نصاب قطرى استولى على مليارات الدولارات من ضحاياه دون وجه حق ويضع الخرطوم فى أزمة اقتصادية
لم يكن يعلم رجل الأعمال السودانى «كابتن النور عبدالله زروق»، الذى فارق الحياة عام ٢٠١٥، أن نهايته فى عالم الأعمال ستكون مأساوية بما آلت اليه، ولم يكن فى حسبانه أنه سيصبح صيدا سهلا وفريسة للنصاب القطرى «محمد الرمزانى».
«كابتن النور» كان من كبار رجال الأعمال السودانيين، ومن المساهمين فى بنك فيصل الإسلامى بنسبة ٧.٩٢٪، وكان يعيش فى لندن وتركها فى التسعينيات وذهب لأبوظبى بالإمارات لإدارة شركته البحار الدافئة للمنتجات الزراعية (Warm Seas Agribbusiness).
ولأن شركته كانت متعددة الفروع فى عدة دول، وقام بتعيين وكيله «عبدالقادر العجبانى» لإدارة فرع السودان الكائن فى برج المنار فى شارع السيد عبدالرحمن بالخرطوم.
معاناة رجل الأعمال السودانى الذى راح ضحية النصاب القطرى أرسل العشرات من الاستغاثات للمسئولين القطريين لإنقاذه من «الزمرانى»، والتى حصلت «البوابة» على نص هذه الرسائل بتاريخ ١٧ أغسطس ٢٠١٢، والموجهة لوزارة الخارجية القطرية والتى تحمل معاناته حيال ما قام به النصاب القطرى معه، والذى استغل جنسيته وصلة قرابته مع كبار المسئولين فى قطر للنصب والاحتيال على أبناء السودان.
وقال الزروق فى رسالته، إن النصاب له ثلاث زوجات وابنة واحدة تسمى صفية، ويدعى أنه على صلات بمواقع اتخاذ القرار فى قطر، وأحد أشقائه، كما قال هو رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة قطر للغاز Qatar Gas العملاقة، وشقيقه الثانى رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للشركة القابضة القطرية وله صلة حميمة بسمو الأمير شيخ حمد أمير قطر.
وروى رجل الأعمال مأساته قائلا: عرض علينا المدعو محمد فهد راشد الرمزانى النعيمى، نفسه كمستثمر من دولة قطر، وأن لديه استثمارات ضخمة بدولة قطر والسودان، وطلب منا أن نبيع شركة البحار الدافئة المملوكة لنا بالكامل.
وبعد المفاوضات تم الاتفاق على الآتى: أن يكون سعر الشركة ٢١ مليون دولار أمريكى، ويتم السداد على أقساط لمدة ست سنوات مع فترة سماح لمدة ثلاثة أشهر، وذلك من حساب الرمزانى بدولة قطر إلى حسابنا بدولة الإمارات.
ويتم تسليم شيك ضمان بكامل السعر بتاريخ ست سنوات من التوقيع على العقد، مع الاحتفاظ بجميع الموظفين والعاملين بالشركة.
وقبل التوقيع بيومين ذهب الشيخ القطرى الرمزانى، إلى مكاتب الشركة وجمع جميع الموظفين، وأكد لهم أنه لا ينوى الاستغناء عن أى موظف، وأن جميع الموظفين والعاملين سيبقون فى أماكن عملهم إلا من رغب فى الاستقالة بنفسه فله ذلك، وقال لهم كلاما طيبا وجميلا طمأن به الموظفين على البقاء معه.
وتابع النور: تم التوقيع على عقد البيع فى ٢٠/١١/٢٠١١ واستلمنا منه شيك الضمان بقيمة ٢١ مليون دولار التى ادعى أنه يملكها بالكامل وبتاريخ ٢٠/١١/٢٠١٧ على أحد المصارف المحلية، والشيك صادر من حساب شركة ترانز اتيكو، ويحمل توقيع الشيخ الرمزانى القطرى، وقد ظهر بعد مخاطبة الجهات العدلية للبنك أن توقيع الشيخ الرمزانى القطرى، توقيع مزور كما أنه لا يحق له التوقيع.
وكان الشيك هو السبب الرئيسى الذى جعلنا نوافق على هذه الصفقة إلى جانب الأسباب الأخرى، مثل ادعاء هذا الرجل القطرى أنه يهدف من شراء هذه الشركة إلى خدمة الإسلام والمسلمين، وإعانة الشباب على العمل والزواج، حيث بلغ متوسط سن الزواج فى السودان «كما ادعى هذا الرجل الشيخ القطرى» خمسا وثلاثين عاما.
هذا بالاضافة إلى مظهره الإسلامى «الجلباب القطرى» واللحية الكثة وغرة الصلاة على جبينه ورفع صوته بالدعاء والتسبيح المستمر جعلنا نطمئن تماما لهذا الرجل الشيخ القطرى، وأنه أحد أولياء هذا الزمان ولا يمكن بل يستحيل أن يكون خائنا، غادرا، خبيثا ويضمر كل هذا الخبث والمكر فى نفسه.
بعد التوقيع على العقد بساعة واحدة ذهب الشيخ الرمزانى القطرى إلى مكتب الشركة وجمع الموظفين وطلب منهم جميعا الاستقالة فرفضوا.
فاتصل بوكيلى فى السودان وقال له أريدك أن تفصل جميع العاملين فقال له وكيلى إن هذا ليس اتفاقنا.. لقد قلت إنك سوف تبقى العاملين، فقال الرمزانى القطرى لا أريدهم.
