كلما هبت عواصف التصريحات الوزارية انخفض منسوب الأمل لدى عقلاء الأمة، فالتصريحات الحكومية الحالية تندرج فى غالبيتها تحت بند التصريحات الوردية الكاذبة، أتجول يوميًا بين جنبات الصحف المصرية لأجد سيلًا من التصريحات الحكومية يصل لدرجة «الإسهال»، وتأتى هذه التصريحات فى صورة وعود وكلام لبكرة، وكل تصريح من هذه التصريحات يقترن بأرقام مليارية، كل وزير يخرج علينا بفكرة مشروع يطلق عليه مشروعًا قوميًًا، ويبدأ فى عزف سيمفونية التصريحات كلما غدا أو راح، وزير من هؤلاء يضرب فى تصريحات دون توقف، الوزير لا ينتج إلا تصريحات ثم يبدأ فى إعادة صياغة تلك التصريحات مرة أخرى، ومن التصريحات الوردية إلى التصريحات الفوشيا تجد العجب، المشكلة أن هؤلاء المسئولين يتناسون أن هناك خبراء ومتخصصين يتابعون تصريحاتهم ويضعونها فى سياقها العلمى والعملى دون تضخيم، الرئيس السيسى وضع تعريفًا لماهية المشروع، حيث قال إن المشروع يجب أن تكون كل دراساته جاهزة ومصادر تمويله وجدول تنفيذه الزمنى، ثم يتم وضع حجر الأساس، هنا فقط يمكن أن نطلق على الفكرة الاستثمارية مشروعًا، جاء تعريف الرئيس على ضوء حزمة من التصريحات لأحد الوزراء الذى أصابته وعكة تصريحية جعلته فى حالة إسهال دائم، الرئيس يعلم أن عاصفة التصريحات «عمال على بطال» تفقد الدولة مصداقيتها أمام مواطنيها، والرئيس أعلن ووعد أن يقول الحقيقة -كل الحقيقة- أمام المصريين، لم يخبئ شيئًا على الإطلاق وعلى جميع الأصعدة، كانت فلسفة الرئيس هى ضرورة أن يكون الشعب على علم وبينة بما يحيطه من مشاكل وأزمات وتحديات، الرجل يحاول أن يحول تلك التحديات إلى فرص، وهذا لن يتأتى إلا عن طريق المشاركة المجتمعية الشاملة، لذلك أجد الرئيس هو الضمانة الحقيقية لإيقاف نزيف التصريحات الوهمية، الشعب لا يثق غالبًا فى تصريحات الحكومة التى تنقلها وسائل الإعلام، وكله عند المواطن «كلام جرايد»، المواطن يقرأ ويرى ويتابع ويضحك من داخله، لأنه يعلم أن الوزير من هؤلاء يضرب فى تصريحات لإرضاء المسئولين الأعلى، وفى نفس الوقت يظن أنه قد نال رضا المواطنين، وقطعًا فإن معظم وسائل الإعلام تتحرك بحسب خطة المسئول عن الإعلام والعلاقات العامة فى الوزارة أو الجهة الحكومية، الوزير يعلن أن مشروعًا عملاقًا تكلفته الإجمالية ١٠٠ مليار، وبعد أسبوع أو أقل يخرج تصريح آخر على لسان نفس الوزير بمشروع آخر تكلفته ٦٠ مليار جنيه، وإذا قمنا برصد وتجميع وتبويب تصريحات المسئولين، الوزراء منهم والمحافظون فى فترة زمنية تصل إلى عام مثلًا، ونخرج منها بالوعود المرتبطة بإطار زمنى مثل «ستنتهى أزمة كذا بعد ثلاثة أشهر، أو أعدكم بكذا خلال فترة شهر»، سنجد أن التصريحات والوعود تنطلق على لسان المسئول دون أن تمر على عقله، ومن ثم تخرج تصريحات بلهاء لا علاقة لها بالعلم أو المنطق، إنى أشعر فى أحيان كثيرة بالخجل عندما أقرأ تصريحات هؤلاء المسئولين، وأتساءل بينى وبين نفسى ألا يخجل هؤلاء الوزراء؟ ألا يشعر هؤلاء بأنهم يكذبون؟ رفقًا يا سادة بمصر وكفاكم «هزلًا» فى وقت لا يعرف إلا «الجدية».
آراء حرة
من يضبط إيقاع التصريحات الحكومية المستفزة؟!
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق