«جبل الحلال» أحد أهم الجبال فى وسط سيناء، رغم اسمه الطيب، إلا أن الإرهابيين والمتطرفين استطاعوا فى الثورة الأخيرة، أن يحولوه بشرّهم إلى «جبل الحرام» بعد أن ارتكبوا فيه كل أنواع الموبقات والمحرمات، من قتل، وتدمير، وتهريب، وسرقة، وسطو مسلح، وغيرها، مما لا يرضى الله سبحانه وتعالى.
وظلت أسطورة «جبل الحلال»، تقف حجر عثرة أمام القضاء على الجماعات الإرهابية، لما يتميز به الجبل من موقع يصعب الوصول إليه، لوعورة الطرق المؤدية لموقعه، وانتشار الكهوف فيه، فظل لسنوات طويلة يصعب السيطرة عليه أو اقتحامه، حتى استطاع رجال القوات المسلحة مؤخرًا أن يسطروا أروع ملاحم البطولة والتضحية فداء لمصر وشعبها العظيم.
إن رجال الجيش لا يهابون الموت، ويواصلون الليل بالنهار، يدافعون عن أرض وتراب مصر، ويبذلون أرواحهم فداء لها، ولأرض سيناء المقدسة، حتى إن هذا الجيل من أبناء الشعب المصرى، قادة وضباطًا وصفًا وجنودًا، يصنعون ملحمة وطنية جديدة من البناء والتعمير والتنمية، إلى جانب التصدى بكل حزم لقوة الشر والغدر والإرهاب، عازمين على دحره واقتلاعه من جذوره من أرضنا الغالية، التى ارتوت بدماء الشهداء، وهم على يقين أن الله سبحانه وتعالى سوف ينصرهم على هؤلاء المرتزقة الضالين، الذين استباحوا الحرمات، وسعوا فى الأرض فسادًا، بالتخريب والتدمير والقتل والتشريد.
لقد استطاع أبطالنا من رجال الجيش والشرطة، ومعهم رجال مكافحة الإرهاب، تحقيق العديد من الإنجازات والنجاحات المتلاحقة، خلال العمليات الأمنية الشاملة فى مناطق مكافحة النشاط الإرهابى بوسط سيناء، والتى تتميز بالطبيعة الجبلية الوعرة والمساحات الشاسعة والتضاريس المعقدة، التى تتخذها العناصر التكفيرية ملجأ حصينًا يفرون إليه، كان «جبل الحلال» أبرز هذه المناطق خطورة، لكن أبطال ومقاتلي الجيش الثالث الميدانى استطاعوا تحطيم أسطورته الإجرامية، وفرض السيطرة الكاملة عليه، وتطهيره من الإرهاب، فى ملحمة وطنية فريدة.
ما حققه أبطال جيشنا فى جبل الحلال، هو انتصار حقيقى للجندية المصرية يعادل انتصارنا على العدو الإسرائيلى فى حرب تحرير سيناء عام ١٩٧٣، نعم إنه يمثل عبورًا ثانيًا، فكلتا الحربين حررت الأرض والعرض من عدو غاشم لا يرحم، يقتل الأبرياء ويدمر الأخضر واليابس، وفى المرتين استطاعت قواتنا المسلحة الباسلة القضاء عليهما وتحرير الأرض، لتبدأ معركة التنمية فى هذه المنطقة العزيزة على كل مصرى يعشق تراب وطنه.
إن ما يقوم به أبطال القوات المسلحة والشرطة فى سيناء يقف أمامه التاريخ طويلًا ليسجله بأحرف من نور، وسوف يشهد له العالم أجمع بأن مصر هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى استطاعت بجيشها أن تقف فى وجه الإرهاب، الذى أراد أن يسقطها، كما أسقط دولًا كثيرة من حولنا، وعلى الحكومة المصرية أن تستغل هذه الفرصة، وهذا النجاح، لتحقيق طفرة كبرى فى الاستثمار بسيناء.
الآن فقط، بدأت المعركة الحقيقية، معركة أكبر وأشد ضراوة من الحرب على الإرهاب، ألا وهى معركة «تنمية سيناء» وإعادة إعمارها، وجعلها مكانًا جاذبًا للسكان، من خلال المشروعات الاقتصادية العملاقة، مثل المشاريع الزراعية والصناعية والسياحية، فهذه المنطقة قد حباها الله بنعم كثيرة، جو مُشمس طوال العام، وصحراء قابلة للزراعة من مياه الأمطار والآبار، ورمال نادرة تصلح للتصنيع، وأماكن سياحية غير موجودة فى أى مكان آخر فى العالم، مثل الطور وسانت كاترين وعيون موسى وغيرها من السياحة الدينية، وكذلك سياحة الشواطئ والسياحة العلاجية التى تجذب المليارات من الدولارات، لو استطعنا أن نستغلها أحسن استغلال.
حمي الله مصر وحفظ جنودها من كل مكروه.