تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
فارق شاسع بين ممارسة حق النقد ، ولو كان لاذعاً ، وبين توجيه الاتهامات الجزافية بغير أدلة أو أسانيد .. ففي الحالة الأولى أنت تمارس حقاً ديمقراطياً أصيلاً تكفله وتدافع عنه جميع القوانين والدساتير .. أما في الحالة الثانية فإننا إزاء جريمة مكتملة الأركان .
كان هذا هو ملخص الضجة التي حاول أحد نواب البرلمان افتعالها مؤخراً بشن هجوم غير مبرر ضد د. سحر نصر ، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي ، حيث تعمد النائب علاء عابد ، رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب ، التواصل مع بعض وسائل الإعلام لشن هجوم أقل ما يوصف به أنه مغرض ضد الوزيرة إثر قيامها بزيارة المنطقة الاستثمارية بالصف ، المتوقفة عن العمل ، واتهمها بالفشل، مدعياً أنها تعيد الدولة إلى ما قبل ثورة يناير وأساليب الحزب الوطني المنحل، وأنها اعتادت أن تصطحب بعض النواب إلى دوائرهم لتقديم خدمات لهم دون معظم النواب بما يخالف الدستور والقانون .
ونسي النائب ، أو تناسى ، أن الوزيرة قامت بزيارتها بعد تقديم بعض النواب طلبات إحاطة لبحث اسباب توقفها وأنها اتخذت خلال جولتها عدة قرارات من شأنها إعادة إحياء المنطقة مما يساهم في تذليل العقبات ودوران عجلة الاستثمار بتلك المنطقة وإتاحة فرص عمل جديدة للشباب .
والحقيقة التي تهمنا في هذا السياق أن النائب خرج عن إطار استخدام حق النقد لينتقل إلى حالة الادعاء الكاذب الذي يضع مرتكبه تحت طائلة القانون في استخدام سيء للسلطة التي تتيحها له الحصانة البرلمانية .. حيث استخدمها كسيف مسلط على رقاب المسئولين في الحكومة أو الجهاز الإداري للدولة دون أن يدري أن فعلته هذه ربما تؤثر سلبياً على سمعة الأداء الاقتصادي التي يعمل كل مخلص ووطني على رفعتها لتشجيع المستثمرين الجدد على ضخ أموالهم في مشروعات قومية تعود بالنفع على المصريين .
فبقراءة بسيطة لما احتواه بيان هذا "النائب الموقر" ، الذي وزعه على بعض وسائل الإعلام في مخالفة واضحة لكافة الأعراف النيابية ، نجد من بين قاموس بذاءاته : "ما هي إمكانيات سحر نصر حتى يتم إسناد 3 وزارات لها؟، بالرغم من إداراتها الفاشلة لوزارتي الاستثمار والتعاون الدولي" .. ولم يكلف نفسه عناء مراجعة أداء الوزيرة طوال الشهور السابقة والنجاحات العديدة التي شهد بها القريب والبعيد والتي يجمع المعارضون قبل المؤيدين على أنها حركت بقوة المياه الراكدة في قطاع الاستثمار بمصر .
ليس هذا فحسب .. بل يصل المشهد الهزلي منتهاه عندما يطلق "النائب الموقر" العنان لأوهامه وادعاءاته لدرجة التهديد بإقناع الأغلبية البرلمانية بسحب الثقة من "نصر"، ومحاسبتها على ما ارتكبته من جرائم سياسية ومالية في حق مصر وشعبها ونوابها، على حد زعمه ، وذلك في خروج "مفضوح" عن أدبيات وقواعد الأداء البرلماني الذي طالما عهدناه تحت القبة .. فهذه السابقة الأولى التي يسمح فيها "نائب" لنفسه بكيل هذه الاتهامات دون أي سند قانوني أو تقديم أي مستندات أو حتى "معلومات مضروبة" تبرر هجومه الذي لا تفسير له سوى أنه فيما يبدو "خلط لما هو خاص بما هو عام" .
المدهش في الأمر أن "عابد" هذا لم ينتق سوى وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي التي تشهد جميع تقارير مراقبة الأداء الحكومي لها بالكفاءة ، وهذا لن نقف أمامه كثيراً لأن ما يهمنا مصلحة مصر قبل أي فرد ، كما أن حالة "التصييح" و"الشو الإعلامي" التي مارسها هذا النائب لا تليق أبداً بحالة التدفق والنشاط التي تبذلها جميع الهيئات والوزارات المعنية بتحسين حالة الاقتصاد ونقله من مرحلة الخمول إلى التنمية المتكاملة .. ولعل هذا ما عبر عنه تجاهل البرلمان التام لمهاترات "العضو" الباحث عن الشهرة .