أرسل الزميل الفلسطينى إيهاب أحمد هذه الرسالة، التي أراها جديرة بالنشر فى جريدة وموقع «البوابة نيوز»، التى يعتز، وأنا معه، بمتابعتها والكتابة لها، حيث يلقى الضوء على تداعيات اغتيالات إسرائيل للثوار والأسرى المحررين الفلسطينيين، وآخرهم الشاب «مازن الفقهاء»، الذى استشهد منذ أيام على أيدى قوات الصهيونى المتشدد «ليبرمان».
وفيما يلى نص الرسالة: حقًا أحتار فى عقولنا وفى حرب التحرير التى نخوضها وفى ثورتنا وعلاقتنا بعدونا، ولماذا فشلنا إلى الآن فى تحرير أرضنا، ولعلى أجد نفسى مدفوعًا للكتابة على وقع ما أراه وما أسمعه عبر مواقع التواصل الاجتماعى من مطالبات للثار للشهيد مازن فقهاء، وفى هذا المقام أقول:
أولًا: أحذية الشهداء تاج على رأسى أيًا كانت فصائلهم، فأنا أنظر إلى قلوب أمهاتهم، لا إلى أمراء حركاتهم.
ثانيًا: منذ متى كانت معركتنا مع المحتل معركة انتقام لشهيد فقط، وأنى هنا أتساءل: لماذا كل هذه الدعوات للانتقام للشهيد فى الوقت الذى سقط فيه شهداء آخرون فى مخيم العروب والجلزون ورام الله؟ أليسوا جميعًا متساوين فى الشهادة والكرامة والدم والدين والوطن ووحدة المصير؟.
ثالثًا: إننا كشعب فرّقته الفصائل ومصالح قادتها، نجد أنفسنا بين فريقين من أبناء شعبنا، يسيطر كل منهما على مساحة من الأرض، ويعلن فيها حكمه، ويفرض سيطرته، وهو يعلم أن مفتاح هذه المدن والجغرافيا يمسك به جندى لم يبلغ العشرين من عمره.
رابعًا: إن غزة، التى قاتلت طويلًا، ودفعت ثمنًا باهظًا من دماء فقرائها، هى اليوم بحاجة إلى تطبيب جراحها التى ما زالت تنزف،٢٥ ألف شهيد وعشرات آلاف الجرحى، والبيوت المهدّمة والفقر وتفشى البطالة والظلم بين أبنائها، أضف إلى ذلك الحصار الخانق عليها.
خامسًا: لقد ارتقى الشهيد مازن فقهاء فى مربع أمنى مغلق فى غزة، وفى مكان يكتظ بقيادات ومراكز أمنية لحكومة غزة وللقسام، وهنا أقول: لماذا كل هذه العروض العسكرية فى شوارع الفقراء فى غزة، وعندما احتاجكم الشهيد مازن فقهاء اكتشفتم اغتياله بعد ساعة من تنفيذ العملية؟ وإنى أعلم أنكم ستلقون القبض على من نفذ هذه العملية، ولكن قبل أن تعدموه حرقًا أطلب منكم أن تسألوه:
كيف.. ولماذا.. وبماذا.. خدعت جحافل جيش القسام وأجهزة آمنة تسيطر حتى على منشورات توتير وفيس بوك؟ لا تتفاجأوا إن اكتشفتم أنه فلسطينى غير متعلم وفقير، وهذا أداة تنفيذ لا عقل تخطيط، فتشوا بينكم وبين أجهزتكم وستعلمون أن دم الشهيد إنما سقط بخيانة قتلت صلاح شحادة والرنتيسى والياسين من قبل.
سادسًا: أرجو أن تفهمونا ما معنى كلمة الانتقام؟ وهل سقط شهيدنا إثر خلاف شخصى مع عدوه، أم أنه تم اغتياله لأنه فلسطينى حاول الدفاع عن أرضه وعرضه؟ ولماذا هذه الموسمية فى الجهاد؟ لماذا تخوضون حروبكم بعد أن يسقط شهداء ينتمون لفصيلكم؟ ولماذا تعلنون حروبكم على كيان يهود صيفًا، وتعلنونها سلمًا فى شتائكم؟
إنى أسالكم -بالله عليكم جميعًا- هل تقاتلون لأجل دينكم، فكم من يهودى دخل الإسلام على أيديكم؟ هل تقاتلون من أجل أرضكم؟ كم شبرًا من أرضكم حررتم؟ وهل تقاتلون من أجل شهداء شعبكم؟ فلماذا لم تقاتلوا عندما سقط الفقراء فى العروب ورام الله والجلزون؟ إنها مصلحة الفصيل تعلو على منزلة الوطن، وإنى أعلم أنكم ستنتقمون لشهيد فلسطين مازن فقهاء، ولكن حفاظًا على صورة حزبكم، لا من أجل أرضكم ودينكم، وخير دليل على كلامى حروبكم السابقة كانت جميعها انتقامًا لشهداء سقطوا من فصيلكم، وانتهت باتفاقات بينكم وبين عدونا وعدوكم أوقفتم حربكم فى خمسين يومًا فقط.. فهل أعدتم لنا القدس وحيفا؟ وهل حررتم غزة من فقرها وأزلتم سياجًا من الأشواك يحيط بها؟ إنى أنتظر إجابتكم بنى قومى، وإنى أحب شهداء هذه الأرض، ولتعلمونا بأن الشعوب التى تقع تحت الاحتلال إنما تقاتل لتزيل هذا المحتل عن أرضها، لا لأجل أن تحسن من ظروف معيشتها.
هل تذكرون الميناء والمطار اللذين أنهيتم حربكم لأجلهما بدأت معركتم انتقامًا لشهدائكم وأنهيتموها بمطالب تعلقت باقتصاد قادتكم.
أريحوا أنفسكم، ولا ترهقوا شعبكم بالانتقام، فالشهداء إنما سقطوا ليس لأجلكم.
اذهبوا إلى أبناء الشهيد مازن فقهاء وزوجته وأخبروهم بأن الشهادة فى غزة أفضل من العيش تحت ظل حكمكم وإن أردتم أن تخوضوا حربًا لتحرير أرضكم فاعلموا أننى سأقبّل أيديكم وجباهكم.
قد يكون كل ما كتبت صوابًا يحتمل الخطأ أو خطأ يحتمل الصواب.