بعد صمت طال حول قضية تجديد الخطاب الدينى اجتمع الإمام الأكبر شيخ الأزهر، مع هيئة كبار العلماء، وأصدرت الهيئة عقب الاجتماع بيانًا يدين الهجوم على الأزهر الشريف، وجاء فيه:
.. وتُؤكِّدُ الهيئة أنَّ مناهجَ التعليمِ فى الأزهرِ الشريفِ فى القَدِيمِ والحديثِ هى -وحدَها– الكفيلةُ بتعليمِ الفكرِ الإسلامى الصحيح، الذى يَنشُرُ السلامَ والاستقرارَ بينَ المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم، تَشهَدُ على ذلك الملايين التى تخرَّجت فى الأزهر من مصرَ والعالم، وكانوا -ولا يزالون- دُعاةَ سلامٍ وأمنٍ وحُسن جوار، ومن التدليس الفاضح وتزييف وعى الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين.
والحقيقة التى يَتنكَّرُ لها أعداء الأزهر، بل أعداء الإسلام، هى أن مناهج الأزهر اليوم هى نفسها مناهج الأمس التى خرَّجت رواد النهضة المصرية ونهضة العالم الإسلامى، بدءًا من حسن العطار، ومرورًا بمحمد عبده والمراغى والشعراوى والغزالى، ووصولًا إلى رجال الأزهر الشرفاء الأوفياء لدينهم وعلمهم وأزهرهم، والقائمين على رسالته فى هذا الزمان.
وليَعلَمْ هؤلاء أنَّ العَبَثَ بالأزهر عَبَثٌ بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخيانةً لضمير شعبها وضمير الأمة كلها.. إلى آخر البيان الذى طالعناه جميعًا.
لكن تبقى أسئلة لا نهاية لها حول توقيت البيان، وتلك اللغة العصبية والمتعالية والغافلة عما يجرى فى الأزهر منذ سنوات طويلة، ثم من أين أتى كبار العلماء بيقين أن معارضى مشايخ الأزهر هم أعداء للإسلام، وهل أصبح الإسلام حكرًا على الأزهر والأزاهرة.
إن من دعا الأزهر إلى تجديد خطابه الدينى، هو رئيس الدولة ذاته، فلماذا لم يتوجه مشايخنا الكبار وإمامنا الأكبر بالبيان إلى رأس الدولة مباشرة أم هى التقية؟.
يتمسح البيان فى الشيخ حسن العطار والمراغى والإمام محمد عبده الذى عزلوه وجردوه من شهادة العالمية الأزهرية، أما الاقتداء بالشيخ الشعراوى والشيخ الغزالى، أظن أننا لم ننس بعد كيف تحدث الأول بفخر عن سجوده لله شكرا على هزيمة مصر من إسرائيل فى حرب يونيه ١٩٦٧، ولم ننس بعد فتاوى الثانى التى اغتالت الشهيد فرج على أيدى السباكين المتلقين للفتوى.
أما حكاية المناهج التى لا يعلو عليها، والتى يتم تلقينها لطلاب الأزهر، فتلك حكاية تحتاج إلى مجلدات، والانتقادات منشورة مئات وآلاف المرات فى الإعلام المرئى والمكتوب، ولم نجد ردًا أو بيانًا من مشايخنا الكبار أو الصغار.
تلك المناهج التى خرجت أجيالا وراء أجيال تؤمن بالعنف تجاه الآخر من أى ملة وجنس ودين، وكان خريجو الأزهر أبطال عشرات الحوادث الإرهابية، بينما كان طلابه بنين وبنات وقودًا لجماعة الإخوان الإرهابية وتوابعها.
وكانت كارثة المناهج الأزهرية، محل اهتمام شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوى، فقام بإلغاء المناهج التاريخية، واستبدل بها الكتاب الذى ألفه وسماه «المُيّسر»، ليقوم الشيخ أحمد الطيب من بعده بإلغاء الكتاب، بناء على طلب جبهة علماء الأزهر، وعودة المناهج القديمة مرة أخرى.
وبعد دعوة الرئيس لتجديد الخطاب الدينى، قام المشايخ باللف والدوران حول تلك المناهج، وبعد تعديلها الشكلى، كما يقول المستشار أحمد عبده ماهر، ما زالت تلك المناهج تؤكد:
١. لم يتراجع الأزهر عن فقه قتل المرتد، ولا يعلم للمرتد عقوبة غير القتل.
٢. ولم يتراجع عن فقه قتل تارك الصلاة بعد استتابته ثلاثة أيام، ثم القتل بعدها.
٣. ولم يتراجع عن فقه قتل الأسرى.
٤. ولم يتراجع عن فقه قتل تارك أى فريضة من فرائض الإسلام.
٥. ولم يتراجع عن فقه تعظيم الفتوحات وفاعليها والهجوم على الدول لإجبار أهلها الدخول فى الإسلام.
٦. ولم يتراجع عن فقه السبى واستعباد الأسرى.
٧. ولم يتراجع عن فقه وطء نساء المغنم.
٨. ووطء الصغيرة بعد تزوجها ولو فى المهد طالما تتحمل الوطء.
٩. ولم يتراجع عن فقه بيع الرقيق.
١٠. ولم يتراجع عن فقه ربوية أرباح البنوك ومعاداة المجتمعات الدولية بأسرها باعتبارها جميعا من أهل النار فى فقهه.
١١. ولم يتراجع عن فقه بتر يد السارق.
١٢. ولم يتراجع عن فقه التضييق على المشركين بالطرقات.
١٣. ولم يتراجع عن فقه الجزية على الكتابي.
١٤. ولم يتراجع عن فقه وجود آيات غير مقررة علينا لأنها منسوخة.
١٥. ولم يتراجع عن وجود آيات غير مكتوبة بالمصحف لكنها يتم العمل بها مثل الرجم.
١٦. ولم يتراجع عن فقه إرضاع الكبير.
وبعد.. تلك بعضٌ مما تفخرون به وبعضٌ من مآسينا.