عندى للقارئ اليوم ثلاثة كتب تستحق أن يقرأها، فهى تجمع بين الفكر والمعلومات التاريخية والهذر فى موضع الجد.
أبدأ بالكتاب «تأملات فى السعادة والإيجابية»، من تأليف الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس وزرائها وحاكم دبى، فهو أهدانى مشكورًا نسخة من كتاب امتلأ بأفكار عن السعادة والإيجابية تستحق أن تُتَّبع.
رأى الشيخ محمد فى بداية كتابه أن: «السعداء ينتجون أكثر، ويعيشون أطول ويقودون التنمية الاقتصادية فى شكل أفضل». هو يقول: «نعم نحن نسعى لإسعاد الناس، وسيظل إسعاد الناس غاية وهدفًا وبرامج عمل حتى يترسخ واقعًا دائمًا مستمرًا».
الصفحات الأخيرة فى الكتاب تتحدث عن آثار تعيين حكومة الإمارات وزراء للسعادة والتسامح والمستقبل، ووزيرة الشباب منهم عمرها ٢٢ سنة. أقول إن الحاضر يبنى المستقبل، وقد عرفت إمارات «الساحل المتصالح» على مدى عقود، قبل الاستقلال وعندما قامت دولة الإمارات وحتى اليوم. أنا شاهد على البناء والإنجاز غير المسبوق، وكم مرة قال لى الشيخ محمد ونحن نزور مشروع «النخلة» أو غيره مشيرًا إلى شباب الإمارات وشاباتها حولنا: «نحن نبنى البشر وليس الحجر». بين البداية والنهاية يتحدث المؤلف عن «صناعة الحظ» ويقول: «الإنسان الإيجابى لا ينتظر الحظ بل يصنعه.. لا ينتظر ابتسامة الحظ له بل يبتسم هو للحياة ويسعى منطلقًا خلف أحلامه وطموحاته». الشيخ محمد يحذر فى مقالة تالية ويقول: «لدينا ٢٠٠ مليون شاب عربى هم بين خيارَيْن، أن يفقدوا الأمل بمستقبل أفضل وحياة أفضل ليصبحوا فريسة للفكر المتطرف ووقودًا للصراعات المذهبية الطائفية العرقية فى منطقتنا، أو أن يكون لهم أمل حقيقى فى المستقبل، وثقة كبيرة فى حياة أفضل».
أنتقل إلى معرض الكتاب فى لندن، فأنا أحضره كل سنة، ولم أجد هذه السنة غير جناح هيئة الشارقة للكتاب لتمثيل العرب، فقد غابوا عن الثقافة والعلم والكتب وكأنها مرض معدٍ. عرفت الشيخ سلطان بن محمد القاسمى، حاكم الشارقة على مدى سنوات، ووجدته يومًا حاكمًا ويومًا أستاذًا جامعيًا، فهو يحمل دكتوراه من جامعتى إكستر ودَرَام فى بريطانيا، وله كتب فى تاريخ الخليج والاستعمار من برتغالى وبريطانى تُعتبر مراجع فى مواضيعها، وقد عرضت بعضًا منها فى هذه الزاوية.
آخر كتب الشيخ سلطان هو «سيرة مدينة» الذى يحكى تاريخ مدينة الشارقة، ويعطف على رأس الخيمة ويسجل ما مر بهما من صراعات سياسية، وكيف نهضت الشارقة لتصبح عاصمة عربية للثقافة والاقتصاد.
قرأت للشيخ سلطان كتبًا مثل «حديث الذاكرة» و«تحت راية الاحتلال» و«صراع القوى والتجارة فى الخليج» وغيرها كثير. «سيرة مدينة» يبدأ بمقدمة تاريخية عن الصراع على السلطة بين الحكام، ثم مقاومة الاستعمار البريطانى والانتقال إلى الاستقلال وبناء مدينة عصرية مع مدارس وجامعات ومستشفيات وكل ما يحتاج إليه الإنسان.
هناك كتاب آخر يستحق القراءة هو «كيف بحق الجحيم حدث هذا؟» من تأليف الكاتب الساخر «بى جى أورورك»، فهو يتحدث عن انتخابات الرئاسة الأمريكية التى انتهت بفوز دونالد ترامب.
الكتاب قد يضم أخطاء إلا أنه خفيف الدم، مع أن المؤلف يقترب عمرًا من عامه السبعين، وربما كانت قدرته فى تراجع. مع ذلك أتفق معه وهو يؤيد السيناتور الجمهورى راند بول ابن النائب الليبرالى رون بول الذى رشح نفسه يومًا للرئاسة. كم كنت أتمنى لو أن الأب أو ابنه أصبح رئيسًا، فكل منهما إنسانى منصف، ما لم يمكن أن يُعتبر صفة دونالد ترامب، وأمثاله من طلاب الشهرة على حساب حق المواطن فى حياة أفضل.
نقلًا عن «الحياة اللندنية»