الغرب لم يحقق تقدمه بـ«الفهلوة» أو الأيدى المرتعشة التى أخفقت فى التصدى لمبررات التطرف. العالم يعانى الإرهاب، أقوى أجهزة المخابرات بالطبع أخفقت أمام قنبلة يحملها إرهابى أو سيارة يقودها مجنون. مصر مثل غيرها تتعرض لحملة شرسة من الإرهاب، وهو يضربنا وسط استراتيجية أراد لها أن تكتمل بعد أن فشلت على يد الإخوان المسلمين لتمزيق البلد.
بالطبع الإرهاب هو ذراع الإخوان، وكلنا يعلم عن العلاقة المهمة والتنسيق الواضح بين داعش والإخوان، إذًا داعش ينفذ أجندة الإخوان فى معاقبة النظام وبالتالى مصر والمصريين.
كنت قد كتبت عن رؤيتى بضرورة إعلان حالة الطوارئ منذ فترة غير مرتبطة بالحوادث الإرهابية الاخيرة، طوارئ ذاتية لإتاحة الفرصة أمام كل منا ليعرف أين نقف؟ وما هو المطلوب لتنقية حياتنا من شوائب أخرت تقدمنا؟ طوارئ ذاتية ليس للدولة شأن بها، لكنها تؤدى لنتائج مكملة للتنمية بشكل عام.
فى مقاومة الأخطار التى تواجه المجتمع اختفى دور الفرد والمجتمع بشكل واضح، وأصبح الخيار للمقاومة الشرطة والجيش وهى أمور ناتجة من استرخاء نتيجة الأمن الذى نعيشه، والمؤكد أن حالة الاستنفار بشأن أخطار الأمن تجذب المجتمع، وتجبره على أن يكمل المشوار ويندمج مع الدفاعات الموجودة. بالطبع تعرض مصر لإخطار أمر لا ينكره إلا إخوانى متطرف وأيضًا مستسلم ومتكاسل، زبون مقاهى أو حشّاش يرى الدنيا بنوع المخدرات والحشيش الذى يتعاطاه. هذا الخطر يزداد بعد كل عملية نظيفة لاصطياد رؤوس الفتنة من الإرهابيين أو بعد كل خطوة ناجحة للدولة للتعافى وتقوية الاقتصاد.
إنهم يريدوننا أن نجوع، وبالتالى نستسلم ونمنحهم البلد هدية ليحكموها كإمارة ظلام، الإرهابيون لن ييأسوا من سيناريوهات جديدة لتقسيمنا وبث الفرقة بيننا، ولأنهم يعلمون أن قوة البلد فى وحدتها لذا سيضربون هنا وهناك. حاولوا ضرب النسيج الوطنى بإشعال حرب بين المسلمين والمسيحيين تتيح للغرب أن ينصت لهم، وأيضا لتشتعل البلد كما أرادوا لها، لكن شجاعة البابا تواضروس الثانى أجهضت المخطط لذا هم يعاقبونه.
فى المقابل علينا كمجتمع مصرى أن ننتبه بأن الإرهاب لا يفرق بين دماء لمسلم أو مسيحى ولا غنى أو فقير، الأخطار تهددنا جميعا وعلينا أن نتحرك لحماية الأسرة والعمل وبالتالى البلد.
ولأن العالم لا يحترم ولا ينصت إلا للأقوياء، وهو ما دعا السيسى إلى تقوية البلد كأولوية مهمة عسكريًا واقتصاديًا. وما زالت الجهود تبذل للإصلاح بشكل تام، ويبقى المواطن وعليه أن يشارك فى تقوية البلد على الأقل ليدافع عن أى إنجاز يتحقق فى هذا الشأن. بالطبع حلمنا كلنا أن تتوافر أمامنا عدالة فى الحقوق والواجبات والفرص، وهذا لن يتحقق إلا بتقوية الفرص بشكل مباشر وبكل الإمكانيات والاتجاهات، من غير المعقول أن نظل نسأل ونصرح ونتعارك ونختلف بشأن إصلاح الخطاب الدينى، وتنقية تاريخنا من الشوائب التى تشوهنا وتشوشر على أفكارنا. الغرب لم يتقدم من فراغ، بذل جهودًا وخطوات وعملًا حققه لصالح الأجيال، وكانت الشفافية فى تبريرات الحروب الدينية وشرحها بعقلانية للناس، وهو ما نزع فتيل أحقاد متوارثة.
هناك مواقف وأحداث تاريخية الاجتهاد حولها بالكتابة خلق أزمة وفى ظل تجارب حديثة للكتاب فى مصر لاحظ امتزاج وصفهم للأحداث ورؤيتهم التى سجلوها بمدى قوة العلاقة بين الكاتب والسياسى إذا كانت دافئة فالقلب يلعب لصالح صانع الحدث، وإذا كانت متوترة فالنتيجة معروفة. من هنا يجب أن تكون هناك مراجعة من مجموعة علماء يملكون عقولًا وثقافة وحيادًا، وليس من المعقول ألا يكون بيننا مثل هؤلاء وليس شرطًا أن يكون بينهم الشيخ والقس.
تنقية التاريخ من الشوائب والدراسات الإسلامية من تداخل الأفكار، أمر يصب فى صالح جيل جديد يمكنه أن يلفظ الخلافات، ويقذف بها خلف ظهره، ولا أعلم هل ما يحدث فى الخفاء نحو الاختلاف حول كتب التراث الإسلامى والاجتهادات فى الشأن الإسلامى، وكلمة «استفتِ قلبك» بعد وصول الاختلاف إلى التصادم. من الجرم أن نترك لصغارنا تلك الخلافات دون حلول، ولو حدث معناه استمرار شغل مساحة مهمة من عقولهم بالقشور دون الجوهر، مثل دخول الجامع بالشمال أو اليمين، ألبس بنطلونًا تحت الجلباب أم لا وسيزيد اهتمامنا بالشكل وستضيع حياتهم كما أضعنا الأكثر منها فى مقاومة طواحين الهواء.
أسأل: هل نتحلى بالشجاعة لنواجه ملفات مهمة لتصحيح حياتنا، أم سنقضيها أسئلة وتصريحات وتليفزيونات ومانشيتات جرائد؟ ثم الحقيقة أننا لم نتقدم فى أى ملف اجتماعى فى حياتنا، وهو تقدم لن تصنعه الدولة بل سلوكنا نحن كمواطنين، والطوارئ الذاتية فرصة على الأقل لنعلم أين نقف.