الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

كوريا وأمريكا.. حرب التصريحات النووية‬

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحرب تدق طبولها في البيت الأبيض، ليصل مدى صوتها إلى شرق آسيا، فتشتعل الأجواء، لتسيطر على العلاقات بين كل من كوريا الشمالية والولايات المتحدة التي حركت أسطولاً بحريًا نحو شبه الجزيرة الكورية للتصدي لتطوير بيونج يانج لأسلحتها النووية بعد أن أعلنت قدرة وصول صواريخها طويلة المدى لخمس ولايات أمريكية، ليعلن الرئيس كيم جونج أون أن بلاده سترد على أي اعتداء أمريكي بلا رحمة.‬
‫على إثر ذلك أعلنت الصين التي تشترك مع كوريا الشمالية في الحد الشمالي دعمها الصريح لبيونج يانج، ولم تكتفي بذلك فقط بل حركت قواتها العسكرية نحو الجنوب، لأن اندلاع الحرب بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة سوف يؤدي إلى مشكلات كبيرة على حدودها بل سيطور الأمر لينعكس على نظامها في الداخل، لأن إشعال الفتيل يعني بداية اندلاع الحرب العالمية الثالثة، وهو ما أكده وزير خارجيتها يانج يي في قوله إذا اندلعت الحرب فلن يكون هناك منتصرًا لذا يجب على جميع الأطراف بتوخي الحيطة والحذر، وتجنب الاستفزازات وتهديد الطرف الآخر بالتصريحات أو بالأفعال حتى لا يصل الوضع إلى نقطة اللاعودة.‬
‫باتت الضربات العسكرية هي اللغة التي يتحدث بها الرئيس ترامب لأنه يرى الخيار العسكري هو الوسيلة الأهم إن لم يكن الحل الأمثل في حسم الأمور، بدليل الضربة العسكرية لمطار الشعيرات بسوريا في 7 أبريل، ليعقبها بعد ذلك بخمس أيام ضرب معاقل لتنظيم الدولة "داعش" في أفغانستان بأم القنابل، ليزامن ذلك مع إعلان توجيه ضربات عسكرية لكوريا الشمالية وإرسال مجموعة حاملات طائرات لشبه الجزيرة الكورية بسبب تخوف واشنطن من تطوير بيونج يانج لمنظومة أسلحتها النووية واستخدامها في مهاجمة الولايات المتحدة حسبما قال الرئيس كيم يونج أون. ‬
‫ووسط هذا الاضطراب العابر للقارات اكتفت روسيا في بداية الأمر بالتعبير عن قلقها من شن هجوم عسكري أمريكي على كوريا الشمالية التي تشاركها في حدودها الشمالية، لأن موسكو أجادت قراءة ما تضمنه الضربة الأمريكية لمطار الشعيرات بسوريا (والتي تحمل تكلفتها بعض دول الخليج) من رسائل متعددة منها رسالة خاصة بها وهي أن منظومة الدفاع الروسي الداعم للرئيس بشار الأسد لن يستطيع التصدي لصواريخنا، بالإضافة لإبلاغ بوتين أن مصلحة أمريكا تسمو على العلاقات الشخصية التي تربتطه بترامب، لذلك حافظ الكرملين على علاقته بالبيت الأبيض فيما يخص الأزمة الكورية، لأنه يدرك جيدًا مساندة أوروبا ودعمها لحرب ترامب على يونج يانج، ليجنب بلاده بذلك الخوض في معارك دبلوماسية أخرى مع القارة العجوز وحليفها الأمريكي، ليكتفي بتواجده الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وبعد تصاعد وتير الأزمة حركت روسيا بعض قواتها العسكرية في اتجاه كوريا كرسالة تأكيد فقط على تواجدها في خريطة الأحداث المتعلقة بالعالم.‬
‫وعلى الرغم من أن الجغرافيا والحدود يمثلان أمني قومي أمن قومي لأي بلد في العالم، إلا أن الأمر يختلف كثيرًا بالنسبة لكل من كوريا الجنوبية واليابان، اللذان تقع بينها كوريا الشمالية، إلا أن كل منهما يساند ويدعم الولايات المتحدة في حربها على من الجارة الشمالية التي هدتت بضرب كلاهما عسكريًا إذا تطلب، كضربة استراتيجة غير مباشرة لواشنطن من خلال حلفائها.‬
‫اليابان دولة تجرعت آلام النووي، لذا تخشي نجاح كوريا الشمالية من تطوير منظومتها النووية؛ لأنها لا تريد استعادة أوجاع الماضي البغيض الناتج عن هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، بالإضافة لقيام الحرب الباردة واحتلال السوفيت لجزر الكوريل اليابانية عام ١٩٤٩، وهو الهدف الذي تشاركها فيه كوريا الجنوبية منذ اندلاع الحرب الكورية عام ١٩٥٠، لذا فإن تلك العوامل جعلت كل من طوكيو وسيول يندفع كل منهما إلى تعزيز علاقاته غير المتوازنة مع واشنطن، حيث بات كلاهما تحت المظلة النووية الأمنية للبيت الأبيض مع فتح أراضيهما للقواعد الأمريكية، لذلك فان اليابان وكوريا الحنوبية بمثابة حجر الزاوية للإستراتيجية الأمريكية في جنوب شرق أسيا، بعد أن أصبح التقارب والتحالف الأمريكي الياباني الكوري الجنوبي هو المثلث الذي يحاصر المحور الصيني الهندي الروسي، في حرب باردة بتكيك مختلف وأكثر برودة لأن الاقتصاد هو من يحكم نتائج هذه الحرب التي اشتدت سخونتها بسبب كوريا الشمالية.‬
‫العالم يترقب ويتابع عن كثب مجريات الأمور وما ستئول إليه الأحداث، إلا أن الدول العربية لديها ما يشغلها عن إعلان موقفها من هذه الحرب، على الرغم من أن هناك دولاً عربية ستتحمل جزء كبير من تكلفتها، لأن ترامب يرى بعض الدول كبقرة، حين يجف حليبها سيذبحها، لذا سوف يحرص الخليج على ألا يجف حليبه ليضمن البقاء وسط عالم يحكمه الآن بعض المتهورين.‬
‫ولأن إعلان الحرب على كوريا الشمالية قرار ليس بالهين، وأبعاده بالغة الخطورة، ومنها تدمير كوريا الجنوبية واليابان، وتأثيره المباشر على الصين وقارة أسيا وشمال أفريقيا وإسرائيل إذا إستخدامت بيونج يانج الأسلحة النووية للتصدي للضربات الأمريكية المحتملة لها، ومن خلال تلك الحسابات المعقدة بسبب قوة كوريا الشمالية الصاروخية والنووية وضعفها التكنولوجي أمام تطور واشنطن التي تمتلك قدرة التصدي لحاملات الرءوس النووية الكورية ولكن بتكلفة باهظة، أعتقد أن ما يحدث ما هو إلا مناورات استراتيجية لأهداف خفية.‬