الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الخواجة جوزيف والبرنامج المصري.. و«الزن ع الودان»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ماذا أقول لكم إن جئتم تسألون: «وإيه فايدة الكلام؟.. أنت وغيرك كثيرون تكتبون وتنبهون وتحذرون وتقدمون رؤى متعددة، يمكن من خلالها تحسين أوضاع الاقتصاد المصرى وتقليل عجز الموازنة من دون أن يلحق الأذى والضرر بالغالبية من الناس، سواء أولئك الذين تحت خط الفقر أو محدودى الدخل أو حتى الطبقة الوسطى التى جار عليها الزمان وتكاد أن تتآكل وتذوب وسط دوامة الحياة؟.. نعم ما فائدة الكلام؟
والحق أقول لكم.. تظل الكلمة هى المبتدأ وهى الطريق نحو اكتمال الصورة أمام القارئ وأمام المسئول حتى لو لم يأخذ بها وركنها على جنب وانصاع لأوامر ساكنى الصندوق فى العاصمة الأمريكية «واشنطن».. ألم نسمع جدودنا الذين علمونا أن الزن على الودان له مفعول السحر مهما طال الزمان؟
وامتثالًا لما تعلمناه من جدودنا.. تعالوا «نزن» حتى يصل «الطنين» لآذانٍ مقفلة لا تسمع إلا نفسها ولا تمتثل إلا للتعليمات إياها حتى لو جاءتها همسًا أو وصلتها عبر لجان «التفتيش».
بص شوف بسلامته بيقول إيه؟: «إن إجراءات الإصلاح الاقتصادى لم ولن تمس محدودى الدخل».. وبسلامته ليس فيلسوفًا يعيش فى برجه العاجى، لكنه وزير مسئول فى الحكومة وواحد من الذين يهندسون هذه الإجراءات.. بذمتك ما هو الرد المناسب على هذا الوزير؟.. وكيف تجرأ هذا الوزير وقال ذلك الكلام بينما محدود الدخل هو أول من يعانى من تأثيرات حزمة القرارات التى اتخذتها حكومته؟
حتى عندما تكلم سيادته عن ترشيد الإنفاق الحكومى، تكتشف أنه لم يقل شيئًا، ولو كنت لا تثق فى رأيى فإليك كلام الوزير: «فى ضوء قرار الحكومة باتباع سياسة خفض وترشيد الإنفاق الحكومى، فإن الوزارة سوف تبحث خلال الفترة القليلة القادمة الإجراءات التنفيذية التى يجب اتخاذها لتحقيق هذا الهدف».. كسبنا صلاة النبى عليه أفضل الصلاة والسلام.. ماذا تم؟ ولا حاجة.
يبدو أن الوزارة «خايفة تتكعبل» ولذلك ما زالت تبحث على مهلها وبشويش خالص، مع إن تجارب العالم حولنا والوزارة تعرف أن دولًا عديدة، منها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، واليونان أيضًا، أصدرت قرارات نهائية لا يتم الالتفاف حولها وتقضى بالامتناع عن شراء أى أصول جديدة لأى جهة حكومية أو شبه حكومية.. ما الذى يمنع أن نطبق هذا القرار ولو لمدة ثلاثة أعوام مثلًا على أن يعاد النظر فيه بعد انتهاء المدة؟ ما الذى يمنع أن يصدر هذا القرار ضمن حزمة قرارات أخرى ترحمنها من السفه الحكومى؟.. ياريت تتنحرروا شوية أو بصراحة تتحركوا بسرعة بلاش تلاكيك وتبريرات وأسطوانات من إياها.
●●●
قبل أن نعود لكلام الوزير، اسمحوا لى أن أقول إنه من الطبيعى لما واحد يسمع كلامك وينفذه بحذافيره، مهما كانت عواقبه، فمن المؤكد أنك ستقول له: «شاطر ياحبيبى»، وهذا بالضبط ما يطلق عليه حضرات السادة المسئولين «شهادة المؤسسات الدولية».. لازم طبعًا تشيد بإجراءات الحكومة المصرية، لأنها تنفذ ما طلبته منها هذه المؤسسات، ومن عجائب الأمور أن سيادة الوزير يصر إصرارًا لا يلين على أن «الإصلاح الاقتصادى» برنامج مصرى خالص مالص.. «معلش خلى الطابق مستور».. ما تتخذه من إجراءات، فعلته دول أخرى وغرقت فى الديون، ذلك أن وصفات صندوق النقد لعدة دول آسيوية، منها إندونيسيا وتايلاند وكوريا الجنوبية، كانت لها تأثيراتها السلبية أواخر تسعينيات القرن الماضى، وشهدت تلك البلاد أزمات طاحنة، وتحولت حياة ملايين البشر إلى كابوس حقيقى، باستثناء ماليزيا المجاورة لتلك البلاد والتى شهدت انتعاشًا لا مثيل له لأنها ببساطة رفضت الخضوع لبرنامج الصندوق.
هل تحتاجون شهادة أخرى؟ ما رأيكم فى الخواجة جوزيف ستيجليتز؟ إنه اقتصادى أمريكى معروف وحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد لعام ٢٠٠١، ومؤمن بكل المبادئ الرأسمالية، وكان نائبًا لرئيس البنك الدولى، لكن ضميره قاده إلى الاستقالة.
لماذا ياخواجه؟.. يجيب: «لما يموت تسعة مرضى من أصل عشرة، فواضح أن الطبيب لا يحسن التطبيب.. تقدمت باستقالتى بعد أن تبين أن وصفات البنك الدولى وصندوق النقد هى وصفات للخراب الاقتصادى وأن من يدفع ثمنها هم الفقراء»، وإذا أردت أن تتعرف أكثر على رؤيته، فيمكنك البحث عن كتابه «الإحباط الكبير»، الذى تناول فيه بالنقد والتحليل خطط المؤسستين وما تفرضه على دول العالم الثالث.
●●●
الغريب أن كل الوزراء ونوابهم كمان، يتغنون بمحدود الدخل.. حتى سحر نصر التى يهمها إرضاء المستثمرين، لا تنسى أن تحشر محدود الدخل فى أى جملة ضمن تصريحاتها، بما فى ذلك تصريحاتها عن القروض التى تجلبها وتعلن عنها وهى مبتسمة دائمًا، والتى تتحمل الأجيال القادمة عبء سدادها، ولا ندرى متى تنعم الأجيال الحالية بخيراتها.
وعلى ذكر الديون، فها هو ذا واحد مسئول يعترف ويقول نصًا: «فوائد الديون كبيرة جدًا.. تستحوذ تقريبًا على نصف إيرادات الدولة، فقد دفعنا العام المالى المنتهى، نحو ٢٤٢ مليار جنيه فوائد، وفى العام الحالى سندفع ٣١٠ مليارات جنيه، وفى العام المقبل نتوقع أن ندفع أكثر من ٣٨٠ مليار جنيه فوائد للديون».
هل تعلم ماذا يعنى ذلك؟ يعنى أن المصريين يدفعون من «لحمهم الحى» أقساط القروض وفوائدها أيضًا.. وهى تزداد كل عام.. ولك أن تتصور قيمة تطورها فى ظل القروض التى تلقيناها فى السنوات الخيرة.. وتظل حكاية القروض والديون والأقساط والفوائد.. حكاية طويلة تحتاج تناولًا مستقلًا ومدعومًا بالبيانات والإحصاءات اللازمة لذلك.
وسلامًا على الصابرين..