رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حاكموا المسئولين عن التغييب والهلس!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«مِنْ أينَ جئتِ.. وأى أرضٍ أنجبتك.. وكل ما فى الأفق أشلاءٌ ونارْ.. من قالَ إن شجيرةَ الياسْمينِ تنبتُ فى حقول الدَّم.. تنثرُ عطرَها وسطَ المذابح والدمار.. أنا لا أصدق.. أن يكونَ الدمُّ آخرَ ما تبقى من زمانِ الحبِ والأشعارْ.. أنا لا أصدقُ أن تكون نهايةَ الأوطان باسمِ الدينِ.. أشلاءٌ وقتلٌ وانتحار.. من أينَ جئتِ؟!.. مواكبُ الموتى تضجُ من الجماجمِ.. والمدى حولى حصارٌ فى حصارْ.. الناسُ ترحلُ فى قطارِ الموت.. أشلاءً يلملمها جدارٌ ثم يلقيها جدارْ.. يترنحون على المفارق كالجرادِ.. فلا خيولَ، ولا صهيلَ، ولا ديار.. يترنحُ الكهانُ فى البارات.. والدنيا خراب، والمدى وطن.. تسلمه المشانِقُ للمخابئ، للدمارْ.. يتبادلونَ الكأسَ فى نخْب الضلال.. الخمرُ دمُّ، والكؤوسُ مذابح.. والموتُ يرقصُ فوق أشلاءِ الصغارْ.. هذا زمانُ القتلِ باسمِ الدينِ.. باسمِ العدلِ، باسم الله الواحد القهارْ.. فى البدءِ كانت رحمةُ الإنسان.. تسبقُ سيفَه البَّتارْ...».. هذه الكلمات المعبرة التى كتبها الشاعر الكبير فاروق جويدة، لاحقتنى بمجرد مشاهدتى لدماء شهدائنا المسيحيين أمام الكنائس يوم أحد السعف، تلك المشاهد التى أبكت عيوننا وأدمت قلوبنا.. ولولا الضابط البطل المقدم/عماد الركايبى الذى تصدى للانتحارى قبل أن يدخل الكنيسة، لكان الضحايا والدماء المسالة أكثر وأكثر، لكنه استشهد كى يفتدى مئات المسيحيين أثناء صلاتهم.. ولكن هل كتب علينا أن نحزن؟! ونستيقظ على مشاهد الشهداء والأرواح البريئة التى تزهق فتحول أيامنا إلى مآتم متوالية؟! فلا نستفيق من صدمة حتى تباغتنا غيرها، لتتجدد الأحزان مع كل حادث إرهابى، ويتجدد معه الحوار المكرر والممل الذى نسمعه من المحللين والمسئولين فى جميع البرامج، هل سنظل ننتظر كل حادث إرهابى حتى يوقظنا على حقيقة أننا فى حرب حقيقية لم تنته بعد؟ وكيف تنتهى إذا لم نكن ندركها، ونعى أن مصر تعيش الحرب الأشرس على مدار تاريخها؟ فالعدو من داخلنا ويعثو فسادًا فوق أرضنا، وداخل مؤسساتنا، وتستنزف دماء ضباطنا وجنودنا ومواطنينا الذين يتساقطون أمامنا كل يوم، منهم من يعطيه الإعلام بعضًا من حقه، ومنهم من يتجاهلونه وكأنه لم يمت فداء لتراب هذا الوطن! وفى نفس الوقت يعيش آخرون وكأنهم فى بلد آخر، ونرى إعلامنا يعمل على التغييب ببرامج الهلس التى تربى البلاهة والبلادة، وبدلًا من أن يعى الجميع خطورة المرحلة التى تمر بنا، وندرك أن المؤامرات لم ولن تنتهى، فتقوم الدولة بتوعية الشعب ليفهم ما يحاك، نجد الملايين التى يتم إنفاقها ببذخ وسفه على مجموعة من الفنانين ما بين ضيوف ومقدمى برامج!!.. هؤلاء المسئولون على تلك القنوات يجب أن يحاكموا على دورهم المخزى، ومحاولاتهم لإلهاء الشعب، فنحن لم نتعلم مما حدث فى ٢٠١١، بل نعيد نفس الأخطاء، فقد فقدنا الأمان والاستقرار وكادت أن تسقط الدولة بسبب غياب الوعى، الذى جعلنا فريسة سهلة أمام المؤامرات، فلم ندرك أننا نحارب أنفسنا بأنفسنا، حتى استيقظنا على مؤسساتنا العريقة وهى تحرق أمامنا، لقد عشنا سنوات عجاف وكنا نبكى بلدنا ومؤسساتها، وعشنا أيامًا دون شرطة أوقضاء بعد أن اقتحموا الأقسام والنيابات والمحاكم وأحرقوها، وفقدنا هيبة كل شىء وكنا نتمنى لو تعود الأيام للوراء، حتى يقوم كل منا بدوره ويحاول إصلاحها قبل أن تسقط، ولكننا ننسى سريعًا، ونستوعب بطيئًا!!.. فبدلًا من أن تعلن الدولة حالة الحرب، ليتحمل كل منا مسئوليته شعبًا وحكومة، نرى الجميع يعيش حالة من العبث، فبعد أن شعرنا أن الله قد كشف الغمة، وبدأنا نستعيد الأمان، عاد الجميع لمساره وكما يقول المثل «عادت ريما لعادتها القديمة»، فزاد الفساد والمحسوبية وغياب الضمير، ووجدنا بعض البشر ينسون أنفسهم ويتعاملون وكأنهم آلهة!!.. والمسئولون لا يعنيهم سوى البقاء على الكرسى لأكبر وقت ممكن دون أن يقدموا حلولًا حقيقية لمشاكلنا!!.. وبدلا من أن ندرك أن العدو يضربنا من الداخل، وأننا لن نقوم سوى بسيادة العدل والقانون، ومواجهة الفساد، وخلق الوعى، والثقافة، عدنا لسياسة الإلهاء والتغييب بحجة رفع الروح المعنوية، أما آن الأوان لكى نستفيق ونعلن حالة الحرب؟!.. لقد قالها الرئيس، وأعلن صراحة أننا نعيش فى شبه دولة، ولكن الشعب لم يدرك حقيقة أننا نعيش فى حالة الحرب، بسبب السفه الذى نراه فى البرامج والحفلات التى تتم تحت نظر الدولة، ويجب على الدولة بكل أجهزتها وقنواتها أن تعمل على التوعية لتبنى العقيدة لدى الشعب بجميع فئاته، فما يحدث لنا فى كل الدول العربية من أحداث لا تتم بعشوائية، وإنما نتيجة لمؤامرات مكتوبة ومنشورة فى الكتب منذ سنوات، ويجب أن ندرك ونعى قبل فوات الأوان، فمؤامرات التقسيم لم تنته واستهداف الكنائس ما هى إلا إحدى آليات المؤامرة، ونحمد الله على وعى البابا تواضروس وإخواننا المسيحيين، الذى جعلهم يقفون سدًا منيعًا لمحاولات إحداث الفتنة الطائفية، فكفانا عبثًا فالحرب مشتعلة، وآن الأوان لكى نستفيق شعبًا وحكومة لكى نحمى ما تبقى.