وافق البرلمان المصرى على قرض صندوق النقد الدولى، نعم، هذا الخبر صحيح ، لقد خرجت به اللجنة الاقتصادية فى البرلمان بعد مناقشات حادة جرت فى البرلمان الأسبوع الماضي مع وزير المالية عمرو الجارحى، أى أن الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي قد تمت وجمهورية مصر العربية توشك على الحصول على الشريحة الثانية من القرض.
الحقيقة أن التعليق على هذا الخبر المتأخر يحتاج إلى الوقوف عند عدة نقاط، أهمها هو التوقيت وحالة البطء فى الأداء البرلمانى، وتلكؤ بعض النواب عن أداء دورهم فى لحظات حاسمة من تاريخ الوطن، وليكون البرلمان أكثر فاعلية، وليس بديكور ديمقراطى وتحصيل حاصل، لم يسهم السادة بمناقشاتهم ولومهم للوزير بشيء يذكر، رغم حرصه خلال النقاشات على تقديم إيضاحات بات رجل الشارع العادى يعيها أكثر من السادة النواب، وقد أكل الزمن عليها وشرب، بأن جمهورية مصر العربية تحتاج إلى القرض لتشجع الجهات المانحة عالميًا على الاستثمار بها، وإعطاء رسالة إيجابية عن جدوى برنامج الإصلاح الاقتصادي.
لا ألوم الوزير فى ذلك، فالحكومة تحركت بما تمليه عليها الضرورات بينما تأخر البرلمان كثيرًا، حتى باتت موافقته أضحوكة، وتحولت مشاركته من أداءة فاعلة فى المشهد الديمقراطى إلى مشاركة صورية بروتوكولية، لا دور لها فى صياغة برنامج الإصلاح الاقتصادى، أو جدوى لها.
نفس هذا التباطؤ كان السر وراء إرجاء إصدار التعديل التشريعى الخاص بانتخابات المحليات، رغم أن مشروع القانون موجود فى أدراج المجلس منذ منتصف العام الماضى، وكان من المتوقع صدوره لتجرى الانتخابات فى مطلع العام الجارى، وهو الأمر الذى لم يحدث، وبات علينا نحن المواطنون الاختيار بين الإسراع فى إعداد التعديلات التشريعية لإجراء الانتخابات الرئاسية العام المقبل، لتتم وفقًا للدستور، أو أن ننشغل بانتخابات محلية تستنفذ الناخب، وتستهلك موارد الدولة المحدودة فى إجراءات وتأمين وما شابه.
لا أدرى ما السبب وراء تأخير مشروعات القوانين داخل أروقة المجلس لهذا الحد، لكن اللحظة التى تعيشها جمهورية مصر العربية منذ إقرار دستور 2014 تحتاج إلى المزيد من الالتزام البرلمانى بتعديل القوانين لتكن متوافقة مع الدستور، وحتى نتجنب اتخاذ خطوات ثم الحكم ببطلانها دستوريًا، وحتى نتوقف عن الدوران فى تلك الدائرة المفرغة.
يحتاج الأمر أن يجنب النواب خلافاتهم السياسية، والشخصية، والتركيز على الإنجاز ورفع مستوى الأداء البرلمانى، والالتزام بآداب الحوار، وسعة الصدر وتبادل الآراء فى ود واحترام، ما دام الهدف واحد، وهو حب الوطن ورفعته ومساعدته على تجاوز أزماته.
الأكيد أن الشعب المصري الذى انتخب هؤلاء النواب، لا ينتظر مشاهدة مشادة تصل إلى الاشتباك بالأيدي بين السادة الأعضاء، أو إقصاء بعضهم البعض والمصادرة على رأى الأغلبية، اللعبة الديمقراطية واضحة، والتصويت قادر على حل كل الخلافات، وفى النهاية طريق التوافق والاستفادة بالآراء من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، يمكن أن يخلق صيغ قانونية ونقاشات أكثر ثراءً، ونصوص أكثر مرونة وقابلية للتطبيق.
إن المواطن المصري البسيط يحتاج نواب تشعر بهم وبأزاماتهم وتعمل على إيجاد الحلول لها، أن هذا المواطن وبحق في حاجة ماسة إلى نواب يليقون به، وإلا لن ينجو أحد من انفجاره.