الواقع الرسمى والقانونى فى مصر الآن بشأن عدد الأحزاب السياسية المشهرة بقرارات من لجنة الأحزاب السياسية، يشير إلى وجود نحو ١١٠ أحزاب سياسية منها ٢١ حزبًا سياسيًا ممثلة داخل مجلس النواب، والباقى خارج أسوار البرلمان، وبعض هذه الأحزاب شبه مجمد أو يعانى من نزاعات داخلية وصراعات على الرئاسة، وشغل المناصب والبعض الآخر منبوذ شعبيًا بسبب عدائه لثورة ٣٠ يونيو.
فإذا كان هذا هو الواقع الرسمى والقانونى، فإن الواقع العملى والميدانى فى الشارع المصرى يؤكد أنه لا وجود للأحزاب السياسية بأى حال من الأحوال، وبأى صورة الصور بما فى ذلك غالبية الأحزاب الممثلة داخل مجلس النواب، التى اكتفت بشرف التمثيل البرلمانى وحضور الاجتماعات والمؤتمرات الرسمية.
فجميع هذه الأحزاب لم تستوعب دروس الماضى قبل ٢٥ يناير٢٠١١ واكتفت بالحصول على رخصة لجنة الأحزاب السياسية، دون أن تنشر كوادرها فى قرى وريف مصر، وترصد مشاكل المواطنين، وتقدم الحلول والمبادرات الكفيلة بحل هذه المشاكل، وطرح البدائل العاجزة الحكومة عن طرحها أو كشف عجز وفشل الأداء الحكومى وتراجع هذا الأداء عن تلبية طموحات وتطلعات المواطن المصرى.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الغياب والاختفاء القسرى لهذه الأحزاب عن الساحة السياسية والشعبية المصرية، بل ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر فى ظهور وتمدد وانتشار حزب جديد لم يحصل على قرار من لجنة الأحزاب السياسية، وليس لديه أى شرعية قانونية ومشروعية دستورية ألا وهو حزب صناعة الأزمات. فحزب صناعة الأزمات أصبح فى مدة وجيزة هو أقوى وأكبر حزب فى مصر حاليًا بسبب قدرته الفائقة على صناعة الأزمات ليس للحكومة والنظام الحاكم فقط، بل لمصر الدولة ومصر المؤسسات وكوادره وعناصر تعيش وتحيا فى أحضان هذه المؤسسات، وأصبح مثل الطابور الخامس وممثلوه ليسوا مجهولين، ولكنهم معروفون لجميع الأجهزة الأمنية دون أن تحرك ساكنًا لشن حرب عليهم.
فكوادر وعناصر وقيادات حزب صناعة الأزمات متواجدون فى داخل مؤسسة الرئاسة، وداخل الحكومة بكل وزاراتها وأمانة مجلس الوزراء وداخل المؤسسة التشريعية، وداخل المؤسسة القضائية وأيضًا المؤسسة الإعلامية بل لا أبالغ إذا قلت وداخل المؤسسة الأمنية، مما أعطى هذا الحزب قوة لا يستهان بها.
فحزب صناعة الأزمات استطاع خلق وصناعة عدة أزمات متتالية لعل أخطرها وأصعبها على الحل الآن أزمة جزيرتى تيران وصنافير، حيث تواجه مؤسسات الدولة مأزقًا كبيرًا إزاء هذه الأزمة للخروج منها بسبب التأخر فى عرض الاتفاقية على مجلس النواب بعد توقيعها بسبب هذا الحزب اللعين. وحزب صناعة الأزمات هو الذى يقف الآن وبقوة وراء الأزمة بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية بسبب مشروع تعديل قانون الهيئات القضائية ويعطل كل مبادرات حل هذه الأزمة، وفى مقدمتها المبادرة التى طرحها النائب البرلمانى والكاتب الصحفى د.عبدالرحيم على، لمنع اشتعال النيران ووأد فتنة بين السلطتين. وتحرك ونشاط هذا الحزب لا يتوقف على المجال السياسى والبرلمانى بل يمتد إلى مجال الشباب والرياضة، وهو ما حدث فى أزمة الزمالك مع اتحاد كرة القدم بسبب مباراة المقاصة التى شغلت وما زالت تشغل الرأى العام المصرى، ووصل الأمر إلى الصحف الرياضية العالمية فى ظل صمت مؤسسات الدولة عن التدخل وحصار هذا الحزب اللعين.
فحزب صناعة الأزمات، يستعد لتفجير أزمات جديدة كلما اقتربنا من موعد التجديد الرئاسى للرئيس عبدالفتاح السيسى فى منتصف ٢٠١٨ طالما تركنا أعضاء وقيادات هذا الحزب، يتولون مواقع داخل مؤسسات الدولة وينعمون بكل المزايا والمكاسب، دون أن يحاسبهم أحد أو يفكر فى إبعادهم عن مناصبهم، وتطبيق قانون الطوارئ على أعمالهم ونشاطهم المدمر للدولة المصرية، لأن حل هذا الحزب هو الحل الوحيد لمنع تفجر أزمات جديدة ضد الدولة المصرية.