بالطبع تعرضت العلاقات المصرية الأمريكية، لنوع من فقدان الثقة منذ يناير ٢٠١١ وبالتالى حدثت تقلبات امتدت لتشمل كل شيء.
أمريكا ـ أوباما من جانبها خسرت الرهان على الإخوان فى حكم مصر وهو رهان شاركت فى تسويقه كل إدارات أمريكا برعاية قطرية تركية لم تتصور أمريكا أن المصريين قادرون على عمل تغيير ضد إرادة دولية قوية.
انهزمت أمريكا والدوائر الغربية أمام إرادة المصريين وتحديدًا إرادة السيسى والجيش، وانزعج الأمريكان مع كل خطوة فى طريق تعافى مصر من الآثار السلبية ليناير وتبعاتها، حاولت واشنطن عرقلة المسيرة بطرق مختلفة بتضييق الخناق حول القرار ومحاصرة القاهرة اقتصاديًا وعسكريًا، لم يتصور الأمريكان أن السيسى لاعب ماهر يجيد فن الاختراقات والالتفاف حول المصاعب، ولا يعترف بمصطلحات مثل المستحيل أو غيره.
مصر لم تركع ولم تستسلم لقوى الغرب، والسيسى أعلن ردًا على شرور الغرب تحرير القرار والتحرك مستخدمًا بوصلة المصالح المصرية.
الغرب راهن على سقوط مصر، وبالتالى على تغير النظام لصالح رؤيتهم وظلوا يراقبون المصريين انتظارًا لما يرضى خبراء الغرب والمهتمين.
أمريكا ـ أوباما لم تنس للمصريين بأنهم قوضوا مشروعاتهم بخصوص الشرق الأوسط الجديد، ويتضمن دولًا مهمومة بالشأن الخاص لمدة خمسين عامًا تبتعد فيها عن أى تأثير على العالم أو بما هو خارج حدودها، مما يتيح لمجلس إدارة العالم، توجيه دولة للوجهة التى يرغبون فيها، والعراق تجسيد للتطبيق، ابتدعوا مبررات الحرب بين العراق والكويت، ورسموا بحرفية مخابراتية نشوب الحرب، وبالتالى تكسير عظام وتمزيق العراق وهو تمزيق نموذجى. وحتى الآن العراق يعانى إلى أن يظهر ببلاد الرافدين من يحطم الأسوار وهو أمر مستبعد الآن.
أمريكا عندما أخفقت فى مصر، أصيبت مخابراتها والدبلوماسية الأمريكية بخيبة أمل وبهزيمة مذلة، وكان رد فعل إدارة أوباما فى سلوك عدوانى ضد مصر.
حاربوا القاهرة بتخفيض المعونة وتجميد صفقات السلاح المطلوبة لمحاربة الإرهاب، والأخطر أن الأمريكان تعاونوا مع جهات عديدة، لإلحاق الضرر بالمصريين ومنحوا الإخوان والمتحالفين معهم عددًا من أنواع الحماية.
أمريكا ـ أوباما التى تربطها بمصر علاقة تعاون وثيق، أتاح لأمريكا الاطلاع على كل ما تريده، وبالتالى أمكن لها عمل دراسات عن الاتجاهات السياسية كخيارات متاحة أمام المصريين، واللافت أن المواقف والأحداث الخلافية أظهرت لصناع القرار الأمريكان أن ما كانوا يعلمونه عن القاهرة بالتفاصيل لم تكن كافية على الأقل لتوقع خط سير الأحداث.
تأكدت أمريكا بمرور الأيام أن القاهرة تتمتع بمصداقية نادرة، وأن مخاصمتها ضرر ومحاولات محاصرتها خاسرة، وأن أى محاولات للضغط عليها واللعب بورقة الوقيعة بين الشعب والقيادة، كلها محاولات لا تضعف النظام ولكنها تزيده شعبية.
اختبرت أمريكا صبر الرئيس السيسى، وقدرته على الصمود والتحمل بأنواع من المواقف والضغوط، ورصدت كل ردود الأفعال، وشككت فى كل ما يحدث بالقاهرة، وعندما لم تنجح تلك المحاولات ومع وصول الرئيس ترامب إلى السلطة خلفًا لأوباما كانت هناك تفصيلة مهمة، حدث أن اجتمع الرئيس السيسى بالمرشح للرئاسة ترامب على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، ومن الواضح أن المرشح للرئاسة الأمريكية ترامب قد استمع لرأى الرئيس السيسى تجاه كل النزاعات الموجودة فى ليبيا وسوريا وكيفية محاربة الإرهاب، وكانت المفاجأة أن رؤية السيسى استعان بها ترامب وسوقها كرؤية له تجاه القضايا الدولية، ورحب الشارع بها ونجح ترامب وهو يحمل نفس إجابات السيسى حول النزاعات العالمية.
ترامب يحمل للسيسى نوعًا من الجميل، وفى استقباله وحواراته قبل زيارة الرئيس المصرى، أجد بالفعل أن هناك تطابقًا فى وجهات النظر نحو معظم القضايا الدولية والثنائية وتأثير ونتائج الزيارة سيظهر اقتصاديًا وعسكريًا وترطيب أجواء، وأيضًا فى الدفع لحل القضية الفلسطينية.
مصر أثبتت للعالم أن سياستها واضحة وتصرفاتها شفافة وتفضل استخدام لغة واحدة مع الجميع.
شجاعة مصر وراء الصمود فى المعارك التى تخوضها، وثقتها بأن الحق بجانبها.