نحتفل اليوم بعيد أعظم إنسانة فى الوجود هى أمى وهو عيد الأم الذى يرجع الفضل إلى تثبيت الاحتفال به فى هذا اليوم ٢١ مارس من كل عام إلى الكاتب الصحفى والمفكر الراحل الأستاذ مصطفى أمين مؤسس جريدة أخبار اليوم.. فقل ما شئت من أقوال ومدائح وأشعار فلن تفى بحقها، فمهما يفعل الأب فإنه لا يستطيع أن يجعل ابنه رجلا، إذ يجب على الأم أن تأخذ نصيبها من ذلك.. إذا حدثتنى عن الحب والحنان، أشرت لقلب أمى، واذا حدثتنى عن التضحية فسأقول لك أمى التى تعطى بلا مقابل فى حين أن الزوجة تأخذ ولا تعطى إلا قليلا..! وإذا أخبرتنى عن الأمان والسعادة قلت حضن أمى الذى تشعر معها بالاطمئنان من مخاطر الحياة وهمومها وشرورها التى لا تنتهى، فالأم نعمة أنعمها الله علينا، وهى بسمة الأيام والسنين ندعو الله أن يرزقنا حسن صحابتها وأن نكون تحت أقدامها بارين بها حريصين على رضاها، فمنها نستمد قوّتنا وإصرارنا، وهذا الكلام لا يختلف عليه أحد.. فالأم تلعب دورًا هامًا وحقيقيًا فى حياتنا، فما نحن عليه الآن وما سنكون عليه فى المستقبل يعود الفضل الكبيرٍ إلي الأب والأم وخاصةً الأم التى تلعب أحيانا دور الأب والأم معا ربما بسبب سفر الأب إلى الخارج أو بسبب غياب الأب فى العمل لفترات طويلة أو لوفاة الأب مبكرا، فالأم هى أهم إنسانٍ ساعدنا فى حياتنا، وهى التى قدمت لنا ما قدمت حرصًا منها على سعادتنا.
والأم هى وسيلة الاتصال الأولى فى العالم الخارجى للإنسان منذ نعومة أظافره وهى من علّمتنا كل شيء مهم لنا فى حياتنا، بدايةً من كيف نأكل بشكلٍ صحيّ، وكيف نلبس ملابسنا، ونربط أحذيتنا بشكلٍ صحيح، وحتى تلك الأمور مثل كيف نتصرف فى المواقف المختلفة، وكيف نعامل الكبار بأدب واحترام، وليس هذا إلا جزءًا قليلًا من الكم الهائل الذى يجب أن نذكره من عطاء أمنا وجزيلها علينا.
فالأم هى الأذن الكبيرة لرغباتنا، والبئر العميقة لأسرارنا، فهى دائمًا من تستمع لنا مهما كانت مرهقة فى عملها، ومهما كان يومها سيئًا، فبإمكاننا أن نتكلم مع أمنا فى كل شيء نريد أن نتحدث به، حتى تلك الأمور التى نخجل من سردها لأحد آخر غيرها، فمهما كانت طلباتنا مستمرة ومواضيعنا مملة فإن أمنا ليست هى من ترفضنا إذا أردنا الحديث عن طلباتنا.
وعندما تحدث الأشياء السيئة لنا فى الحياة فإن أمنا هى من تعالجها عندما يصعب علينا الأمر، فهى تحرص على راحتنا، وتهدّئنا فى المواقف الصعبة والمؤلمة، فمهما كان الأمر يبدو سيئًا فإن هناك شخصًا ما يقف وراءنا، وهى أمّنا. وأجمل شيء فى الأم هو حبها غير المنتهى لنا، فأمنا من شدة حبها لنا ولحياتنا تختار لنا أفضل شيء عندما نقف حائرين إزاء أى شيء نختاره لحياتنا، لأنها تريد لنا الأفضل دائمًا.
