طلبت عليان من إدارة السجن أن يحضروا لها ابنتها، وذلك وفقًا للقانون الإسرائيلي، لكن قُوبل طلبها بالرفض والتعنت مما اضطرها لاستخدام السلاح الأشرس فى وجوههم، وهو الإضراب عن الطعام وبعد 16 يومًا وافقت إدارة السجون مرغمة على الموافقة على طلبها، الأمر كان صعبًا فبعد الموافقة باتت عليان حائرة بين فرحة لقاء ابنتها وبين حزنها على ما ستعيش فيه عائشة من إهمال وعذاب داخل الزنزانة.
تتذكر عليان أحد المواقف الأكثر إيلامًا وتقول: "فى إحدى الزيارات قبل أن أضم عاشه إلى رفقتي بالسجن، كانت تأتي لي مع أهالي الأسرى، وهذه المرة رفضت إدارة السجن أن يكون اللقاء بيني وبينها مفتوحًا وأرغمونا على أن نتحدث عبر الهاتف من بين الزجاج وبقيت عائشة وراء الزجاج وحدها، خاصة أن أهالي الأسيرة الذين رافقتهم كانوا قد ذهبوا لزيارة ابنتهم وكانت تبكي باستمرار وتدقّ على الزجاج وتنادي عليّ: ماما.. ماما". وهو ما جعل عليان تعيش فى حالة انهيار نفسي لم تمر بمثلها منذ سنوات.
بقيت عائشة مع والدتها إلى أن أتمّت عامها الثاني ليعيشا معًا لحظات الفراق من جديد، خرجت عائشة هذه المرة بالقانون، وتم الفصل بينها وبين والدتها، وبعد عامين من تاريخ اعتقال والدتها تم اعتقال والدها لتعيش بمفردها مع جدِّها فى انتظار الإفراج عن أحدهما.
كانت عائشة تتردد على زيارة أمها بالسجن كلما سمحت لها الفرصة، لكنها كانت على يقين أن أمها لن تتحرر، وكانت تقول لها: "أنت لن تخرجي من السجن"، تلك الكلمات كانت تقع على سمع والدتها وقلبها كالصاعقة، فقلبها ما زال يبكي شوقًا لطفلتها، فالعذاب هنا أصبح مزدوجًا فزوجها فى الأسر، وابنتها بعيدة عنها.
بعد صولات وجولات مع المحكمة استطاعت عليان أن تنتصر ويُفرَج عنها.
وعن لقائهما أول ليلة بعد الإفراج تقول عليان: "لم تكن عائشة مصدقة أنها ستراني معها مرة أخرى، كانت فى حالة اندهاش كبيرة ولم تتركني لحظة، وبدأت تسألني عن والدها ولماذا خرجتُ أنا وهو ما زال هناك.
وتكمل " عائشة عندما كنت اريد ان اذهب الى اي مكان كانت تجهش بالبكاء وتصر على الا اخرج من البيت خوفا من ان يعتقلوني مرة أخري .
ومنذ فتره اعيد إعتقال والد عائشة مرة أخرى وعن هذا الموقف تحكى عليان " قبل شهرين عندما اعتقلو والدها بكت فصرخت بها لماذا تبكي فقالت انا لا ابكي خوفا ولكن اول مرة يعتقلوا والدي وانا كبيرة "
فرغم اننا لم نعتقل منذ 2009 الا انها كانت تعيش الم الفراق باستمرار وهذا ما يسببه الاعتقال حتى على المدى البعيد في نفوس اطفالنا
وتؤكد عليان أن الأشهر التى قضتها عائشة فى السجن ما زالت تنطبع فى ذهنها حتى اليوم، لدرجة أنها ما زالت تتذكر ملابسها التي كانت ترتديها في السجن، وحتى طعامهما تتذكره جيدًا.
وعن أبرز المواقفة التى واجهتهما تقول عليان: "ذات مرة وجدت عائشة تقول لصديقتي إذا سجنت ماما مرة أخرى فهل ستبقين معي، فهى ما زالت مقتنعة بأني لن أبقى معها طويلًا، فأسرِي بات لديها شيئًا حتمًا سيتكرر، وذلك بسبب فراقي عنها أنا ووالدها فى سن صغيرة، الآن تعيش عائشة مع أمها، ينتظران الإفراج عن والدها الذى ما زالت تنتظر رؤيته بشغف.
للعودة لباقى الملف من هنا