الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بداية النهاية "4"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا فى المقال السابق عند بزوغ نجم الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى سماء الوطن، وترديد اسمه على ألسنة الناس كمنقذ لمصر مما هى فيه، وذلك عقب الاحتفال بعيد تحرير سيناء، الذى أقيم بمسرح الجلاء فى الثامن والعشرين من إبريل ٢٠١٣. فلقد كان لحديثه فعل السحر فى نفوس معظم أبناء شعبنا الذين كانوا يعانون إحباطًا وحزنًا على ما آلت إليه أحوال البلاد، والتى ذكرناها تفصيلًا فى المقالات السابقة فى محاولة منا لرصد ما حدث فى مصر على مدار سنة كاملة، منذ أعلنت اللجنة العليا للانتخابات فوز الدكتور محمد مرسى بمقعد الرئاسة فى يونيو ٢٠١٢ وانتهاء بثورة الشعب فى الثلاثين من يونيو ٢٠١٣ والتى أزاحته عن الحكم هو وأفراد جماعته بعدما اكتشف الجميع خدعة مشروع النهضة وبعدما فشل الرئيس فى تحقيق ما وعد به خلال مائة يوم من حكمه، وبعدما صرنا نتقاتل فى الشوارع ونعانى أزمة البنزين والسولار والغاز والكهرباء والأمن والنظافة إلى جانب بلطجة بعض الجماعات التى تحاصر مؤسسات الدولة المختلفة، وتهدد وتتوعد كل من يخرج على الشرعية، فى هذا الظلام الكامل يأتى بصيص أمل من جديد ولكن البعض كان متشككًا فى أن يحدث ذلك سريعًا، لا سيما أن الوجوه المنتشرة فى جميع القنوات الفضائية، كانت تؤكد أن مرسى يسيطر على كل شىء فى الدولة، وأنه سيستمر لمدتين متتاليتين بحسب الدستور الذى تم السهر عليه وإنهاؤه فى ليلة طويلة جدًا للخروج من مأزق الإعلان الدستورى الذى جعل قرارات مرسى لا تصد ولا ترد وجعلته معصومًا من الخطأ، ولا شك أن الاستقبال الشعبى لخطاب الفريق أول عبدالفتاح السيسى قد أزعج مرسى وجماعته لدرجة أن أحد أعضاء مجلس شورى الإخوان وهو محيى الدين الزايط قد ألقى قصيدة فى مؤتمر عام بحزب الحرية والعدالة هاجم فيها جيش مصر العظيم وقادته، وظهر للأعمى والمبصر أن الإخوان يتربصون بقادة الجيش ويتعمدون الإساءة لهم، ففى هذه القصيدة قال الزايط: ما قيمة جيش إن كان يقودهم «الفار» ولما صاح أحد الموجودين بأن هذا عيب.. قال: جيشنا عزيز.. بس عايز قيادة، وعندما أذيع الفيديو عبر وسائل الإعلام المختلفة غضب السيسى من هجوم الإخوان على الجيش، وأرسل اعتراضًا شديد اللهجة لمرسى فخرج الزايط لنا من خلال برنامج ٩٠ دقيقة على شاشة قناة المحور، مؤكدًا أن القصيدة قديمة، وأنه كتبها فى عهد مبارك وأنه يكن لقادة الجيش كل الاحترام والتقدير، ولكن صفحات الإخوان عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ظلت تقود هجمة منظمة للنيل من المؤسسة العسكرية بالتشكيك فيها، وفى قدراتها وأشاعوا أن الجيش عذب الناس أثناء أحداث ٢٥ يناير، ولكن هذه الهجمة الشرسة أتت بنتيجة عكسية، حيث حرر أحد المواطنين فى أسيوط توكيلًا فى الشهر العقارى للفريق أول عبدالفتاح السيسى، ليقود البلاد هو والمجلس العسكرى بدلًا من مرسى، وبالطبع فإن هذا المواطن واسمه محمد حمدى عبدالحميد قد تم خطفه من قبل شباب الإخوان واحتجازه وتعذيبه، وقد حررت أسرة هذا المواطن محضرًا بذلك، حيث وجدوه بعد ثلاثة أيام ملقى فى الشارع بين الحياة والموت، ولكن يبدو أن كل هذه المحاولات لم تثمر إلا عن آلاف التوكيلات التى تم تحريرها فى مختلف محافظات الجمهورية للفريق أول عبدالفتاح السيسى، كى يدير شئون البلاد، مما جعل مرسى غاضبًا من وزير العدل الذى أصدر تعليماته لمكاتب الشهر العقارى بالتوقف عن تحرير هذه التوكيلات، وقد أحدث ذلك شجارًا بين مديرة بالشهر العقارى وبين مجموعة من الشباب الذين كانوا يرغبون فى تحرير توكيلات جديدة، فلما رفضت المديرة ذلك قرر هؤلاء الشباب أن يحرروا استمارة لسحب الثقة من مرسى وتجمع الشباب فى نهاية إبريل ٢٠١٣ فى ميدان التحرير وقاموا بتوزيع الاستمارة على المارة، والتى عرفت باستمارة «تمرد»، وكانت المفاجأة الكبرى وغير المتوقعة أن يتم جمع أكثر من مائة ألف توقيع خلال أول يوم فقط، وانتشرت الاستمارة عبر الفيس بوك وراح المشاهير من فنانين وسياسيين يوقعون عليها فى فيديوهات ويدعون الناس للتوقيع عليها، ومن بين هؤلاء حمدين صباحى وعمرو موسى والبرادعى وعمرو حمزاوى وغيرهم، فلما استشعر الإخوان خطر هذه الاستمارة اخترعوا استمارة أخرى مضادة اسمها «تجرد»، وبالطبع كانت مثار سخرية الناس، ولم يكتب لها النجاح، بينما كان عدد الشباب الذين يتطوعون لجمع استمارات تمرد تزداد، وصرنا نراهم فى كل الشوارع والميادين، وقد حاول شباب الإخوان مطاردتهم والاعتداء عليهم، وقد رأيت ذلك بأم عينى فى ميدان المساحة بالدقى، حيث كانت مجموعة من الفتيات والشبان يقفون بالميدان لتوزيع الاستمارة على المارة، فظهر فجأة بعض الشباب الملتحى وفى أيديهم عصى، وراحوا يطاردون شباب تمرد فى الشوارع الجانبية، وقد أصابنى الحزن يومها فقد صرنا نعيش فى حالة من الهمجية، وبعد عدة أيام نشر على نطاق واسع من خلال مواقع الإخوان أولًا ووكالة أنباء الأناضول التى أصبحت من يوم جاء الإخوان هى البديل لوكالة الشرق الأوسط، التى هى الوكالة الرسمية لمصر، أذاعت نبأ اختطاف سبعة من الجنود المصريين ما بين رفح والعريش، واجتمع القائد العام فورًا بقادة الجيش ومدير المخابرات، وكانت الملحوظة الأولى التى لفتت انتباه الجميع أن الخبر أذيع أولًا من خلال الشبكات والمواقع الإخوانية، وطلب الرئيس الاجتماع بوزير الدفاع ومدير المخابرات ووزير الداخلية، وأذيع الاجتماع على الهواء وتحدث مرسى كثيرًا ليوحى أنه صاحب القرار وأنه يسيطر على مقاليد الحكم، ومن بين ما قاله «أرجو أن تحافظوا على سلامة المخطوفين وسلامة الخاطفين باعتبارهم أبناء مصر».. وللحديث بقية.