السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

"محل الميلاد: زنزانة".. عطاف عليان انتصرت على سجّانيها واستطاعت ضم ابنتها إليها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ها أنا اليوم قد خُطفت من بينكم ووُضعت في نار الاعتقال الإداري، هذا الإجرام المنظّم الذي يمارَس ضدَّنا دون وجه قانوني، وكان لا بد من وقفة شجاعة وجبّارة لوضع حد لهذه المهاترة، إن نداء الجوع لن يزيدني إلا قوة وإصرارًا على مواصلة الخطوة التي بدأت، لن أركع للجلّادين ولن أقبل سياسات العنف من قِبل إدارة السجن، سوف أبقى شوكة في حلوقهم"، تلك كانت رسالة الأسيرة المحرَّرة عطاف عليان إلى الشارع الفلسطيني حين تم اعتقالها إداريَّا من قبل.
بتلك الصلابة وقفت عليان فى وجه السجّان الذى رضخ لإرادتها وتم الإفراج عنها، بات بينها وبين الاحتلال ثأرٌ لم ينسه الأخير ليعيد اعتقالها مجدًدا عام 2005 وهو الإعتقال الأخير لها حيث لكن هذه المرة اعتقلها وهي أم، تروي عطاف عليان تحربتها مع ابنتها عاشه، للبوابة نيوز، فى عيد الأم ضمن ملفنا "محل الميلاد: زنزانة". 
اعتقالات وملاحقات أمنية مستمرة من قِبل الاحتلال للأسيرة عطاف عليان، فما إن تخرج من اعتقال إلا وتدخل الثاني على وجه السرعة، بات اسمها يؤرِّق إسرائيل فهى أول النساء اللاتي خططن لتنفيذ عملية استشهادية بدخولها إلى مقر رئاسة وزراء الإحتلال بسيارة مفخخة وتفجيرها وفى عام 2005 تم اعتقالها دون أي رأفة، رغم أن طفلتها كان لا تزال رضيعة لم تُكمل عامها الأول وبدأت ترضع عذابات الأمومة، لم يكن هذه هي المرة الأولى ولكن سبقة الاعتقال الاول كان ما بين عامين  1987-1997 والثاني اداري في نفس العام الذي تحررت فيه 1997 والثالث 2002-2003
وأخيرا الرابع2005-2008 .
 
تصف عليان هذه الفترة من الاعتقال بأنها الأصعب بين الاعتقالات السابقة، فهي وعلى حسب قولها كانت هذه المرة معتقلة مرتين: مرة فى سجون الاحتلال، والأخرى فى عذابات أمومتها وطفلتها الغائبة، وتقول عليان: "فى السابق حين تم اعتقالى كنت أعيش مع أمهات فى السجن، كنت أتعاطف معهن ولكن لا أستطيع أن أدرك مدى الشعور الذى كان بداخلهن فأنا وقتها لم أكن أمًّا ولم أخض التجربة، ورافقت خلال اعتقالي الأسيرة المحرَّرة ابتسام العيساوي، وهي أم لخمسة أطفال، فكانت أحلى اللحظات لديها عندما كانت تتحدث عن أبنائها، وكذلك قاهرة السعدي كانت تقضي نهارها بشكل طبيعي ولكن في الليل كنت أراها تتحدث مع صور أبنائها وتبكي".

طلبت عليان من إدارة السجن أن يحضروا لها ابنتها، وذلك وفقًا للقانون الإسرائيلي، لكن قُوبل طلبها بالرفض والتعنت مما اضطرها لاستخدام السلاح الأشرس فى وجوههم، وهو الإضراب عن الطعام وبعد 16 يومًا وافقت إدارة السجون مرغمة على الموافقة على طلبها، الأمر كان صعبًا فبعد الموافقة باتت عليان حائرة بين فرحة لقاء ابنتها وبين حزنها على ما ستعيش فيه عائشة من إهمال وعذاب داخل الزنزانة. 

تتذكر عليان أحد المواقف الأكثر إيلامًا وتقول: "فى إحدى الزيارات قبل أن أضم عاشه إلى رفقتي بالسجن، كانت تأتي لي مع أهالي الأسرى، وهذه المرة رفضت إدارة السجن أن يكون اللقاء بيني وبينها مفتوحًا وأرغمونا على أن نتحدث عبر الهاتف من بين الزجاج وبقيت عائشة وراء الزجاج وحدها، خاصة أن أهالي الأسيرة الذين رافقتهم كانوا قد ذهبوا لزيارة ابنتهم وكانت تبكي باستمرار وتدقّ على الزجاج وتنادي عليّ: ماما.. ماما". وهو ما جعل عليان تعيش فى حالة انهيار نفسي لم تمر بمثلها منذ سنوات.

بقيت عائشة مع والدتها إلى أن أتمّت عامها الثاني ليعيشا معًا لحظات الفراق من جديد، خرجت عائشة هذه المرة بالقانون، وتم الفصل بينها وبين والدتها، وبعد عامين من تاريخ اعتقال والدتها تم اعتقال والدها لتعيش بمفردها مع جدِّها فى انتظار الإفراج عن أحدهما.

كانت عائشة تتردد على زيارة أمها بالسجن كلما سمحت لها الفرصة، لكنها كانت على يقين أن أمها لن تتحرر، وكانت تقول لها: "أنت لن تخرجي من السجن"، تلك الكلمات كانت تقع على سمع والدتها وقلبها كالصاعقة، فقلبها ما زال يبكي شوقًا لطفلتها، فالعذاب هنا أصبح مزدوجًا فزوجها فى الأسر، وابنتها بعيدة عنها. 

بعد صولات وجولات مع المحكمة استطاعت عليان أن تنتصر ويُفرَج عنها.

وعن لقائهما أول ليلة بعد الإفراج تقول عليان: "لم تكن عائشة مصدقة أنها ستراني معها مرة أخرى، كانت فى حالة اندهاش كبيرة ولم تتركني لحظة، وبدأت تسألني عن والدها ولماذا خرجتُ أنا وهو ما زال هناك.

وتكمل " عائشة عندما كنت اريد ان اذهب الى اي مكان كانت تجهش بالبكاء وتصر على الا اخرج من البيت خوفا من ان يعتقلوني مرة أخري .

ومنذ فتره اعيد إعتقال والد عائشة مرة أخرى وعن هذا الموقف تحكى عليان " قبل شهرين عندما اعتقلو والدها بكت فصرخت بها لماذا تبكي فقالت انا لا ابكي خوفا ولكن اول مرة يعتقلوا والدي وانا كبيرة "

فرغم اننا لم نعتقل منذ 2009 الا انها كانت تعيش الم الفراق باستمرار وهذا ما يسببه الاعتقال حتى على المدى البعيد في نفوس اطفالنا

وتؤكد عليان أن الأشهر التى قضتها عائشة فى السجن ما زالت تنطبع فى ذهنها حتى اليوم، لدرجة أنها ما زالت تتذكر ملابسها التي كانت ترتديها في السجن، وحتى طعامهما تتذكره جيدًا.

وعن أبرز المواقفة التى واجهتهما تقول عليان: "ذات مرة وجدت عائشة تقول لصديقتي إذا سجنت ماما مرة أخرى فهل ستبقين معي، فهى ما زالت مقتنعة بأني لن أبقى معها طويلًا، فأسرِي بات لديها شيئًا حتمًا سيتكرر، وذلك بسبب فراقي عنها أنا ووالدها فى سن صغيرة، الآن تعيش عائشة مع أمها، ينتظران الإفراج عن والدها الذى ما زالت تنتظر رؤيته بشغف.


للعودة لباقى الملف من هنا