السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فضفضة.. في صحة الشعب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى لحظات معينة، يشعر الإنسان بفقدان أية رغبة للكتابة، لكن التمسك بزرع الأمل ونشر التفاؤل، يدفع إلى السعى نحو الانتصار على ذلك الإحساس المقبض، وهزيمته بالضربة القاضية، رغم وهن الجسد وقلة الحيلة.
الناس لا تكتب أفكارها ولا ترهق نفسها لمجرد الفضفضة، لكن الكاتب يستهدف مما يكتبه أن يسهم على قدر ما يستطيع فى تقديم رؤية قد تساعد فى إصلاح ما أفسده الزمن على يد بعض حكامنا طوال ما يقرب من ٤٦ عامًا.
ما معنى أن يخرج علينا وزير الصحة، ليتهم عبد الناصر بما ليس فيه، ويقول إن قرار مجانية التعليم والعلاج هو الذى أدى إلى تدهور منظومة الصحة فى بلادنا، ثم يتراجع وينفى فى بيان رسمى أقواله التى أدلى بها أمام لجنة برلمانية؟.
تعالوا نتفق على أن تراجع الوزير نقطة إيجابية، وإن كنا نتوقع منه أن يعتذر لأنه بالفعل قال ذلك الكلام، وإلا.. تعالوا نحاكم شباب الصحفيين الذين تابعوا جلسة لجنة الصحة فى البرلمان.. تعالوا نحيل كل رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية التى نشرت وقائع الجلسة بما فيها كلمة الوزير.. ولأن حبال القضاء طويلة والمحاكمات قد تستغرق شهورًا وسنين، تعالوا نضع هؤلاء الشباب فى «أوضة الفيران» ونقطع عنهم «الميه والنور» إلى أن يقضى الله أمرًا كان مفعولًا.
●●●
على فكرة.. الناس دى عايزة قطع رقبتها.. عفوًا لا أقصد الوزير بالطبع، لكنى أعنى الصحفيين الذين حرصوا على نقل الحقيقة للشعب فى إطار عملهم المهنى وبعيدًا عن أى خزعبلات سياسية.. ماذا نقول لمحمود حسين الذى تابع الجلسة، ونعمل إيه فى الصور التى التقطها حازم عبدالصمد للاجتماع، ونقول إيه لـ«اليوم السابع» التى نشرت بالصوت والصورة، وذكرت بالنص: (قال الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة، «منظومة الصحة متهاوية بسبب القرار الذى أصدره الرئيس جمال عبدالناصر بأن التعليم كالماء والهواء، والصحة مجانية لكل فرد، فراح التعليم وراحت الصحة، فلا توجد دولة فى العالم قادرة على تحمل أعباء الصحة كما تحملتها مصر»)، وإيه العمل يا سادة مع محمد طارق، الذى نشرت له «الوطن» تغطيته للاجتماع تحت عنوان مشابه؟ وما ذنب هدى بدرى، التى نشر موقع «دوت مصر» متابعتها للاجتماع، والقائمة تطول وما عليك إلا أن تبحث على «جوجل»، لتجد أمامك تفاصيل التفاصيل لذلك الاجتماع، ومع احترامنا لتراجع الوزير، فلا يمكن أن نبخس كل هؤلاء الشباب حقهم لأنهم لم يكذبوا ولم يخترعوا من عندهم كلامًا ألصقوه بالدكتور أحمد عماد الدين راضى، فليس بينهم وبينه «تار بايت» لا سمح الله.
●●●
كلام الوزير يستحق أن نتناوله سريعًا وفى حدود المساحة المتاحة، مع التأكيد على أن «ناصر» رحل ومنظومة الصحة وكذلك التعليم كانتا بالمجانية، وفى أحسن حالاتها، وانتشر أبناء مصر من البنين والبنات عقب التخرج، يبنون الوطن ويرفعون من شأنه بفضل المجانية، إن كل قيادات مصر فى كل المجالات ونابغيها وعظماءها جاءوا من قلب «المجانية»، التى كانت فى إطار منظومة متكاملة، تنحاز للغالبية ولا تعرف «تدليع» تلك الأقلية التى انحطت «على الحجر» بعد رحيله. 
هو عبدالناصر مات إمتى يا دكتور؟ كل الدنيا تعلم أن عبدالناصر رحل عن دنيانا يوم ٢٨ سبتمبر من عام ١٩٧٠، يعنى مرت على وفاته مدة طويلة تصل، اليوم السبت ١٨ مارس ٢٠١٧، إلى ٤٦ عامًا، و٥ شهور و١٨ يومًا.
هل تعلم ماذا يعنى ذلك؟ يعنى أن ٤٦ عامًا كان نصفها يكفى لإصلاح ما ترونه فاسدًا، رغم أنه لم يكن كذلك.. العيب مش فى المجانية، فلا داعى للمغالطات المكشوفة، لأن العيب كل العيب فيما تعرضت له البلاد طوال تلك السنوات من سوء إدارة وفساد ذمم وانحياز سياسى ضد الغالبية وإهمال متعمد وعدم رصد الميزانيات اللازمة للإحلال والتجديد فى المستشفيات والوحدات الصحية.
ويكفى أن نذكر أن ١٢٨ دولة تنص فى دساتيرها على حق التعليم المجانى، خاصةً الأساسى منه، وهناك دول تنص دساتيرها على مجانية التعليم فى كل مراحله، بما فيها المرحلة الجامعية، ودول تؤكد على حق العلاج المجانى، فهل تدهورت أحوال التعليم والصحة عندها؟
ولأن وزير الصحة، زى ما إحنا عارفين طبيب، فيكفى أن أذكره بنموذج واحد فقط لا غير.. ولعله يعلم، والله أعلم، مدى التقدم الطبى فى كوبا، خاصةً طب العيون، ودستورها ينص على مجانية التعليم والعلاج بكل مستوياته لجميع الأعمار.. كوبا التى حاصرتها أمريكا على مدى أكثر من ٦٠ عامًا.. كوبا التى لم تلجأ لصندوق النقد إياه، واعتمدت على نفسها وهزمت الحصار وانتصرت للشعب رغم كل الصعاب.. كوبا يادكتور.. وصلت الرسالة؟
●●●
شخصيًا دماغى لفت «يمين وشمال» عندما قرأت ما قاله الوزير: «لا توجد دولة فى العالم قادرة على تحمل أعباء الصحة كما تحملتها مصر».. إزاى يا دكتور؟ فى أوروبا والدول المحترمة أنظمة للتأمين الصحى محترمة، وبريطانيا على سبيل المثال لا يتحمل فيها المريض سوى اشتراكه الشهرى، والدولة ترصد الميزانيات اللازمة من مصادر عديدة ولم نسمع أن أى خواجة هناك من أصحاب المال اعترض على ما يدفعه ضمن إيرادات التأمين الصحى البريطانى.. والتفاصيل كثيرة.
دكتور راضى صلى ع اللى يشفع فيك.. وسلامًا على الصابرين.