الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإعلام الفضائي وإصلاح ماسبيرو!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ربما يحاول الإعلام الوصول إلى المعلومات حول واقعة ما، مثل واقعة التحرش بفتاة الشرقية بواسطة ٦٠٠ شخص، وربما ينقلها إلى المتلقى منقوصة وليست كاملة، ولكنه يعجز فى الوقت نفسه عن الوصول إلى الحقيقة التى يتطلع إليها المواطن، بل يصل إلى نتائج من وحى خيال الإعلام والقائمين عليه، وهى ربما تكون بعيدة عن الواقع، ولكنها نتائج لا يرتاح إليها المتلقون، وإنما تخدم البعض من أصحاب المصالح فقط! فهو إعلام يهدف فى الغالب إلى الإثارة واللعب على الوتر الإنسانى تارة، واستجداء عطف الناس بالتبرعات وعلى الوتر الاستهلاكى تارة أخرى، من خلال ماسورة الإعلانات المستفزة المتداخلة فى العمل والأخبار طوال الوقت، حتى صارت الإعلانات تتحكم فى اختيار المذيعين والبرامج والمحتوى المقدم، وعلى وتر الجنس تارة ثالثة من خلال عرض أفلام الجنس والمشاهد الخادشة للحياء دون القيام بدوره المنوط به أصلًا فى التوعية والأخبار والتثقيف والتوجيه والإرشاد ومراعاة بنود مواثيق الشرف الإعلامى والأخلاقى التى وقعت عليها!
ولم يطرح علينا إعلامنا «الفاشل»، الفضائى والحكومى المتمثل فى ماسبيرو، حلولًا واقعية لقضية من القضايا التى تهم المواطن خلال السنوات الست الماضية على سبيل المثال لا الحصر، أو بمعنى آخر لم يسهم الإعلام المملوك للدولة، أو إعلام الفقراء، فى حل أزمة من أزمات المجتمع، بل يطرح فى الغالب يترك الحل لاجتهادات الناس على طريقة الكلمات المتقاطعة المنشورة بالصحف القومية.. فكم من القضايا الأكثر خطورة فشل إعلامنا الحكومى فى نقلها إلى الجمهور، بل مارس نوعًا من المنع والتكميم على الحقائق، مثلما حدث فى أحداث موقعة الجمل أيام ثورة ٢٥ يناير، وما بعدها من ممارسات أيام المجلس العسكرى، ثم حكم الإخوان، مرورًا بأحداث فض اعتصامى رابعة والنهضة، وصولًا إلى أزمات مستمرة نعيش فيها حتى الآن، مثل قضية سد النهضة الإثيوبى ومخاطرها المستقبلية الوشيكة على مصر، والتى فشل الإعلام فى معالجتها، ومارس نوعًا من الاستهانة بالقضية الأكثر خطورة، حتى صار السد واقعًا لا يمكن تغييره نتيجة استهانة إثيوبيا بنا! وقضية جزيرتى تيران وصنافير وتوقيع الاتفاقية بين مصر والسعودية، وصدور حكم بات للقضاء الإدارى المصرى بمصرية الجزيرتين، مما نشأ عنه نوع من الجفاء النسبى بين البلدين الشقيقين، وقضية قرض صندوق النقد الدولى وتداعياته على المواطنين، وهو السبب الأصيل لما نشعر به نحن الآن من معاناة ارتفاع الأسعار والخدمات، ورفع الدعم الجزئى عن جميع الخدمات، وصولًا إلى تعويم الجنيه وما صاحبه من انهيار للعملة الوطنية أمام الدولار الأمريكى، وغلاء الأسعار فى جميع المجالات، والتركيز على الإنجازات الشكلية والتصريحات، ومنع شكوى الناس التى تكتم بداخلها الصرخات بسبب الغلاء المستمر دون وجود حلول واقعية، ودون تدخل حقيقى من الدولة لوقف المهازل التى تحدث فى التموين والخبز والمواصلات والبنزين والمترو وارتفاع أسعار الكهرباء والمياه والعقارات، وانهيار