الانفتاح على المعرفة مهم لكن أيضا هناك ضرورة لاستكمال المشوار بوجود إصرار ورغبة لتطبيق ما نعرفه لنصل فى النهاية إلى التطوير.
فى مصر الشعب كله أصبح خبيرا لدينا ٩٢ مليون مدرب كرة يتحدثون عن الخطط واللاعبين ولا الجوهرى ولدينا نفس العدد خبراء فى الزراعة والصناعة والتجارة.
وهو ما يؤكد أننا نملك كوادر تخصص فهلوة من النوع السوبر هذا الشكل الاجتماعى بالطبع أحد أهم عوامل تعطيل تقدم المجتمع بشكل عام وتشتيت جهود الدولة والتى تنزعج من خبراء المقاهى أكثر من غيرهم فى ظل اختلاف حول خطوط سير الحياة.
بالطبع ينقصنا تجارب فى عدد من نواحى الحياة وفى ظل التطور السريع لمجتمعات مستقرة ونظرًا لأننا حصرنا حلمنا فى مجرد نسخ تجارب الآخرين من دول متقدمة بخصوص التعليم والصحة والزراعة وغيرها إلا أن مراحل الاستنساخ هذه عندنا لم تكتمل وهو ما أدى بِنَا إلى منتج عبارة عن جنين مشوه.
المجتمع المصرى دفع ثمنا باهظا بشأن تلك التجارب الفاسدة فى نقل التجارب الناجحة للدول المتقدمة إلينا والثمن هو الاستمرار فى المعاناة وضياع الكثير من السنوات والأموال دون مردود.
المجتمع المصرى الآن مهيأ تماما للتغيير ضمانا للتمتع بالتنمية الاقتصادية ورغبة فى تقوية الأجيال القادمة لتتحمل مصاعب الحياة بشكل عام، هذه الرغبة وحدها لا تكفى لتحقيق التقدم وكما سبق أن كتبت هنا أن تقدم الدول لم يكن رغبة حكومات فقط بل أراها رغبة شعبية وهى الأهم شرط ألا يتوقف الحلم بالتطوير إلى حدود الشعارات كما يحدث الآن.
كنت أتمنى أن يتطور المجتمع بتطور الأحداث التى واجهتنا من تحديات غيرت الكثير من المفاهيم المتوارثة ومنذ يناير ٢٠١١ كشفت التجربة عما هو مخف عن الإنسان والبلد وعن أسباب المعوقات التى تعطل انطلاق المجتمع بشكل عام.
لو تركنا أنفسنا كما يحدث الآن وجلسنا على المقاهى انتظارا ليقف أمامنا قطار التطوير لنلحق به وهو الفكر السائد لدى أغلبية المصريين كما يقولون عليه العوض فى هذا الجيل والأجيال الاخرى.
ولو تركنا حياتنا لخبراء المقاهى يرسمون لنا خطط الحياة من الكرة لرفع مستوى المعيشة مرورا بالصناعة والتجارة، العوض على الله.
ولو رمينا الموضوع على حكومة م. شريف إسماعيل وحده ليتصرف فى حياتنا ويرسم لنا مستقبلنا يبقى هنلبس فى الحيطة.
بالطبع هناك تجديد فى الأفكار وأراه منقوصا لأنها أفكار بلا قيمة لغياب فرص التطبيق.
عندنا مشكلة «بإن كلنا عاوزين نتطور»، عاوزين نبقى أغنياء نركب أفخم السيارات ونعيش فى التجمع ونملك وحدات سكنيه للأولاد والأحفاد.
لدينا دخل نقدى مريح وعضوية نادى خمس نجوم، ويا ريت مدارس للأولاد فى خدود الشويفات وجامعات الأمريكية تمام.هو ده شكل التقدم والتطور.
مشغولين بما قد تصنعه التنمية ونحسب من الآن نصيب كل منا ونترجمه من جنيه لدولار.
وأهملنا دورنا فيها ونصيبنا من التكاليف المتنوعة المطلوبة لإتمامها أهملنا أيضا التكلفة الاجتماعية لاستقبالها وعلى الأقل لتستمر وتتطور وتخرج من إطار المسكنات. وهى الحالة التى نعيشها الآن.
خبراء المقاهى وقد فتحوا لهم فروعا بالعالم حتى الجامعات والمدارس بل وصلوا إلى الجوامع والكنائس هم يؤدون الدور بظهير شعبى من جمهور متردد ما بين بناء المستقبل ودفع جزء من التكلفة أو إبقاء الوضع على ما هو عليه مع ضمان واحد شاى وقهوة مضبوط من خلال التجارب التى عشناها لضمان نجاح واستمرار التنمية الاقتصادية على الأقل العمل من الآن لجذب الأغلبية لتشارك وعمل ما يجذب أكثر خبراء المقاهى للاندماج فى المجتمع وتحمل فاتورة التنمية.
لا تتركوا الناس رهينة لخبراء المقاهى يلعبون فى عقولهم والأخطر أن النتيجة فيما لو لم يكن هناك تحرك فعال ستنتقل المشكلة إلى الأجيال القادمة وبالتالى سنستمر فى الحصول على أخبار بلدنا من خبراء المقاهى أو بائعى البطاطا فى ظل التضييق على روافد الخبراء وسيظل المجتمع أسيرا لفئة تسكن المقاهى ولا تؤدى عملها.
نعيش شيزوفرينيا بين أحلامنا وإمكانياتنا الشخصية أو ما يتاح منها، الفروق واسعة ولن نحقق ما نريده فى ظل اتساع تلك الهوة.
بلدنا خارج من حالة حرب من أخطر أنواع الحروب حيث كل ما استخدم فيها ويستخدم من أسلحة هى ذاتية الصنع والموت وحرب وقودها المصريون وإمكانياتهم العقلية والمادية.
حرب بين الصدق والكذب، الفقر والغنى والجنة والنار، حرب تتمحور حول مصر ومستقبل المصريين وبرغم أن جدول أعمالها هدف واحد إلا أن بيننا من لا يهتم. بالطبع خبراء المقاهى لن يبنوا البلد بل هم أدوات لتخريب عقول البلد.