وعندما نسيء إلى أمنا ونفعل ما يغضبها فإنها تسامحنا ولا تغضب علينا أو تكرهنا أبدًا، وحتى لو أبدت لنا شيئًا من عدم الرضا بسبب بعض تصرفاتنا الطائشة، إلا أنها فى النهاية تقبل اعتذارنا وتستمر فى حبنا ورعايتنا.
الكثير منا لا يزالون يعيشون فى كنف أمهاتهم، ولكن بعضنا قد فقد أمه حقًا، ومن الناس من يشعر بالذنب بسبب عدم قوله لأمه شكرًا على أقل ما قدمته من أجله قبل وفاتها، لذا فإن أفضل ما نفعله هو أن نستغلّ حياتنا مع أمهاتنا لنوفر لهن السعادة كما يسعين دائمًا لتوفيرها لنا وأن ننجح فى نيل رضاها وحبها لنا ودعائها لنا.. فالله عز وجل يقول للعبد بعد وفاة الأم «اعمل صالحا من أجل أن أرزقك فقد ماتت التى كنت أرزقك من أجلها «.. وقد تضطر الأم لمعاقبة ولدها، ولكن سرعان ما تأخذه بين أحضانها وسرعان ما ينسى الولد العقاب بعدها، فليس فى الدنيا من البهجة والسرور مقدار ما تحس الأم بنجاح ولدها فى الامتحانات وتبكى بشدة عند إخفاقه أكثر من الأب!
والأم هى كل شيء فى هذه الحياة هى التعزية فى الحزن، الرجاء فى اليأس والقوة فى الضعف.. ولقد صدق القائل فى قوله هذا، وحتى مهما قيل عنها فلن نوفيها حقها أبدا، فالأم ليست مدرسة فقط كما قال الشاعر العظيم حافظ إبراهيم بل هى العالم بأجمعه، فهى وراء كل تقدم، ووراء كل بطولة، وحينما يأتى موعد وفاتها تتحول الدنيا كلها إلى سوداء عظيم بسبب فراقها فى أعز الحبايب وفراقها هو فراق للدنيا بحلاوتها وليس لها أى طعم كما هى فى الحقيقة تماما.. فالجنة تحت أقدام الأمهات وهذا يكفى لمعرفة قدر وشأن الأم، فالرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- أوصى عليها، حيث جاءه رجل يسأله فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من ؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
فقد كرر كلمة أمك ثلاث مرات للتأكيد على عظمتها... وأمى ضحت من أجلنا كثيرا منذ أن توفى والدى فى سن مبكر من عمره ٢٧ سنة نتيجة حادث بسيارته وكانت أكبر شقيقاتى عمرها آنذّاك ٦ سنوات ورغم ذلك تحملت بقوة واشتغلت فى المنزل بواسطة ماكينة بسيطة للخياط وأبت أن تتزوج من آخر بالرغم من صغر سنها وقتها وتحملت ما لم يتحمله بشر فى تربية أربعة أولاد بنت وثلاثة أولاد حتى صرنا رجالا كل واحد منا فى بيته وشقيقتى الكبرى فى بيتها وأصبح لكل منا أسرته بفضلها وبفضل الله عز وجل الذى وقف معها ومعنا.. فقبلة على يدك يا أمى وعلى رأسك وقدميك فى عيد ميلادك فأنت الجنة والجنة تحت أقدامك وسأظل تحت أقدامك ما دمت حيا.. وربى يجعلك عنى راضية ويطيل لنا فى عمرك ولا يحرمنى رضاكى ودعاءك.فقد نهانا عز وجل عن كلمة «أف» تقال لك أنت وأبى « وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا* إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» «صدق الله العظيم». الأم هى قسيمة الحياة وموطن الشكوى وعماد الأمر، وعتاد البيت ومهبط النجاة، وهى آية الله. لو كان العالم فى كفّة وأمى فى الكفة الأخرى لاخترت أمى. كل عام وأنت بخير يا أمى أطال الله فى عمرك ولا يحرمنى من رضاكى ودعاءك كل عام وكل الأمهات بخير.