الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إنهم فيروس مُدمر.. فماذا أنتم فاعلون؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وهل هناك أجمل من ابتسامة طفل فى وجه الصباح ينشر التفاؤل والبراءة، ويلهو فى سعادة غامرة، لتخرج الضحكة صافية من قلب أخضر، وسط الحدائق والزهور مع أهله وجيرانه وكثير من المصريين الذين اجتمعوا على كلمة سواء، لا بديل لها، وهى الخروج إلى المتنزهات والاحتفال بشم النسيم؟
نعم.. خرج المصريون رغم كل الأحزان.. وأثبت شعبنا الصبور أن تلك الدعوات التي تحرم الاحتفال بهذا اليوم، لا تعنيه من قريب أو من بعيد أو من أية جهة، فهو العيد المصرى الوحيد الذى يجمع كل المصريين منذ عهد الفراعنة، وعبروا عن فرحهم رغم جنون الأسعار، وأخرجوا لسانهم لدعوات جاهلية تكره الحياة وتبث الكراهية، قادمة من أرض البداوة والصحراء تحرم ما أحله الله، وتدعي كذبًا وزورًا وبهتانًا أن شم النسيم عيد مسيحى لمجرد أنه يأتى بعد عيد القيامة المجيد، ولذلك قصة، فقد كان شم النسيم يأتى وسط صوم المسيحيين فلا يشعرون ببهجته، لأن تناول السمك غير جائز طوال فترة الصيام، وبالتالي اتفق المصريون جميعًا على تأجيله لما بعد إفطار المسيحيين ليلة عيد القيامة، فالفرح والسرور والبهجة والحبور دعوات لا يمكن أن يرفضها عقل أو دين أو إله.
ما هذه النوعية من البشر؟ يكرهون الحياة ويكرهون سعادة بنى الإنسان ويفتون بغير حق ويعيثون فى البلاد تكفيرًا للعباد وإفسادًا لأحوال الناس، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى الرعاية التى يلقونها من أطراف وجهات معينة فى الدولة، وهو ما يجب أن يتنبه إليه كثيرون ممن يحولون الدفة نحو الأزهر الشريف، ويتناسون خطورة ما يسمى «الدعوة السلفية» بكل ما تحمله من أفكار «بدوية»، وبكل ما تطرحه من فتاوى متخلفة، لا تعبر عن مجتمعنا وسماحته وتآلفه على مر العصور.
ما هذه الرعاية التى يحظى بها رموز هذا التيار المدمر الذى يتلون كالحرباء حسب الظروف وتطورات الأمور؟.. هل لأنهم أفتوا فى ٢٥ يناير بعدم جواز الخروج على الحاكم، ثم أفتوا فى ٣٠ يونيو بجواز الخروج عليه، فكان لهم مكانهم المحجوز فى «الكادر الرئيسى»، وتركوهم يخربون فى عقول الشباب ويتسللون إلى أدمغة البسطاء ليبثوا سمومهم القاتلة، فكان أن خرج من بينهم من يؤمن بقتل غير المسلمين كما لو أنه الحاكم بأمر الله وهو أبعد ما يكون عن الله جل جلاله.
ولماذا نذهب بعيدًا وها هى آخر تجلياتهم تطل بوجهها الكريه فى قرية كوم اللوفى بالمنيا، تحت سمع وبصر جميع الجهات المسئولة؟.. هل يعقل أن أنفارًا من السلفيين بالقرية يضعون شروطهم لبناء كنيسة، فممنوع منعًا باتًا تعليق صليب عليها أو تركيب جرس بها أو وضع أى لافتة عليها.. ما هذا الجنون ومن المسئول عنه وأين الجهات الأمنية، متى يتنبه الرعاة الرسميون لخطورة هذا التيار الجاهلى بدلًا من حمايته تحت دعاوى غريبة وغير مفهومة وتعيدنا إلى عصور غابرة، تخطاها الزمان بزمان ولا يمكن أن تعود.
وبالمناسبة أيضًا.. متى ترفع الدولة يدها عن رعاية حزب مخالف للدستور، ولمصلحة من تستمر أساليب فرض الحماية على حزب النور؟.. وبالمناسبة أيضًا فإن البعض تصور أن هذا الحزب أصبح شرعيًا لمجرد أن القضاء الإدارى رفض الدعاوى القضائية التى طالبت بحله وقطم وسطه.. ذلك أن الرفض كان لأسباب إجرائية بحتة، فالقانون يمنح الدولة فقط، ممثلة فى لجنة شئون الأحزاب، حق التقدم بدعوى الحل، لكن الدولة بسلامتها تسبغ رعايتها على الحزب، وألقت بالدستور والقانون فى سلة المهملات من أجل عيون هؤلاء التكفيريين الكارهين للحياة.
نعم أيها السادة.. الخطر يكمن فى هذا التيار والخطر الأكبر فيما يحظى به من دعم جهات معروفة فى الدولة.. أما أزهرنا فهو يعيش بيننا منذ أكثر من ألف عام، ولم نسمع هذه الفتاوى الشاذة إلا فى العصر الحديث بعد أن عاد أولئك الذين تلقوا دروسهم فى تلك الدولة الخليجية على يد «فلان بن علان» ومن على شاكلته، وعادوا مطلقين لحاهم زاعمين أنهم مشايخ بجد، ولعبت جهات عندنا لعبتها فى كيفية توظيفهم واستخدامهم حسب الظروف، لكن الأمر يستحق وقفة عاجلة لدرء هذا الخطر وكشف كل الداعمين له دون أن يتنبهوا لخطورته الداهمة على المجتمع.
وبالمناسبة كمان كمان.. الفكرة التى يطرحها بعض الوزراء حاليًا، تفتق عنها ذهن الدكتور حسين كامل بهاء الدين، رحمه الله، فى أواخر تسعينيات القرن الماضى، عندما كان وزيرًا للتربية والتعليم، فقرر تدريس مادة بعنوان «القيم والأخلاق» لتلاميذ المرحلة الابتدائية، وتقوم على إعلاء قيم المواطنة والمفاهيم المشتركة بين الدينين الإسلامى والمسيحى، وكان كتاب المادة يتضمن آيات من القرآن الكريم والإنجيل، لكن تيارات التشدد والتطرف والكراهية التى تعشش فى الوزارة وفى جهات أخرى بالدولة، حاربت بشكل ناعم الفكرة، وكان التلميذ يتسلم الكتاب ليظل نظيفًا بلا أى «خَطة قلم»، مركونًا فى أى ركن من أركان البيت إلى أن يطويه النسيان، إلى توقف طبع كتب هذه المادة التى وأدوها فى مهدها.. فماذا أنتم فاعلون وإلى متى رؤوسكم فى الرمال تدفنون.. استقيموا أيها المسئولون.. وسلامًا على الصابرين.