فقال له وكيلى إن الشركة الآن أصبحت ملكك أنت ولا أملك صلاحية فصل أى موظف، فقال الرمزانى افصلهم بأثر رجعى. فاتصل بى وكيلى وأخبرنى بالأمر فقلت له إن هذا الرجل الشيخ القطرى «وكنت ما زلت مخدوعا فيه» يريد أن يخدم الأسلام والمسلمين وهذا هدفنا أيضا ولكن لكل شيخ طريقته الخاصة، فافعل له ما يريد فهو وشيخ قطرى كما ادعى، وقال إنه يقوم بعمل الاستخارة لكل أمر ويصلى الضحى كل يوم، وفعلا فصلنا له جميع العاملين وسلمناهم جميع حقوقهم وكانت جملة الحقوق تفوق المليون دولار.
قبل ثلاثة أيام من تاريخ سداد أول قسط أخطرنا الشيخ الرمزانى القطرى الجنسية، أن بنك الخرطوم قد وافق على أن يحول جميع الأقساط من حساب البنك إلى الحساب المتفق عليه بدولة الإمارات حسب نص العقد.
فذهبنا للبنك لمقابلة المدير للتأكد من ذلك، فأخبرنا السيد المدير أنه لم يوافق على ذلك ولم يعط أى وعود بذلك، بل إنه أعطى الرمزانى إنذارا قانونيا بألا يستعمل اسم بنك الخرطوم أبدا فى معاملاته أو أعماله.
وطلب من الرمزانى أن يقدم اعتذارا مكتوبا للسيد النور عبدالله زورق، ثم أرسل لنا البنك اعتذارا، أو توضيحا أنكر فيه ما ادعاه الرمزانى وافترائه على البنك.
حيث إنه لو وافق البنك على طلب الرمزانى لأدى ذلك لارتكاب البنك مخالفة واضحة لقوانين البنك المركزى ووزارة المالية، وربما سحبت رخصة البنك وأغلق.
بعد ذلك بدأت تساورنا الشكوك حول شخصية الشيخ الرمزانى القطرى، خاصة بعد فشله فى السداد، ونما إلى علمنا أن هناك شركات أخرى خدعها الشيخ الرمزانى القطرى، ولها دعاوى أمام القضاء، وأيضا هناك أفراد ونساء أرامل خدعهم هذا الرجل الشيخ القطرى، ومنهم من أودع السجن بسبب الرمزانى القطرى، وسوف نرسل فى خطاب منفصل تفاصيل قضاياهم.
ومن أقوى أسلحة الشيخ الرمزانى فى خداع السودانيين، أنه شيخ قطرى الجنسية، فهو يعلم تماما حب السودانيين للإخوة القطريين وثقتهم الشديدة بهم وعدد كبير من السودانيين يستفيد كثيرا من الأعمال الخيرية التى تقوم بها دولة قطر فى السودان وكذلك مبادرات السلام التى ترأسها دولة قطر، فلم يتوقع أى من ضحايا الرمزانى القطرى حتى نحن أنه يمكن أن يكون هناك شخص قطرى مخادع.
فأجرينا بعض التحريات حول الشيخ الرمزانى القطرى، فاتضح لنا أنه ليس مستثمرا كما ادعى، وأنه غير مسجل بالمفوضية العامة للاستثمار ولم يدخل أى مبالغ إلى السودان حتى يسجل كمستثمر وعلمنا أيضا أنه قام بخداع الشركة الإفريقية للنقل والتجارة وشركة بحر العرب.
ثم علمنا بعد ذلك أنه ليس للشيخ الرمزانى القطرى الحق فى التوقيع فى حساب البنك الذى أعطانا منه شيك الضمان مما يعنى أن شيك الضمان مزور.
وعلمنا أيضا أن الرمزانى القطرى قد تصرف بالبيع فى بعض عقارات الشركة. والذى زاد الطين بلة أننا اتصلنا بقطر فوجدنا أنه لا يملك أى شيء ولم يسدد فلسا واحدا من الأقساط.
حاولنا الاتصال بالسعودية وعرفنا من اللواء تركى أنه كان من نزلاء السجون السعودية، فسألناه عن المدعو الشيخ الرمزانى النعيمى القطرى، وأقر أنه قد تم نقله من سجن لآخر، وكان نزيل عدد من السجون بالسعودية وأخرجته دولته قطر لأنه على قرابة بكبار المسئولين.
وبعد مراجعة سلطات الاستثمار وبنك السودان، اتضح أن الشيخ القطرى المدعو الشيخ محمد بن فهد راشد الرمزانى لم يدخل أى رأسمال للبلاد بالعملة الصعبة تؤهله لإجراء أى معاملات بالعملة الأجنبية من داخل السودان.
واستمرارا لوسائله الاحتيالية خاطب النصاب القطرى بنك الاستثمار المالى فى خطاب يحمل عنوان المبنى المملوك لكابتن النور عبدالله زروق والعلامة التجارية المملوكة له وأرقام هواتفهم وعنوان البريد الإلكترونى الخاص بزروق، ورقم الحساب الذى استولى عليه الرمزانى من الشركة والذى فتحه النور عبدالله زروق لإجراء تحويلات مالية بالدولار لحسابهم بدولة الإمارات.
وكان هدف النصاب من ذلك الخطاب هو التحايل والغش والتزوير كى يتمكن من سداد ثمن شراء الشركة التى اشتراها من النور عبدالله زروق من أموال النور عبدالله زروق الموجودة بالبنك والتى ليست لها أى صلة من قريب أو بعيد بالشركة موضوع البيع والشراء.
تمتلك شركة البحار الدافئة عددا من محطات الخدمة البترولية فى أرجاء السودان المختلفة وقد تعهدت الشركة إلى وكلاء ينوبون عنها بإدارتها ثم جاء الشيخ القطرى الرمزانى واستولى على الشركة ومحطاتها بطريقته الخبيثة.