
فالرئيس السيسى أصدر تعليمات واضحة لجميع الوزراء بضرورة مصارحة الشعب بالحقائق، وعدم إخفائها إلا أن هذه التعليمات لم تنفذ حتى الآن وغالبية الوزراء يخشون من كشف الحقائق ومصارحة الشعب بها ويختارون متحدثًا إعلاميًا لهم يرفع شعار «السكوت من ذهب» ويعانى رجال الإعلام والصحافة من الوصول للمعلومات الحقيقية لإطلاع الشعب عليها.
ولعل أكبر دليل على أن وزراء الحكومة يخفون المعلومات والحقائق عن الشعب هو ما أعلنه الرئيس السيسى فى حواره مع الشباب فى المؤتمر الثالث، بشأن قضية تصدير الأسماك ثم وقف تصديرها، وأيضا قضية المليون ونصف المليون فدان، وقضية تدنى مستوى الخدمات الحكومية على المستوى العام، وليس محافظة دون أخرى ولولا انفتاح الرئيس فى حواره مع الشباب ما عرفنا هذه المعلومات.
فالشعب يعلم ويقدر اعتبارات الأمن القومى لإخفاء بعض المعلومات وعدم الإفصاح عنها خاصة المتعلقة بخطط مكافحة الإرهاب وضبط العناصر الإرهابية، إلا أن هناك الكثير من الحقائق الأخرى المطلوب الكشف عنها وإطلاع الشعب عليها من جانب الوزراء، خاصة وزراء الخدمات الحكومية فى مجالات التعليم والصحة والإدارة المحلية.
فلا يمكن أن يظل الرئيس هو الوحيد المنفتح على الشعب بصفة عامة والشباب بصفة خاصة، وتظل الحكومة على حالها منغلقة وتعتبر الشعب عدوًا لها بدلًا من اعتباره هو المسئول الأول والأخير عن نجاحها، ولا يمكن لها أن تنجح دون مكاشفة الشعب وخاصة الشباب بكل الحقائق والأسرار وما يدور داخل مجلس الوزراء من مناقشات وما يصدر عنه من قرارات.
وعلى الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يعلم أيضًا أن انفتاحه على الشباب وتنظيم مثل هذه المؤتمرات ليس كافيًا لتحقيق ما يتطلع إليه من مشاركة شبابية فى تنفيذ خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأيضًا المشاركة السياسية فى الانتخابات، خاصة أن آخر انتخابات تكميلية لمقعد البرلمان فى دائرة تلا وأبوكبير لم تزد علي نسبة ٣٪ من عدد المقيدين.
فانتبه يا سيادة الرئيس لأن استمرار الحكومة الحالية على منهجها الحالى وانغلاقها أمام الشباب وعدم فتح قنوات الحوار معهم، والاستماع إليهم يمثل خطرًا على مستقبل مصر خلال السنوات المقبلة، ومصر أحوج إلى شبابها تصديقًا لمقولتكم مصر تحيا بقوة شبابها وتضعف بانغلاق حكومتها وصمت وزرائها وإخفاء الحقائق عن الشعب.