قبل الجميع سارعت الجماعة الإرهابية إلى إصدار بيان تتبرأ فيه من تفجيرات كنيستى مارجرجس والمرقسية، والتي سالت الدماء فيها على سعفات المسالمين والمصلِّين فى مطلع أسبوع الآلام، الجماعة المحظورة التى خرج من كبدها كل هذا التشوه الفكرى والقراءة المغلوطة للإسلام، والتى نعانى منها حتى يومنا هذا، تدين الجميع فى التفجيرين وتستثني نفسها.
الحقيقة لا أدرى كيف تجرأت وتبجحت بإصدار هذا البيان وكان الأَوْلى بهم التزام الصمت فى حرمة دماء المصريين التى سالت، يوجهون أصابع الاتهام للجميع بمن فيهم الشهداء من مواطنين اختاروا الخلاص من حكم الجماعة المتطرفة وخلع حكمهم المعوجّ والذى لم تسلم خلاله جمهورية مصر العربية من ضربات الإرهاب أيضًا، ويدينون أفراد الأمن الذين لم يبخلوا بأرواحهم فداء للجميع، يقولون ذلك رغم أن تنظيم داعش الإرهابى نفسه قد حسم كل هذا الهراء، وأصدر بيانًا تبنَّى فيه التفجيرين المتزامنين، وأعلن عن أسماء القتلة المجرمين، وهدد المجتمع المصرى كله، وتوعَّد بعمليات جديدة.
سريعًا نسي هؤلاء تصريحات رئيسهم المدافعة عن القتلة، نسوا أنهم مَنبت الفكر المتطرف ورأس الحية التى أراد الشعب المصرى قطعها واجتثاثها، وقد فعلوا ولن يقبوا بهؤلاء القتلة بين صفوفهم مرة أخرى.
ومن المضحك المبكي أن نفس الجماعة الإرهابية الشامتة الآن، كانت قبل أسبوع واحد تتمسح بالشعب المصرى، وقد سربت أخبارًا صحفية نشرتها جريدة المصرى اليوم، حول استفتاء يجريه أعضاء مكتب إرشادهم حول فكرة المصالحة مع الدولة المصرية وتبنِّي المبادرات الرامية لعودتهم للحياة مرة أخرى، وأن هذا الاستفتاء قد سبَّب غضبًا لدى بعضهم وهددوا بالانسحاب مثل مفتيهم القرضاوى.
كانوا يتمسحون فى فكرة المصالحة قبيل زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أمريكا، حيث حققت الدبلوماسية المصرية نجاحات كبيرة، وأثارت الحفاوة بالدولة المصرية غيظهم، وأدركوا فشل مساعيهم لتكدير الزيارة وتعكير العلاقات المصرية الأمريكية، وتشويه صورة جمهورية مصر العربية عالميًّا، رغم كمِّ الأكاذيب والرشاوى والدعايات السلبية التى دفعت بها الجماعة؛ بهدف شحن الرأى العام العالمى والأمريكى ضد الزيارة وضد الدولة المصرية بشكل مباشر.
إن المؤكد أن الدولة المصرية ستظل صامدة رغم الآلام، والمصريون واعون جيدًا للأهداف الخبيثة، إذ يدعو فصيل منكم إلى مصالحة تضللون بها الرأى العام، تتظاهرون معها بالوداعة والمسالمة، بينما أنتم تعدون العدة للحرب ضد المجتمع، فسرعان ما ينشطر التنظيم إلى تنظيمات، وعلينا نحن أن نتعامل مع ألف وجه للجماعة، هؤلاء ذراع سياسية تصدّرونها حين تسيطر فكرة السلمية والانتخابات، وهؤلاء ذراع مسلحة تنفذ العمليات وتبتز وتخرب وتجند المزيد من الشباب بالكذب والبهتان والافتراء على الدين، لنعود مرة أخرى لمشهد 2012 حيث الجماعة مستوعَبة تمامًا فى التمثيلات الديموقراطية، وعلى رأس السلطة بانتخابات رئاسية، وشطر منها يعبث بأمن سيناء، ويحرق الكنائس ويحرِّض ضد الأقباط، ويتهدد المجتمع كله بأن خلع الجماعة يعني ألا يهنأ المجتمع بلحظة سلام.
إن من يسوِّغون جرائم الجماعة باعتبارها ردَّ فعل على حظر نشاط التنظيم ومحاربته فى جمهورية مصر العربية، يجب أن يدركوا أن مجرد ترديد مثل هذه الحجج المضلِّلة جريمة بعد أن سالت دماء المواطنين المسالمين، والمؤكد لنا جميعا أن كل مخططات تلك الجماعة الإرهابية قد انكشفت سريعًا وأظهرت خُبث مآربهم.