دولة الجنيه المصرى وصولًا إلى تأخير الوصول إلى الأحداث وقت حدوثها ومتابعتها من قنوات أجنبية، بالرغم من وقوع الأحداث فى مصر، بالإضافة إلى اعتقاد الناس فى صدق ما تقوله الإذاعات والقنوات الأجنبية عن التليفزيون المحلى الفاشل الذى يكبد الدولة خسائر لا حصر لها كل عام، الأمر الذى دعا الرئيس السيسى إلى الحديث عن إصلاح ماسبيرو، الذى يعانى من ديون متراكمة تحتاج إلى حل سريع لها، لاسيما وقد تولى مهمة رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون مجموعة من الفاشلين، وكانت إدارتهم سيئة، مما دفع الموظفين إلى المطالبة بإقالتهم فورًا، وهم أهل الثقة وليس الكفاءة كما تعودوا من قبل، فلم نسمع أن التليفزيون أو ماسبيرو، وهو الإعلام الحكومى، قد حصل على نسبة مشاهدة تفوق إحدى القنوات الفضائية، أو أن إحدى قنوات التليفزيون قد نجحت فى إدخال موارد مالية تخفف من وطأة الخسائر المستمرة فيه طوال السنوات الست الماضية التى تولى فيها شخصيات غير جادة وليست على المستوى المطلوب، سواء كانوا أكاديميين وأساتذة جامعة فاشلين مهنيًا، أو لم يمارسوا العمل المهنى من قبل، الأمر الذى جعلهم يتشابكون مع إعلاميين مثل لميس الحديدى وخيرى رمضان وغيرهم، حتى تمت إقالة أحدهم بسرعة بعد ٣ أشهر من توليهم مسئولية ماسبيرو، تلبية لمطالب الشعب فى حملة تطهير ماسبيرو من بقايا الحزب الوطنى عقب ثورة ٣٠ يونيو، وعادوا إلى مناصبهم فى الجامعة الخاصة التى تبيع الوهم للطلاب، وكانت قد اعتادت هذه الشخصيات، التى تولت رئاسة ماسبيرو والمحسوبة على نظام مبارك، على التطبيل والتهليل أيام صفوت الشريف عندما كان يؤسس كل عام قناة محلية من أجل أن يفتتحها الرئيس مبارك فى عيد الإعلاميين، ويدوس بأصابعه معلنًا افتتاح القناة وسط تصفيق وتهليل الإعلاميين والوزراء، حتى تضخم ماسبيرو بالقنوات والعمالة الزائدة دون عائد حقيقى منها، إلا أن إعلامنا أصبح فاشلًا بكل المقاييس.. ربما كان الهدف من إعلام ماسبيرو ليس ماديًا أو تجاريًا بقدر ما هو معنوى وفكرى، يهدف إلى التنوير والتوجيه والتثقيف والأخبار للشعب، ولكن هذا هو الحال، إعلامنا فاشل! كما بدى إعلامنا الفاشل فى تناول جميع القضايا المجتمعية بشكل سطحى، وبوجهة نظر واحدة دون أن يظهر وجهة النظر المعارضة أو المختلفة مع الرأى المطروح. فنحن نحتاج إعلامًا يقوم على ترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية والتخفيف عن المواطن الغلبان وتنمية المناطق العشوائية تدريجيًا لرفع مستوى المواطنين على جميع المستويات. على أى حال، فقد أصبحنا نعيش فى حالة من الفوضى الإعلامية أحيانًا، والتشكيك والرفض أحيانًا أخرى لكل ما يدور حولنا من ممارسات إعلامية فاشلة! وهو ما يؤثر فى تشكيل الوعى السياسى للمجتمع المصرى فى المستقبل، ولا بد من الموافقة على قانون تداول المعلومات فى مجلس النواب، وهو ما نادينا به كصحفيين خلال العهود الماضية دون مجيب، فهل هذه المرة سنجد من يستجيب؟ لاسيما بعد الموافقة على تأسيس نقابة للإعلاميين، حتى يتحول إعلامنا فى ماسبيرو الممول من المال العام إلى إعلام ناجح، وليس إعلامًا فاشلًا كما هو الآن؟!.