تنطلق ٢٩ مارس الجارى بالأردن القمة العربية، فى دورتها الـ٢٨، والعلاقات العربية-العربية ليست فى أحسن حالاتها، خصوصًا فيما يتصل بالعلاقات بين بعض الدول المحورية «مصر والسعودية»، ولم تجرِ إلى الآن محاولات كافية لتنقية الأجواء على الطريقة العربية المعهودة، ولتصفية النفوس وتليين المواقف. صحيح.. لم تحقق معظم القمم العربية، خصوصًا بعد التغيرات التى حدثت فى العالم العربى خلال السنوات العشر الماضية، آمال وطموحات الشعوب العربية، بقدر ما زادت من الاحتقانات السياسية، ومحاولات إثبات الذات لدى بعض الجهات، علاوة على أن جامعة الدول العربية «المريضة بالشلل والعجز التام»، لم تفد محاولات حقنها بـ«فيتامين البقاء»، وهنا لا نريد تسجيل موقف ضد الجامعة التى يجب تعديل ميثاقها وتفعيل قراراتها حتى لو كانت مجرد شجب وإدانة!
ولكن يجب أن يتيقن القادة العرب الذين ستجمعهم طاولة واحدة على ضفاف البحر الميت بالأردن ٢٩ مارس، أن معارك الربيع العربى لم تكن يومًا معركة مع مجموعات إرهابية عابرة للقارات، بقدر ما كانت ولا تزال معركة مع نظام عالمى جديد يرسم للمنطقة، وينسج خيوط مؤامرته ليعلن عن قيامه بقيادة قوى الإمبريالية العالمية، وأن من بينهم من يمول ويدعم ويشارك فى تنفيذ هذه المؤامرة الخبيثة التى قسمت السودان من قبل، وقسمت ليبيا إلى ميليشيات وحركات وحكومات متناحرة، والعراق إلى ما يشبه «العزب»، وسوريا تحت «التشريح»!
ويكفى الإشارة إلى ما كشفت تقارير رسمية أن عدد الدول التى تصدر المرتزقة إلى سوريا تجاوز ٩٢ دولة، وأن هناك غرف عمليات منظمة ضمن بعض المناطق المحاذية لسورية، لتدريب وتسليح هؤلاء المرتزقة، ثم توريدهم وتسهيل عبورهم من أغلب المنافذ الحدودية، وخصوصًا الحدود التركية.
وبلغت حصيلة القتلى أكثر من ٢٦٠ ألف سورى، ونزح أكثر من نصف الشعب للخارج، فى أضخم مأساة إنسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.. والعرب يمصمصون شفاههم على وطن صار فيه الموت مثل قبلة صباحية نستفتح بها يومنا، ومأتمًا ينعى كل يوم أولاده ويجهز أكفانهم، وجنازات محشوة بكل الأسماء التى تنتظر دورها على القائمة المرتقبة. وفى سياق متصل، فقد أظهرت القمة العالمية للحكومات التى رعاها حاكم دبى، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وضمت جلساتها على مدى ٣ أيام ١٥٠ متحدثًا فى ١١٤ جلسة، حضرتها أكثر من ٤ آلاف شخصية إقليمية وعالمية من ١٣٨ دولة، وبعض التقارير والإحصاءات الرسمية الصادرة عن جهات معنية، أرقامًا خطيرة تعكس حجم المأساة التى يعيشها العرب على أراضيهم وبفعل سياسات قادتهم، والتى يجب أن تكون هذه الأرقام حاضرة على طاولة القمة العربية المرتقبة:
١ ــ ٥٧ مليون عربى لا يعرفون القراءة والكتابة.
٢ ــ ١٣.٥ مليون طفل عربى لم يلتحقوا بالمدرسة هذا العام.
٣ ــ ٣٠ مليون عربى يعيشون تحت خط الفقر.
٤ ــ ٨ ٪ زيادة فى معدلات الفقر آخر عامين.
٥ ــ تريليون دولار كلفة الفساد فى المنطقة العربية.
٦ ــ خمس دول عربية فى قائمة الدول العشر الأكثر فسادًا فى العالم.
٧ ــ رغم أن العالم العربى يمثل ٥٪ من سكان العالم، فإنه يعانى ٤٥٪ من الهجمات الإرهابية عالميًا.
٨ ــ ٧٥ ٪ من لاجئين العالم عرب!
٩ ــ ٦٨ ٪ من وفيات الحروب عالميًا عرب!
١٠ ــ ٢٠ ألف كتاب فقط ينتجها العالم العربى سنويًا، أى أقل من دولة مثل رومانيا.
١١ ــ ٤١٠ ملايين عربى لديهم ٢.٩٠٠ براءة اختراع فقط، بينما ٥٠ مليون كورى لديهم ٢٠.٢٠١ براءة اختراع.
١٢ ــ من عام ٢٠١١ حتى ٢٠١٧ تم تشريد ١٤ مليون عربى.
١٢ ــ من عام ٢٠١١ حتى ٢٠١٧ خسائر بشرية تصل إلى ١.٤ مليون قتيل وجريح عربى.
١٣ ــ من عام ٢٠١١ حتى ٢٠١٧ تم تدمير بنية تحتية بقيمة ٤٦٠ مليار دولار.
١٤ ــ من عام ٢٠١١ حتى العام الحالى خسائر فى الناتج المحلى العربى بقيمة ٣٠٠ مليار دولار.
كل هذه المصائب وما زال بعضنا يسأل هل أنت سنّى أم شيعى؟ مسيحى أو مسلم.. وهابى أو سلفى أو إخوانى أو علمانى.. أردنى أو فلسطينى.. مصرى أو سودانى... عربى أو أمازيغى.. أو كردى أو تركمانى... أهلاوى أو زملكاوى.. وحدات أو فيصلى... آه
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!