مشكلة المشاكل فى مصر والتى فشلت جميع الحكومات المتعاقبة فى إيجاد حل نهائى لها هى مشكلة القمامة رغم إنفاق ملايين الجنيهات من قبل على التعاقد مع بعض الشركات الأجنبية ومنها شركة إسبانية وأخرى فرنسية ولم تتمكن البرلمانات المتعاقبة أيضا من المساهمة بأية أفكار أو حلول لتلك المشكلة المزمنة.
ورغم قيام الحكومة بفرض رسوم إجبارية على فواتير الكهرباء وتحصيل ملايين الجنيهات من المواطنين تحت اسم رسم النظافة فإن المشكلة ظلت قائمة ومستمرة ووصلت تلال وأكوام القمامة فى بعض المناطق والأحياء بالعاصمة إلى ارتفاع الأهرامات دون أن يتحرك أحد من مسئولى الحكومة.
وأمام هذا الفشل الحكومى والصمت البرلمانى جاءت مبادرة فردية مجتمعية من النائبة نادية هنرى والنائبة الدكتورة شيرين فراج وطرح فكرة إقامة أكشاك للقمامة ودعوة المواطنين لبيع القمامة الخاصة بهم لتلك الأكشاك بدلا من إلقائها فى الشوارع من أجل تحويل القمامة إلى مصدر للدخل للمواطنين كمرحلة أولى لإقامة منظومة متكاملة لنظافة العاصمة المصرية القاهرة.
وقوبلت الفكرة بترحيب وتشجيع من جانب محافظ القاهرة الدكتور عاطف عبدالحميد خاصة أن المحافظة لن تتكلف أية مبالغ من الميزانية الخاصة بها وبدأت التجربة تجنى ثمارها على أرض مدينة نصر وحتى مصر الجديدة كنقطة بداية وسارع المواطنون ببيع القمامة لتلك الأكشاك وتقرر نقل التجربة إلى أحياء أخرى لولا الحرب الشنعاء التى تم شنها على هذه التجربة من مافيا القمامة.
وفجأة كشفت مافيا القمامة فى مصر عن وجهها الحقيقى وشنت هجوما عنيفا على تلك التجربة والسعى إلى التشهير بأصحاب التجربة نادية هنرى وشيرين فراج ومحاولة الإساءة إليهما والتشكيك فى النوايا الحقيقية وراء هذه التجربة وللأسف استخدام بعض الفضائيات فى هذه الحرب القذرة على التجربة الناجحة.
وكشفت تلك الحرب عن مفاجأة كبرى أن القمامة بمثابة كنز قارون لعدد من متعهدى جمع القمامة وخاصة نقيب الزبالين وأنها تحقق أموالا طائلة لهم بل إنهم يقومون بتصدير القمامة للخارج لتشغيل مصانع أجنبية وحرمان مصانع مصرية من استخدام القمامة وإعادة تدويرها فى تصنيع بعض المنتجات المنزلية.
فمافيا القمامة سعت بكل الطرق إلى تحطيم هذه التجربة الناجحة وحرمان المواطنين من الحصول على عائد مالى مقابل بيع تلك القمامة للأكشاك الجديدة وأن تحتكر تلك المافيا وحدها عملية جمع القمامة وجنى هذه الأموال الطائلة دون المساهمة فى تجميل ونظافة العاصمة وشراء معدات حديثة لذلك.
وتحولت كل من النائبة نادية هنرى والدكتورة شيرين فراج إلى متهمتين بدلا من تكريمهما ومنحهما الأوسمة على هذه التجربة الناجحة التى ستوفر آلاف فرص العمل للشباب وتقديم القمامة إلى بعض المصانع المصرية لإعادة التدوير بدلا من لجوء هذه المصانع إلى استيراد قمامة من الخارج لتشغيل ماكينات تلك المصانع.
ولم تخش نادية هنرى والدكتورة شيرين فراج من إرهاب مافيا القمامة والتلويح بإضراب الزبالين عن العمل خاصة أن الواقع يؤكد أن الزبالين فى حالة إضراب طوال العام لأن القمامة موجودة فى جميع الشوارع والميادين وبجوار المدارس والمستشفيات والمواطن الغلبان يدفع للحكومة شهريا رسم النظافة إجباريا على إيصال الكهرباء.
فالوقوف بجانب تلك التجربة ومساندتها ليس مسئولية الحكومة والوحدات المحلية فقط بل هى مسئولية مجتمعية وفريضة على كل مصرى ومصرية من أجل الحفاظ على نظافة القاهرة.