الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"التوماهوك".. وخروج العرب من التاريخ جماعة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الصدمة التى خلفتها الصواريخ الأمريكية التى وُجهت نحو سوريا قبل أيام كانت كبيرة، حتى أننا جميعًا لم نمتلك فى اللحظات الأولى لكارثة ضرب المطار العسكرى السورى سوى الصراخ والسباب والشتيمة، أمريكا الواضحة منذ نشأتها بعدوانيتها ودمويتها برزت وكأنها مفاجأة للسذج وهى تدك المطار السورى وتُقدم الصورة الواضحة للشر والاعتداء على دولة ذات سيادة اسمها سوريا.
الصدمة هى كل ما يمتلكه المواطن العربى الساذج، والسُباب والشتيمة وحرق العلم الأمريكى فى الميادين، هي أدوات المقاومة الوحيدة فى يديه، تكرر هذا المشهد عشرات المرات، لنخرج إلى الميادين صارخين من قاع حناجرنا «الموت لأمريكا»، بل ويتطور الأمر من الهتاف فى بعض الأحيان إلى تنظيم حفلات فلكلورية اسمها مقاطعة البضائع الأمريكية، متسائلين فى نهاية المساء: لماذا تفعل بنا أمريكا كل هذه المساخر؟.
الإجابة بسيطة للغاية، ودعونى أتطوع بها لعلها تنفعنى قبل أن تنفع الآخرين، وهى أننا نحن العرب نعيش أزهى عصور انحطاطنا، وأننا نحن العرب صرنا عالة وحملًا ثقيلًا على الإنسانية بممارساتنا وسلوكنا اليومى، وافتقادنا للبوصلة التى تشير نحو التقدم والحداثة، فلماذا إذا خرج علينا بالعدوان أراذل الناس كأمريكا مثلًا نصرخ كالمجانين، مستحضرين قاموس الهجاء الذى عفا عليه الزمن لنقاوم عدونا الواضح فى عدوانه؟، المشكلة عندنا نحن قبل أن تكون عند الآخر المتغطرس، وإذا لم نعترف بتلك الحقيقة الآن سيتكرر العدوان عشرات بل مئات المرات حتى ينقرض الجنس العربى من على الخارطة كما اندثرت الديناصورات فى سابق الأزمان.
خصومنا يعرفون جيدًا أننا أعداء للعلم، وأعداء للتقدم، وأعداء للبحث، وأعداء للحوار بل وأعداء للسلام الإنسانى، وتركيبة مثل تلك التى نحن عليها هى تركيبة تجعل من ضربنا وهزيمتنا حكاية سهلة المنال لكل راغب فى العدوان، لن أتحدث عن الأنظمة العربية التى موّلت صواريخ أمريكا لضرب سوريا، ولن أشير إلى الحكومات التى أيدت وباركت كالسعودية والبحرين والأردن وغيرها، وذلك لأن رهانى الأول يتجه نحو المواطن العربى وعقله النقدى وقدرته على التعايش مع عالم اليوم بذهن مفتوح وروح شفافة، وهنا تتجلى الكارثة، لفقداننا كل تلك المقومات.
لم يكن داعش وإخوته النصرة وجيش الإسلام وأمهم الراعية فرقة الإخوان المتأسلمين، من إبداعات الفكر الغربى ولم تكن تلك المنظمات الإرهابية تعتمد على أدبيات أمريكية فى فقه العدوان، ولكنها بضاعتنا ردت إلينا، صحيح أن الغرب الإمبريالى استطاع أن يستثمر فى ذلك المجال ولعبت أجهزة مخابرات العالم لعبتها فى توجيه تلك المنظمات المشئومة، ولكن هذا لا يغفر لنا أننا أصل الداء ومنبع الجريمة، بل نحن ببساطة يمكن اعتبارنا المنصات القوية التى انطلقت منها صواريخ التوماهوك لتضرب قاعدة الشعيرات بسوريا.
هذا ليس جلدًا للذات ولكننى أراه بداية للنقد الذاتى والاعتراف بأن البترول والأموال الخليجية لا يصنعان أمنًا، ولا يمكنهما تأسيس كرامة للمواطن العربى، بل هما لعنة حيث رافقهما الجهل والتخلف الوهابى، وحيث تم تصدير منظومة الجهل إلى كل العواصم العربية المضروبة بالفساد والبيروقراطية والتخلف، وحيث تدور الرهانات فى القصور العربية على عواصم أخرى مثل موسكو أو واشنطن أو حتى طهران، لتقوم تلك العواصم بحل مشاكلنا التى صنعناها بأيدينا، قلت سيخرج العرب من التاريخ تمامًا ولن يتم ذكرهم مستقبلًا، إلا بأنهم كانوا مجرد زائدة دودية على هذه الأرض التى لا تعترف إلا بأصحاب العقول المتقدمة، العقول التى تؤسس قوة رادعة، عقول قادرة على صد التوماهوك والكروز ونشر المحبة والسلام فى ذات الوقت.