مصطلحات وممارسات عديدة وعجيبة طفت على سطح الحياة السياسية والحزبية والبرلمانية عقب أحداث ٢٥ يناير وحتى يومنا هذا ومنها مصطلح الدبلوماسية الشعبية وتشكيل وفود على طريقة «سمك.. لبن.. تمر هندى» للسفر إلى الخارج تحت شعار دعم القضايا المصرية بالخارج والتصدى للممارسات العدائية لجماعة الإخوان الإرهابية.
وضمت الوفود التى سافرت على مدار السنوات الماضية اليسارى واليمين والاشتراكى كما ضمت الوزير السابق ورئيس التحرير الحالى والإعلامى الشهير ورجال الأعمال وغيرهم دون أن تجمعهم عقيدة سياسية أو أيديولوجية حزبية موحدة.
وسفر الوفود الشعبية تحت مسمى الدبلوماسية البرلمانية على مدار السنوات الماضية شمل دول المعسكر الشرقى وأيضا دول المعسكر الغربى وبعض الدول التى تشهد علاقات مصر معها أزمات ومنها إيطاليا بسبب أزمة مقتل المواطن الإيطالى ريجينى وأيضا روسيا بسبب أزمة منع السياحة الروسية ولم تحقق تلك الزيارات أى عائد ملموس رغم التصريحات الفشنك التى أطلقت خلال وجود تلك الوفود للتسوق فى المراكز التجارية بتلك الدول.
ولعل أول من ابتدع فكرة الدبلوماسية الشعبية عقب ٢٥ يناير هم نشطاء السبوبة ممن يدعون بأنهم الثوار حتى يصل المد الثورى إلى خارج الحدود المصرية وحتى يحصلوا على مبالغ مالية تغطى نفقات السفر ونفقات الشراء واستمرت عملية السفر حتى ٣٠ يونيو وفى ظل المرحلة الانتقالية وفى عهد الرئيس المؤقت السابق عدلى منصور بزعم أن الدبلوماسية الرسمية غائبة عن المشهد. وبعد نجاح الرئيس عبدالفتاح السيسى وحدوث استقرار سياسى ودور بارز وملموس للدبلوماسية الرسمية وخاصة فى عهد وزير الخارجية النشط سامح شكرى كان من المتوقع أن تتوقف رحلات وزيارات وفود الدبلوماسية الشعبية التى تظهر بشكل أكبر خلال زيارات الرئيس السيسى للخارج بهدف خطف الكاميرات والأضواء خلال لقاءات الرئيس وتحرك موكبه فى الشوارع والميادين الأوروبية والأمريكية والتلويح بأعلام مصر أمام الكاميرات للقنوات المصرية.
والغريب أن وفود الدبلوماسية الشعبية لم تتوقف بل ما زالت مستمرة وآخرها الوفد الشعبى الدبلوماسى الذى سافر مؤخرا للولايات المتحدة الأمريكية لدعم ومساندة الرئيس فى تلك الرحلة والتصدى لممارسات الإخوان وإحباط خطط الجماعة الإرهابية وضم الوفد قيادات برلمانية بارزة منهم سليمان وهدان وكيل مجلس النواب ومحمد العرابى وزير الخارجية السابق ورئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق أيضا.
ولا أحد يعترض على سفر مثل هذا الوفد تحت مسمى الدبلوماسية الشعبية ولكن الاعتراض على غياب الشفافية الكاملة التى تحيط بتشكيل هذا الوفد وأيضا مصادر التمويل ومن الذى قام بقطع تذاكر الطيران وحجز الإقامة ودفع مصاريف لهؤلاء الأعضاء بالعملة الصعبة خاصة أن البعض منهم ينتمى لمؤسسات رسمية فى الدولة ويتطلب منصبه الإفصاح عن مصادر التمويل.
فإذا كان مقبولا من قبل أن يظل الممول لوفود الدبلوماسية الشعبية خفيا وغير معروف فإن غير المقبول أن يظل الممول خفيا ويدفع أموالا لمسئولين فى الدولة ومنهم وكيل البرلمان الذى أثق فى نزاهته ويرفض أن يتقول عليه أحد أو يمن عليه أحد بالسفر على حسابه خاصة أن ميزاينة مجلس النواب تسمح بأن يسافر على نفقة المجلس وليس الممول الخفى.
فنجاح وفود الدبلوماسية الشعبية فى المهام التى تقوم بها تتطلب توافر مبدأ الشفافية فى تشكيل واختيار الوفود ومعايير الاختيار وشفافية التمويل أيضا والتنسيق مع رجال ومسئولى الدبلوماسية الرسمية لا أن يكونوا منافسين لهم أو عمل شوشرة على نشاط وأعمال الدبلوماسية الرسمية وخطف الأضواء منهم لصالح الممول الخفى الذى أحيانا يسافر معهم وأحيانا أخرى يظل فى القاهرة. ووفد الدبلوماسية الشعبية الموجود حاليا فى الولايات المتحدة الأمريكية ليس معروفا حتى الآن من يتولى رئاسة هذا الوفد هل السيد سليمان وهدان وكيل البرلمان أم السيد محمد العرابى رئيس لجنة العلاقات الخارجية السابق أم السيد حسين أبوجاد نائب البرلمان عن الحدائق أم السيد عماد جاد نائب البرلمان عن حب مصر أم الممول الخفى الذى ننتظر أن يكشف عن نفسه حتى نطالب بتكريم هذا الممول الذى يحب مصر أكثر منا رغم عدم تبرعة لصندوق تحيا مصر.