آن الأوان أن يتوحد أبناء مصر، فى إطار رؤية مدنية مشتركة، وإرادة وطنية صادقة تدرك أنه لا خلاص للمصريين إلا بالتدين الحقيقى الذى جوهره احترام حرية العقيدة والمساواة فى الحقوق والواجبات على أساس العدل والحرية والرخاء والسلام، وعندها ستفشل مؤامرات كل المتربصين وصانعى الفتن وإثارة الأحقاد بين قطبى الأمة.
إن الحل ليس فى جلسات الصلح واجتماعات «بيت العائلة» وأحضان القديسين والقساوسة، والشيوخ.. ولكن فى قطع يد كل من يلعب بنار الفتنة الطائفية، وتقديم كل المتسببين فى وقوعها إلى محاكمة عاجلة، حتى لو تطلب الأمر إقامة محكمة استثنائية لهذا الغرض.
ولا بد أن يعى الجميع أن مصر لم تكن مسرحا لضعاف العقول ممن أصابتهم لوثة التشدد الغبى إلا حين أفقدها جلادوها القدرة على الصراخ، وعلى الشعب المصرى هو الآخر أن يعى طبيعة المرحلة الراهنة التى تحتاج إلى مبايعتهم للجهاد فى سبيل نصرة وطنهم وقائدهم على عدو يتربص به فى كل لحظة، ويجهز عليه كلما سنحت الفرصة.
وعلى شيوخ وقساوسة الفتنة ومعهم جموع المسئولين، أن يعلموا أن دماءنا، إن كانت رخيصة عليكم، فهى غالية عند آبائنا وأمهاتنا وأولادنا، وأن مبايعتنا لكم لا تعنى أن تسلمونا لعدوكم تسليم مفتاح لنذبح على مقاصل المتشددين والعلمانيين، وأنه لا اتفاق ولا مصالحة مع تجار الدين والسياسة ومرتكبى حوادث الإرهاب ضد الأبرياء.
ويحكى أن غابة تعرضت لحريق كبير، فهربت الحيوانات خارجها ومن تلك الحيوانات كانت أفعى تحاول الزحف بأسرع ما يمكنها لعل وعسى نجت من النار.. وأثناء هروبها وحال خروجها من الغابة مرهقة مصابة بالعطش نظرت فوجدت فأرًا.
فى تلك اللحظة خشى الفأر على نفسه منها، فأراد الهرب فنادته وقالت: «لا تهرب أيها الفأر، فإننى نجوت الآن ولن أقتلك بعد هذا الخوف الذى رأيته».
توقف الفأر وقال لها: «لم أفهم»!!.
قالت له: «أنا عطشى وأريد أن أكون صديقتك منذ الآن، فقط اسقنى الماء».
قال لها الفأر الحقينى.
مشى الفأر ومن خلفه الأفعى تزحف متعبة ومصابة بالعطش... حتى وصلا إلى بيت كان قد أعده وتعب عليه لفترة طويلة فدخل وخرج ومعه بعض الماء ليسقيها منه.
شربت الأفعى حتى ارتوت.. ثم قالت له: «أريد النوم، هل من مكان هادئ؟».
فأجاب الفأر الطيب «ادخلى إلى بيتى فهو معد بعناية».
دخلت الأفعى ونامت واستيقظت بعد ساعات مستعيدة عافيتها كاملة فنظرت إلى الفأر فوجدته فى البيت وقالت «اسمع، أنا أعقد اتفاقا معك على أن أعيش هنا فلا نعتدى على بعضنا ونعيش براحة وأمن وسلام».
أجاب الفأر مترددًا «نعم.. نعم.. أنا موافق».
بعد دقائق وبعد أن جالت الأفعى فى بيتها الجديد حسب ما وصفته، قال لها الفأر أنا ذاهب لإحضار بعض الطعام فقالت له: «لا تتأخر!».
وصل الفأر باب بيته وعندها التفت إلى الأفعى وقال «وداعًا إلى الأبد مبارك عليك بيتى، حياتى أهم».
فنادته الأفعى «لماذا تشك بي؟».
فأجابها: «هذا اتفاق بين قوى وضعيف، ليس لى فيه حول ولا قوة بل إننى وافقت عليه خوفًا على حياتى والآن أنجو بها».
ليست كل الاتفاقيات تضمن حقوقنا، ويجب أن نكون أذكياء فإن كان الاتفاق لا يحمينا علينا الهرب إلى اتفاق آخر يحمينا أو مكان يضمن حقنا.